أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : افتقار مهارة الخطابة والحوار

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم.
كنت في الماضي متحدثا رسميا أستطيع التحدث في أي مناسبة، وأستطيع أن أشرح لزملائي الطلاب في الكلية، وفجـأة تغيـر الحال وأصبحت شديد الخجل ولا أستطيع أن أتكلم أو أناقش أحدا، وصرت أخجل من أي شخص أواجهـه، وأتجنب الحديث مع أي شخص، وانعزلت عن العالم تماماً، وصرت أفرح عند قدوم الخميس كي لا أُحرج في الكلية.

وقبل أسبوع حصلت معجزة حيث ذهب الخوف وأصبحت لا أعاني منه، ولكنه رجع لي بشدة وأصبحت أتعرق كثيـرا ولا أستطيع أن أتكلم، فماذا أفعل؟!

أفيدوني وجزاكم الله خيــراً.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن افتقاد مهارة المخاطبة والحوار في المواقف الاجتماعية بعد أن كانت في وضعها الطبيعي يشير إلى أنك قد تعرضت لموقف جعلك تتخوف وتهاب المخاطبة في أثناء المواقف الاجتماعية، وأنت قد لا تذكر هذا الموقف لأنه قد يكون بسيطاً للدرجة التي لم تجعلك تهتم به، والمخاوف تقريباً كلها مكتسبة وتكون نتيجة لخبرة أو تجربة سلبية مثل التي قد تكون حدثت لك ولكنك لا تستطيع أن تتذكر حادثة معينة - كما ذكرتُ لك -.

الذي تعاني منه هو نوع من الخوف الاجتماعي أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، وهي حالة من القلق تفقد الإنسان مقدراته أو يتهيأ له أنه قد افتقد مقدراته ومهاراته الاجتماعية المطلوبة للتفاعل مع موقف معين، وفي حالتك ربما يكون أيضاً حدث لك نوع من الاكتئاب الثانوي البسيط ولذا أصبحت مشغولاً ومهموماً بهذا الأمر، وهذا أيضاً يزيد من هذا الخوف أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي.

وكونك تحسنتَ في لحظة من اللحظات بعد الذي حدث لك ثم عادت لك الانتكاسة مرة أخرى هذا غالباً يكون مرتبطا بالمزاج لديك، فالإنسان إذا كان في لحظة غير قلق وحسن المزاج هذا يرفع من المقدرات والمهارات الاجتماعية مما يجعلك مقتدراً ومتمكناً للتعبير في تلك اللحظة.

والعلاج ليس بالصعب، وأعتقد في حالتك سيكون أكثر سهولة لأنك صاحب مقدرات ومهارات وخبرات سابقة فيما يخص التخاطب والتواصل مع الآخرين، والذي أنصحك به هو اتباع الخطوات الآتية:

(1) الثقة في مقدراتك، خاصة مقدراتك السابقة، لأنك كنت متحدثا رسميا وكنت تشرح لزملائك الطلاب في الفصل وفي الكلية، هذه المقدرة لا زلنا نعتقد أنها موجودة ولكن هذا القلق أو الخوف الظرفي هو الذي جعلها تختفي.

(2) أرجو أن ننبه وأن نذكرك أن الخوف الاجتماعي دائماً يعطي صاحبه مشاعر سلبية حول مقدراته وحول أدائه وتفاعله في الظرف الاجتماعي، ونقصد بذلك أن مشاعر العجز والخوف وعدم المقدرة على التعبير هي مشاعر مبالغ فيها أو أنها تظهر بزيادة لا تمثل حجمها الحقيقي.

(3) أرجو أن أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون بمراقبة أدائك، وأنت لست مرصودا من قبل أي أحد، ومشاعر الخوف والتلعثم هي التي تجعلك تفكر أنك ربما تفقد السيطرة على الموقف أو أنك عاجز في موقف اجتماعي معين يتطلب الحوار والتحدث مع الآخرين.

هذه النقاط الثلاث هي أساسيات ضرورية في العلاج السلوكي؛ لأن تصحيح المفاهيم الخاطئة مهم جدّاً لمواجهة ودرء هذه المشكلة.

يأتي بعد ذلك تطبيق العلاج السلوكي، ويتمثل في أنه لابد أن تعرض نفسك لهذه المواقف التي تحس فيها بالخوف دون أن تراقب نفسك أو تراقب أدائك، ولا تهرب من الموقف مطلقاً مهما زاد لديك مستوى الخوف والتوتر، هذه تسمى في علم النفس السلوكي بالتعريض مع منع الاستجابة.

ويمكنك أن تبدأ مباشرة وتطبيق هذا التمرين بما يعرف بالتعريض في الخيال، وهذا تمرين بسيط جدّاً ولكنه علمي ومفيد إذا طُبق بالصورة الصحيحة، من خلال هذا التمرين عليك أن تجلس في مكان هادئ وتخصص ربع ساعة إلى عشرين دقيقة لإنجاز التمرين من أجل إنجاز هذا التمرين بصورة صحيحة، وفي بداية التمرين عليك أن تتأمل وتركز تركيزاً دقيقاً في هذا التأمل وتتصور أنك تقوم بإلقاء عرض لموضوع معين أمام زملائك وبحضور الأساتذة.

أرجو أن تتخيل محتويات هذا الموضوع وتدخل في تفاصيلها وتخاطب نفسك بصورة واضحة كأنك أنت أمام الحضور من الذين ذكرناهم من أساتذة وطلاب.. هذا التمرين يتطلب التركيز والجدية وأن تكرره يومياً لمدة أسبوعين على الأقل، ويفضل أن تقوم بتسجيل ما سوف تسرده وتعرضه على زملائك، وبعد ذلك تقوم بالاستماع مرة أخرى لمحتوى ما قمت بتسجيله، وسوف تكتشف أن مقدراتك عالية جدّاً وأنك مقتدر وأن الخوف الذي يظهر عليك هو مضخم ومبالغ فيه.

بعد ذلك تحاول أن تحضر مواضيع معينة يفضل أن تكون مواضيع صغيرة في بداية الأمر، ثم تتحين الفرص التي تعرضها على زملائك الآخرين، وقصدك في هذا هو العلاج، وتحاول أن تكون ثابتاً وقوياً ومفوهاً كما كنت في السابق، وتذكر أنه لديك خبرة متراكمة عليك أن تستفيد منها في هذه اللحظة.

هذه التمارين - كما ذكرت لك - لابد أن تكرر وتطبق بصورة يومية، ولابد أن لا تهرب أبداً من هذه المواقف التي تتطلب المواجهة مع التأكيد والتركيز أنه لن يصيبك أي مكروه وأنك لن تفقد السيطرة ولن تتلعثم ولن تصاب بدوخة - كما يعتقد البعض -.

يأتي بعد ذلك تطبيق تمارين أخرى عامة وجد أنها جيدة، منها أن تصلي بالناس جماعة متى ما تحينت لك الفرصة لذلك، أن تمارس أي نوع من الرياضة الجماعية مع بقية زملائك مثل رياضة كرة القدم أو السلة، أن تحرص على حضور حلقات التلاوة لأنه فيها تفاعل اجتماعي من طراز فريد وممتاز جدّاً لعلاج الخوف الاجتماعي وشارك في جميع المناسبات الاجتماعية وكن دائماً في الصفوف الأولى.

يأتي بعد ذلك أن أصل لك علاجاً دوائياً؛ لأن النظريات العلمية تشير أيضاً إلى أن الخوف الاجتماعي له أسس بيولوجية تنحصر في اضطراب يحدث لبعض المواد الكيميائية في الدماغ، وهذه المواد تسمى بالمرسلات العصبية، خاصة المادة التي تسمى باسم (سيروتونين Serotonin)، ومن أفضل الأدوية التي ننصح باستعمالها عقار يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة) ليلاً - يفضل تناوله بعد الأكل - واستمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم إلى نصف حبة كل يومين لمدة عشرة أيام ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء من الأدوية السليمة والفعالة، والجرعة التي وصفناها لك تعتبر جرعة صغيرة، حيث إن هذا الدواء يمكن تناوله بمعدل حتى أربع حبات في اليوم، ولكنَّ حالتك بسيطة ولن تتطلب هذه الجرعة الكبيرة، وبتطبيقك للإرشادات السلوكية السابقة وتناول جرعة الدواء سوف تجد إن شاء الله أن حالتك قد تحسنت ومزاجك أصبح أكثر استرخاءً وانشراحاً، وأنك أصبحت في وضع تحاور وتواجه فيه هذه المواقف الاجتماعية دون أي خلل أو نقصان في مهاراتك التخاطبية.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج الخجل سلوكياً في الاستشارات التالية: (267019-1193-226256-259955)، والرهاب: (259576-261344-263699-264538)، نسأل الله لك العافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1743 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
أشعر بضعف الشخصية خارج البيت وأمام الناس، فما الحل؟ 1500 الاثنين 10-08-2020 02:36 صـ
أنا شاب أعاني من الخجل والكسل، فكيف أتخلص منهما؟ 2092 الاثنين 06-04-2020 05:56 صـ
أجاهد نفسي كي أتخلص من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 2671 الاثنين 30-03-2020 04:36 صـ
أصبت فجأة برهاب وتلعثم وتعرق وتكررت هذه النوبات، فما الحل؟ 3366 الاثنين 07-10-2019 02:54 صـ