أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الخوف التوقعي الزائد وقلق المخاوف الناشئ منذ الصغر وطريقة العلاج

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب إذا واجهتني أبسط مشكلة أشعر بالخوف والرعب، وكأن الدنيا انقلبت على رأسي، والسبب يعود إلى أني تعرضت لعدة مواقف منذ الصغر خفت فيها خوفاً شديداً، وذلك بعد وفاة أحد إخواني، وقبل أربع سنوات رفع أحد الأشخاص سلاحه علي فخفت خوفاً شديداً استمر معي قرابة ستة أشهر، وصرت أخاف حتى من ظلي.

وقد ذهبت إلى طبيب نفسي وشرحت له الحالة فوصف لي علاجاً اسمه زوزرت أبو 50 ودينكست، والآن هدأت حالتي ولله الحمد، لكني أتوقع عند حدوث أبسط مشكلة أن تعود حالتي لسابق عهدها، فهل من علاج آخر يبعد عني الخوف نهائياً؟ علماً بأني أستخدم العلاج السابق كلما دعت الحاجة إليه، فهل العلاج آمن أم أنه قد يضر بصحتي؟!

أفيدوني جزاكم الله ألف خير.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن كل إنسان حين يواجه مشكلة ربما يحس بنوع من القلق والتوتر ويكون لديه ما نسميه بالخوف التوقعي وعدم الشعور بالطمأنينة، هذا التفاعل يتفاوت من إنسان إلى آخر، البعض لديه درجة كبيرة من التحمل، والآخرون لديهم درجة أقل من التحمل، وربما تكون أنت واحداً من هؤلاء الذين تكون إثارة القلق لديهم مرتفعة لأقل التفاعلات السالبة وغير المواتية.

أنت لديك ما نسميه بالقلق التوقعي كما ذكرت لك، ولديك أيضاً قلق المخاوف، وقلق المخاوف الذي نشأ منذ الصغر واستمر معك بعد ذلك، ومن الواضح أنك لم تحاول أن تقاومه أو تتخلص منه، ربما يكون ذلك مرتبطاً بالمرحلة العمرية، والعلاج يتمثل في:

(1) أن تعيد تقدير ذاتك، افهم أن القلق والتوتر هي طبيعة من طبائع البشر، ولكن في ذات الوقت عليك أن تعلم وأن تتذكر وأن تقدر أنك تملك في داخل نفسك مقدرات داخلية مختبئة تستطيع من خلالها أن تقاوم هذا الخوف وهذا التوتر، وهذا يأتي بتحقير فكرة الخوف في حد ذاتها، قل لنفسك: (ما الذي يجعلني أخاف؟ أنا مثل بقية الناس، الخوف ما هو إلا عبارة عن قلق سلبي وأنا لا أود أن أكون سلبياً، أنا سوف أقبل درجة معقولة من القلق ومن الخوف لأن في ذلك حماية لي، ولكني لن أبالغ في استشعاري هذا الخوف).

هذا تمرين نفسي يتطلب المواظبة ويتطلب أن تشعر به كحقيقة ماثلة أمامك، وكما ذكرت لك أي إنسان لديه طاقة نفسية كامنة مختبئة إذا سخرها ووجهها بصورة جيدة وإيجابية تؤدي إن شاء الله إلى اختفاء الأعراض النفسية السلبية.

(2) أن تقوم بإجراء جلسات وتمارين سلوكية، هذه التمارين أيضاً تتطلب التوجه نحوها بجدية وقناعة بأنها مفيدة، وأن تخصص لها وقتاً لا يقل عن ربع ساعة في اليوم على الأقل، وفي هذه الجلسات النفسية تخيل وتصور أنك في موقف يتطلب المواجهة، في موقف يتطلب إنقاذ الآخرين، في موقف قد لا يتحمله أي إنسان، وعش هذه المواقف، عشها وانقلها أمام ناظريك كأنها واقع معاش.. هذا نسميه بالتعريض في الخيال، أي أنك تعرض نفسك للموقف في الخيال.

وفي ذات الوقت حاول أن تعيش ذكريات وقصص البطولات، تذكر حياة الصحابة، تذكر الفرسان والشجعان من أمتنا، وقل لنفسك (لماذا لا أجعلهم قدوة لي وأتمثل بمنهجهم)، هذا أيضاً علاج معرفي وعلاج ذهني مطلوب وهو يغير الإنسان إذا أدركه الإنسان بجدية.

(3) هناك علاج تطبيقي جيد ولكن هذا يتطلب وجود معالج ويتطلب وجود أطراف آخرين، وهو ما نسميه بـ (سيكودراما Psychodrama) أو (الدراما النفسية) أو ما يمكن أن نسميه بـ (تمثيل ولعب الأدوار)، هذا يتطلب عملاً دراميا بسيطاً – إذا جاز التعبير – هذا العمل الدرامي يكون فيه بطل، وهذا البطل يجب أن يكون مقتحماً وقوياً وحامياً لظهر الآخرين، وتلعب أنت هذا الدور ويكون معك من يلعب الأدوار الأخرى.. هذا علاج وعلاج جيد وفعال ولكنه يتطلب إمكانيات.

(4) أن تتخذ قدوة من أصدقائك الخيرين والطيبين والملتزمين الذين ترى فيهم السمات الطيبة السمات الإيمانية سمات التوكل والقوة والصبر، هذا أيضاً يساعدك كثيراً.

(5) أن تجعل لحياتك معنىً وذلك باستثمارها بصورة صحيحة، قسم وقتك بصورة صحيحة، كن لك فعاليات، طور نفسك في عملك، لا تحصر نفسك في رتابة الوظيفة، إنما حاول أن توسع من آفاقك، من تواصلك، أنت تعمل مندوب مشتريات وهذه وظيفة تتطلب الحنكة والفطنة والتواصل والتحاور مع الآخرين، هذه فرصة علاجية جيدة لك، أن تطور مهاراتك ومقدراتك من خلالها.

بقي أن أقول لك أن العلاج الدوائي لا شك أنه يساعد، والدواء الذي وصفه لك الطبيب وهو (زوزرت ابو) هذا اسم تجاري غير معلوم لديَّ، ولكن بما أن الجرعة هي خمسون أقول لك غالباً هذا الدواء هو العقار الذي نسميه تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline).

أرجو أن تتأكد من الاسم العلمي إذا كان مطابقاً لاسم الدواء الذي تتناوله، فأقول لك أن هذا من أجمل الأدوية ومن أسلمها، ويعرف أنه مضاد للقلق وللتوتر والمخاوف، وهو غير إدماني وغير تعودي، ويمكنك أن تستمر عليه لفترة طويلة.

هذا الدواء لا ننصح باستعماله عند اللزوم، هذا ليس هو المنهج الصحيح، إنما يستعمل باستمرار يمكن أن نقول لسنة أو لسنين في مثل حالتك، وبعد ذلك يمكن التوقف عنه.

أما الدواء الآخر وهو (ودينكست) هذا دواء معروف وهو علاج بسيط جدّاً ومضاد للقلق وجيد جدّاً، وهذا يمكن أن يستعمل عند اللزوم، ولكن الدواء الآخر (Sertraline) يجب أن يستعمل باستمرارية.

وعليك أن تسعى أيضاً لممارسة الرياضة، وأن تنضم للأعمال التطوعية والخيرية، هذه تساعد على البناء النفسي، تحسن الكيان الوجداني للإنسان، وتُشعر الإنسان بالرضى، ولا شك أن هذه وسيلة من وسائل التأهيل النفسي، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الأرق ومجموعة أعراض باطنية؟ 868 الأحد 16-08-2020 06:13 صـ
أنا منهارة تماما، وأحتاج لدواء نفسي! 900 الأحد 16-08-2020 04:09 صـ
تشوش الأفكار والقلق ما علاجها؟ 774 الأحد 16-08-2020 01:42 صـ
أعاني من القلق ولا أدري ما سببه؟ وكيف يمكن علاجه؟ 635 الأحد 16-08-2020 02:32 صـ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1563 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ