أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الخوف من الموت وترقب المستقبل والتأثيرات العضوية لذلك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الخوف من الموت والأمور المستقبلية، وتسارع ضربات القلب، ووخزة شديدة جهة القلب، لدرجة أني أضع يدي من قوتها، من هنا تبدأ حالة الخوف، وأنني سوف أموت الآن، وضيق في التنفس، وأعاني من الساعات الطويلة في الطائرة والسيارة.
وقد كانت لي فرصة دراسية في الخارج ولكن الحالة التي أنا فيها منعتني من السفر لطول الرحلة، وتراودني أفكار أنه سوف تأتيني الحالة ولا أحد من أقاربي قريب مني، وأني أموت ولا أراهم.
وبعض الأحيان تأتيني الحالة في قاعة الدرس عن طريق تسارع دقات القلب، وقبلها كانت حالتي طبيعية، وبعدها أبدأ أفكر بالموت، وأبدأ أتحسس قلبي، ولا أستطيع أن أركّز في القاعة، لدرجة أني أستأذن من الأستاذ وأذهب إلى البيت، مع العلم أني أعزب، وأهلي في منطقة وأنا في منطقة.
وقد ذهبت لأحد الدكاترة النفسانيين ووصف لي دواء (لوسترال) استمريت عليه مدة سنتين تقريباً وتركته من شهرين فرجعت الحالة، علماً بأن هذه الحالة مرت على أختي الكبرى 25 سنة، وأخي الأصغر 19 سنة.
وجزاكم الله خير الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن حالتك من الحالات البسيطة، ونشخصها بأنها حالة ما يعرف بقلق المخاوف، وهو من الحالات المنتشرة جدّاً وقد تكاثرت في هذا الزمان، وأقول لك أن القلق هو حالة مكتسبة ربما تلعب شخصية الإنسان دورا في ذلك، بمعنى آخر: أن المكونات التكوينية الداخلية في الإنسان قد تلعب دورا في حدوث هذا النوع من القلق والمخاوف متى ما أتيحت فرصة لذلك.
المخاوف تعالج بالتجاهل وبأن تحقرها، وسيكون أيضاً من المفيد لك أن تعرف أن تسارع ضربات القلب ما هو إلا عملية فسيولوجية بحتة ناتجة من إفراز بعض المواد الكيميائية التي تؤدي إلى تنشيط القلب وتسارعه، أما الوخز الشديد في جهة القلب فهذا ناتج من انقباضات عضلية في الصدر وليس أكثر من ذلك، وكذلك أيضاً ضيق التنفس ينتج من الانقباضات العضلية.
أصبح لديك مخاوف متعددة مثل الخوف من الموت، وكذلك الخوف من الطائرة والسيارة، خاصة في المسافات الطويلة، وهذا ليس مستغرباً؛ لأن المخاوف قد تتشكل وقد تتلون وقد تتعدد، ولكنها كلها تأتي تحت القلق وليس أكثر من ذلك.
مبدأ العلاج واحد وهو – كما ذكرت لك – أن تحقَّر هذه الوساوس وألا تعيرها اهتماماً أبداً، وأن تقارن نفسك بالذين يركبون هذه الطائرات ليل نهار، ولا شك أن الطائرات أأمن من غيرها من وسائل المواصلات، وعليك الالتزام دائماً بدعاء الركوب، هذا يبعث الطمأنينة، ولا شك أن تلاوة القرآن داخل الطائرة أيضاً باعثة على طمأنينة، ويعرف أن سلامة الطائرات دائماً أفضل وأضمن حينما ترتفع في الجو، إذن مهما طالت المسافة فلن يحدث أي شيء؛ لأن هذا هو الوقت الذي تكون فيه الطائرة في أحسن حالات الأداء ولا توجد أي مخاطر بإذن الله.
الخوف من الموت لا شك أنه أمر مشروع، وكل الناس تكره الموت، ولكن يجب أن نعلم – وأعرف أنك تعلم – أن الموت حقيقة، وأن الخوف منه لا يقدم ولا يؤخر في عمر الإنسان لحظة واحدة، وهذا النوع من الخوف ليس ناتجاً من ضعف في الإيمان، ولكنه خوف مرضي، بمعنى أن الفكرة قد التصقت وتعلقت لديك وهي ناتجة من القلق.
أقول لك أنه أيضاً ممارسة ما يعرف بتمارين الاسترخاء مفيدة وجيدة جدّاً، وبفضل الله تعالى توجد في المكتبات الكبيرة أشرطة وكتيبات وسيديهات توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو الحصول على هذه الوسائط التي تشرح تمارين الاسترخاء وتطبيقها حسب ما هو مطلوب، أو يمكنك التواصل مع أخصائي نفسي – وليس طبيباً نفسياً – لتدريبك على هذه التمارين.
لابد أن توسع أيضاً من نشاطاتك الاجتماعية وأن يكون لك حضور، وأن تتواصل مع الآخرين، وأن تكون حريصاً على أداء صلاتك في المسجد في الصف الأول، هذا كله يعطي رباطة الجأش ويجعل الإنسان يقاوم هذا القلق وهذه المخاوف.. كذلك أيضاً حضور حلقات التلاوة هو أيضاً مفيد، وكذلك ممارسة الرياضة الجماعية أيضاً تفيدك كثيراً.
أنصحك بأن تركز على دراستك الجامعية وتذكر نفسك دائماً أنك لابد أن تكون من المتميزين؛ لأن الإنسان حين يشغل نفسه بما هو مفيد تتساقط هذه المخاوف وهذا النوع من القلق.
بقي أن أقول لك أن العلاج الدوائي لا شك أنه مطلوب في حالتك، واللسترال دواء مفيد ولكن أعتقد أن العقار الأنسب بالنسبة لك هو الدواء الذي يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، فيمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً لمدة عام، ثم تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة عام آخر، ثم إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.
يتميز هذا الدواء بأنه من أفضل الأدوية المضادة للمخاوف ومزيل للقلق ومحسن للمزاج، كما أنه يقسم الأفكار الوسواسية ويؤدي إلى تحسن كبير في المزاج.
اللسترال أنا لا أعيب عليه أي شيء، وهو دواء جيد، ورجوع الأعراض لك بعد شهرين هذا ليس عيباً في الدواء، ولكنه دليل على أنك لديك الاستعداد للإصابة بالمخاوف، كما أنك لم تطبق الإرشادات السلوكية ولم تدعمه وذلك بالمواظبة على المواجهة وتحقير فكرة الخوف، فأرجو أن تكون حريصاً على ذلك.
ولا شك أن وجود حالات مماثلة في الأسرة يدل على أن النواحي التكوينية في شخصيتك قد لعبت دورا في حدوث هذه الحالة، ولكن هذا قطعاً لن يعطل إن شاء الله تحسنك وأن تتمتع بصحة نفسية عالية.
ويمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات حول علاج الخوف من الموت سلوكياً : (261797-263659-263760-272262-269199)، وعلاج الخوف من المجهول سلوكياً : (261797 - 263284)، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |