أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : نصائح لفتاة في ردها أذى أقاربها وقطيعتهم لها
أنا مشكلتي أني أحب أتعامل مع أقاربي بلطف وحسن خلق وأساعدهم، ولكن إن آذاني أحد لا أسكت بل أرد عليه، لكن دون خصام، بل بالإقناع مع نوع من الحدة، وبعدها يطلبون السماح مني وأسامحهم، لكن بعدها يقاطعونني فأحس بالذنب وألوم نفسي أني تكلمت؛ لأني لا أحب أن يكرهني أحد، وأحب أن أصالحهم لكن أخاف أن يظنوا أني ضعيفة الشخصية.
مع العلم أني أحب أن أقول الحق إن رأيت ظلماً.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نرمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقك لكل خير، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يرزقك الحلم والعفو والصفح، وأن يكرمنا وإياك بحسن الخلق، وأن يمنَّ علينا وعليك بأخلاق النبي الكريم محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم وحب الصالحين من عباده، وأن يجعلنا من أحبابه، وأن يضع لنا القبول بين عباده، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك فأقول لك أختي الكريمة الفاضلة: إن حسن الخلق قطعاً شيء عظيم، وإن الإنسان الذي يحافظ على كرامة نفسه ليس بمخالف لشرع الله تعالى، بل إن الإنسان مطالب أن يحترم نفسه حتى يحترمه من يتعامل معه، ومطالب أيضاً أن يدفع عن نفسه السوء وأن يدفع عن نفسه المواقف المشينة، أو الذل الذي من الممكن أن يدفعه، وأن يرد الإهانة عن نفسه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولو أننا - أختنا نرمان – كلما أساء إلينا أحد واجهناه بحدة وشدة -أو مع نوع من الحدة كما ذكرت- فسوف يترتب عليه فعلاً أننا سنفقد كثيراً من الناس؛ لأن هذا الأسلوب قد يصلح مع بعض الأفراد ولا يصلح مع البعض الآخر.
نعم أنا من حقي أن أدافع عن نفسي، ولكن هناك أيضاً حقوق رتبها الشرع ورتبها الوضع والعرف وهي القرابة ودرجات القرابة، فهناك أشخاص حتى وإن أساءوا قد يكون من الأولى عدم الرد عليهم حتى وإن كان بنوع من الإقناع وعدم الحدة؛ لأن منزلتهم أسمى من أن آخذ حقي منهم، وأنا أدع الأمر لله سبحانه وتعالى على اعتبار أنهم قرابات لهم منازل، وأخشى إن أخذت الحق من كل أحد من أقاربي أن يترتب عليه قطع الرحم والقطيعة بيني وبينهم، مما يفقدني قدراً أكبر من الأجر والثواب.
نعم إن رددت السيئة وحاولت الدفاع عن نفسك فهذا من حقك، ولكن قد يترتب عليه مقاطعة الناس لك جميعاً، مما يترتب عليه كذلك أيضاً خسارتك لكثير من الحسنات إذا كانت هناك علاقات قائمة، وعموماً أقول لك أختي الكريمة الفاضلة -خاصة في العلاقات ما بين الأقارب- ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه: (
وبهذا الهدوء وبهذا الأسلوب سوف تكونين أقوى مما أنت عليه الآن، أنت الآن ما إن يؤذيك أحد حتى تقومي بالدفاع عن نفسك بدون خصام وبالإقناع ولكن مع نوع من الحدة، ويترتب على ذلك أنهم لا يحبون هذا الأسلوب في التعامل: إذن أقول: جربي - بارك الله فيك – الهدي النبوي: أعفو عمن ظلمني، أعطي من حرمني، أصل من قطعني، أحسن إلى من أساء إلي.
بهذه الكيفية - بارك الله فيك – أرى أنك ستكسبين أكثر، ما دام أسلوبك الحالي هذا الآن يترتب عليه مقاطعة الناس لك، حتى إنك لتشعرين بالذنب وتلومين نفسك، فأقول لك: جربي هدي النبي صلى الله عليه وسلم لا تردي على أحد أي إساءة، وهذا ليس ضعفاً - أختي نرمان – ولكن هو هدي نبيك صلى الله عليه وسلم، ومن صفاته أنه كان لا يرد السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، وهذا إنما هو من أهم صفات كبار الشخصية وعظماء النفوس أنهم لا يشغلون أنفسهم بهذه التفاهات، بل إذا أساء أي إنسان إليك فقولي له: (غفر الله لك، أصلح الله حالك، عفا الله عنك) ولا تردي عليه، هذه صدقيني ليست صفات الشخصية الضعيفة، وإنما الشخصية القوية؛ لأن القوي دائماً هو الذي يعفو، أما الضعيف فهو الذي يجتهد ويحاول أن يرد عن نفسه سواء كان بأسلوب مشروع أو غير مشروع.
نعم قد يكون من حقك أن تدافعي عن نفسك، ولكن أعظم من الدفاع عن نفسك أن يتولى الملك سبحانه وتعالى الدفاع عنك، وهذه قصة وردت في السنة (
إذن الشاهد هنا أنك عندما تردين السيئة بالحسنة فإن الله يتولى الدفاع عنك، أما عندما تدافعين عن نفسك فقطعاً إن الشيطان هو الذي سوف يحضر، والدليل على ذلك أنك تحاولين الرد مع نوع من الحدة، وهذه الحدة صورة من صور الغضب، والغضب لا يكون إلا من الشيطان، فأنصحك ونفسي بارك الله فيك حتى تكسبي الأجر كله ألا تردي على أحد، حتى وإن قالوا عنك بأنك ضعيفة، دعيهم يقولون ما شاءوا، المهم أن تكسبي أنت الأجر والثواب ورضوان الله تعالى، وألا يغضب منك أحد وألا يقاطعك أحد، وأعتقد أن هذا ما تبحثين عنه.
أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يحسن أخلاقنا وأخلاق المسلمين جميعاً، وأن يهدينا صراطه المستقيم.
هذا وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
كيف أقنع أهلي بحرمة مصافحة النساء؟ | 1288 | الأربعاء 18-09-2019 02:26 صـ |
كيف يمكنني مساعدة أهلي في التوبة عن التجاوزات والمنكر الذي يحدث في بيتنا؟ | 3862 | الخميس 16-05-2019 09:45 صـ |
بسبب النهي عن الغيبة وقعت في العقوق وقطع الرحم.. فما الحل؟ | 3441 | الثلاثاء 27-10-2015 05:33 صـ |