أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : ضيق وقلق وخجل في بعض المواقف

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا خجولة جداً وهادئة، ولكن مشكلتي بدأت في المرحلة الإعدادية، حيث زاد عندي الخجل، وفي المرحلة الثانوية أصبحت أشعر بالضيق والبكاء، ودائماً أشعر بالوحدة وأصبحت انطوائية لدرجة أنني لم أعد أتكلم حتى في البيت عند أهلي، التحقت بالجامعة رغماً عني، فلم يكن أمامي إلا تخصص الرياضة وأصررت على الدخول فيه حتى أواجه نفسي، ولكني فشلت وتأخرت ثم عدت وواصلت، ولكن تحت ضغط دائم وتوتر؛ لأن هذا التخصص يتطلب الجرأة والمواجهة العملية. وواصلت بمساعدة أصدقائي مع أني اختلقت أعذاراً كثيرة وتهربت مراراً، وتخرجت بعد المواجهة الصعبة في التدرب العملي، ولكني لم أستطع العمل منذ أربع سنوات، حيث أخشى العمل، وخاصة وحدي، وقد بحثت عن عمل جماعي ولم أجد، ويصيبني خوف وألم شديد في البطن وفقد للشهية، وعند الرغبة في الخروج من البيت عندما يكون لدي مقابلة أو حفل أو فأكره العمل.

وهذه الأعراض ليست بجديدة علي، ولكنها رافقتني في الجامعة بشكل يومي تقريباً أو عندما يكون هناك عمل، كما لا أستطيع التحدث بالهاتف أمام أحد، ومع كل ذلك أشعر بالجرأة في مواقف أخرى، بمعنى أنني لا أخجل من التحدث مع الغرباء، ولو كانت مجموعة أو استقبال ضيوف أو خدمة الناس، أشعر دائماً بالضيق والقلق عندما تكون هناك مناسبة ويتطلب مني أن ألبس وأتعدل، ولكن يذهب هذا الإحساس بمجرد البدأ بالإعداد للحفل، هذا تقريباً كل شيء.

ولكم جزيل الشكر.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الإفادة التي وردت في رسالتك واضحة ومعبرة جدّاً، وهي تدل في مجملها أن شخصيتك منذ البداية تحمل سمات الهدوء والخجل وربما الحياء، ولا شك أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، أما بالنسبة للخجل فهو علة نفسية تتفاوت من إنسان إلى آخر، ويستطيع الإنسان أن يتفادى الخجل ويعالجه وذلك بالمواجهة، والنضوج الاجتماعي والنضوج الفكري، وحتى النضوج الأكاديمي وممارسة الحياة واكتساب خبراتها دائماً تساعد الناس في الخروج من الخجل والانطوائية، بعد ذلك الحمد لله أنت استطعت الإنجاز بصورة ممتازة وهو التخرج، بالرغم من المعاناة التي تعرضت لها في أيام الدراسة، ولكن في نهاية الأمر نقول لك مبروك، والحمد لله كفيت ووفيت وأنجزت، وهذا هو المطلوب في نهاية الأمر.

دائماً أحب أن أؤكد على إنجازات الناس؛ لأن هذا أمر ضروري جدّاً، والإنسان حين يتذكر ويستشعر ما أنجزه في هذه الدنيا وما قام به وما اكتسبه من معارف هذا رصيد ممتاز، والتميز والتفوق التعليمي دائماً أمر يطور شخصية الإنسان، والإنسان يمكن أن يفقد كل شيء في هذه الدنيا ما عدا علمه ودينه، فهذه تظل معك إن شاء الله، فإن شاء الله ما اكتسبته من علم لا شك أنه نافع ونسأل الله تعالى أن يسهل لك أمر العمل فيما يناسبك.

من الواضح في رسالتك أنك تعانين من درجة بسيطة مما يسمى بالرهاب أو الخوف الاجتماعي، ليس بالدرجة المزعجة أو المطبقة أو التي لا رجعة فيها، أعتقد أن حالتك بسيطة، وقد أعجبني من الناحية التشخيصية ما ذكرته أنك لا تستطيعين التحدث بالهاتف أمام أحد، فهذه أحد السمات التي نشاهدها في حالات الرهاب الاجتماعي ولكن الكثير قد يغفل عنها وقد لا يذكرها.

أريدك أن تكوني أكثر قناعة بمقدراتك، أنت لديك مقدرات، وأود أن أؤكد لك أن الشعور السلبي الذي يأتيك من الرهاب الاجتماعي والذي دائماً يعطيك شعوراً بعدم الكفاءة الاجتماعية، هذا الشعور ليس صحيحاً، والأمر الآخر أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك أبداً، ولن تفشلي أبداً إن شاء الله أمام أحد، ولن تفقدي السيطرة على المواقف، أنا أعرف أن هذه علة أساسية يعاني منها الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي وجميع أنواع الاضطراب والمخاوف ذات الصبغة القلقية، فأنا أؤكد لك هذه الحقائق وهذه يجب أن تكون فاتحة جيدة لك للاقتناع بأن حالتك بسيطة.

القانون الذهبي لدى علماء السلوك هو أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر خوفه دون أن ينسحب أو دون أن يستجيب استجابة سلبية، وأريد أن أدعوك لتطبيق هذه التمارين، وهي بسيطة وواضحة وتتطلب الالتزام، فهنالك تمرين يسمى بالتعريض أو التعرض في الخيال، بمعنى أن تتأملي أنك أمام مجموعة من الناس مثلاً وتقدمين عرضاً لموضوع معين وقد تجمع الناس من جميع مرافق الحياة للاستماع إليك، عيشي هذا الخيال بتركيز ودقة لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة، وفي اليوم الثاني انتقلي إلى خيال آخر أنه لديكم عدد كبير من الضيوف وفيهم الغرباء وقد رشحتك الأسرة أن تكوني أنت المستقبلة للناس، وهكذا، عيشي خيالاً آخر وهو أنك قابلت مجموعة من النسوة في مناسبة اجتماعية وطلبوا منك أن تتحدثي مثلاً في موضوع في مجال تخصصك، أو طلب منك أن تلقي درساً ومواعظ جيدة للنساء فيما يخص فقه النساء، وهكذا، إذن عيشي هذا الخيال بتركيز وقناعة بأنه مفيد لأنه نوع من التعريض، والتعريض في نهاية الأمر يؤدي إلى تعديل السلوك.

بعد ذلك ابدئي في التطبيق، أكثري من المواجهات في المواقف التي تحسين فيها بأنك غير مرتاحة، لا تتجنبيها، المواقف في بداية الأمر سوف تسبب لك بعض القلق وبعض التوتر، ولكن باستمرارك في المواجهة سوف يظل مستوى القلق كما هو، وبالمزيد من الاستمرار في المواجهة سوف يبدأ القلق في الانحسار حتى ينتهي تماماً، هذه التمارين يجب أن تطبق يومياً، وكما ذكرت لك يجب أن تكون لديك القناعة التامة بأنها مفيدة.

العلماء وجدوا أيضاً أن تطبيق تمارين الاسترخاء يفيد؛ لأن الاسترخاء مضاد للقلق، وبما أنك موجودة في دولة قطر أقول لك: يمكنك أن تذهبي إلى مكتبة جرير أو مكتبة الأمة للصوتيات في شارع السد خلف كنتاكي، وتتحصلي على أحد الأشرطة التي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وهنالك شريط جيد جدّاً للدكتور نجيب الرفاعي وشريط آخر للسيدة حنان عيسى عبد الظاهر، ومن المهم أن تطبقي هذه التمارين وسوف تجدين فيها إن شاء الله فائدة كبيرة جدّاً.

هناك أيضاً نوع من الممارسات التي ترفع المعدل المهاري للإنسان، وحين ترتفع المهارات لا شك أن الخوف والرهاب الاجتماعي سوف يقل، على سبيل المثال: الانضمام للعمل التطوعي وجد أنه يفيد جدّاً في علاج القلق الاجتماعي، وبفضل الله في قطر توجد الكثير من الجمعيات والمنظمات التي تشجع على العمل التطوعي والعمل الخيري، فأرجو أن تجعلي لنفسك نصيباً من هذا الأمر.

هناك أيضاً مراكز التحفيظ وتلاوة القرآن، فجزى الله خيراً القائمين على هذه المراكز، فهي الحمد لله فيها خيري الدنيا والآخرة، فعليك بأن تسجلي في أحد هذه المراكز وسوف تجدين أن المحيط الذي حولك يبعث على الطمأنينة، وهذا لا شك علاج ناجع وفاعل للقلق والخوف الاجتماعي.

بقي بعد ذلك أن أصف لك أحد الأدوية المضادة للخوف والرهاب الاجتماعي، وفي نظري أنت في حاجة لجرعة صغيرة؛ لأن حالتك بسيطة، الدواء يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline) وهو متوفر في الصيدليات ولا يتطلب وصفة طبية، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً – أي حبة واحدة – يومياً ليلاً بعد الأكل لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، والسيرترالين من الأدوية الفعالة والسليمة وغير الإدمانية، وإن شاء الله سوف تجدين فيه خيراً كثيراً.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي للرهاب في الاستشارات التالية: (259576 - 261344 - 263699 - 264538)، نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1667 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1233 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2326 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1649 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3525 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ