أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : رهاب التحدث أمام الناس

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم

بدأت مشكلتي عندما طلب مني أستاذي القراءة أمام الطلاب عندما انتقلت إلى مدرسة جديدة في الصف الأول الثانوي، فارتبكت ولم أستطع إكمال القراءة، مع أنني كنت قبل هذا الحدث أخرج للإذاعة المدرسية، وأعتقد السبب هو تغير جنسية الطلاب في البلد الذي كنت أنا أجنبياً عنه، وكان أبي دائماً يحذرني من هؤلاء الطلاب.

وصرت أعاني من حالة رهاب التحدث أمام الناس، ولكن لاحظت أنها بأساليب الاسترخاء والتنفس تخف أعراضها.

ولكن الذي يحيّرني أنه أحياناً تظهر عليّ الأعراض، وأحياناً لا، مثلاً صليت أمام 10 أشخاص بطلاقة وفي اليوم الثاني جاءتني الأعراض، لا أعرف لماذا ومثل هذه المواقف كثيرة؟!

إلى أن قررت في الأول جامعة أن أذهب إلى طبيب نفسي فوصف لي زولوسير50 كل يوم لمدة شهر، وبعدها كتبت على السبورة أمام 100 طالب بشيء بسيط من التوتر، ثم رفعها لي إلى 100 وأعطاني معها انديرال حبتين عند اللزوم، وحبة البانكس أيضاً عند اللزوم، ولكن مشكلتي الآن هي أن تنفسي مصطنع - إرادي دائماً - لا أستطيع جعله لا إرادياً، وهذا الشيء أتعبني كثيراً، بالإضافة لشعور الخوف في معدتي أصبح دائماً في الفترة الأخيرة حتى ولو كنت وحدي، مع أنني كثيراً ما حاولت أن أسترخي، وأمارس التنفس الصحيح، ولكن دون جدوى!

وأيضاً أجد صعوبة كبيرة في الاسترخاء والتخيل بسبب تنفسي، علماً أنني ذهبت للطبيب وأوصاني بترك التدخين فقط، فما رأيكم في مشكلتي؟ وهل أخذ البانكس وانديرال باستمرار - أي يومياً - يسببان أضراراً؛ حيث أني ارتحت عليهم
(لاحظت أن الحرية النفسية أو العلاج بالطاقة مفيدة جداً).

أرجو مساعدتي وجعلها الله في ميزان حسناتكم وجزاكم الله كل خير.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Same حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالتك بسيطة جدّاً، وقد سرني كثيراً أنك متفهم لحالتك بصورة واضحة، كما أنك تطبق آليات العلاج بصورة معقولة جدّاً، أنت تعاني من قلق أو رهاب اجتماعي ظرفي، ونقصد بذلك أنه ليس بالنوع المطبق، وأنت في نفس الوقت استطعت - الحمد لله - أن تطور الكثير من الآليات العلاجية التي نراها مفيدة لك.

الخوف الاجتماعي لا يعني أبداً أن الإنسان جبان أو هناك ضعف في شخصيتك أو أن هنالك قلة في إيمانك، هو شعور مكتسب ونوع من القلق المكتسب يأتي في ظرف معين، ومن الأشياء التي تزيده هو المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس، ومن أهم هذه المفاهيم الخاطئة هو الاعتقاد أن الآخرين يقومون بمراقبة الشخص بصورة شديدة ومركزة، والبعض يأتيه الاعتقاد أنه سوف يفقد السيطرة على الموقف أو أنه سيتلعثم أو تأتيه رعشة ورجفة ويتعرق أمام الآخرين... هذا الشعور هو ليس بالصحيح أو ليس بالدقيق، بمعنى أن الأعراض يتحسسها الإنسان بصورة مبالغ فيها، فأرجو أن تتفهم هذه النقطة لأنها حقيقة جزء مهم جدّاً من العلاج.

الشق الآخر في العلاج هو المواجهة، وأنت - الحمد لله - الآن أصبحت تواجه، وعليك أن تكثر من هذه المواجهات ولا تراقب نفسك مطلقاً حين تؤدي أي نشاط سواء كان عرضاً لبقية الطلاب أو إلقاء محاضرة أو مناقشة أو هكذا، لا تراقب نفسك مطلقاً.

وأنت ركزت على نقطة أنك لا تتنفس بصورة إرادة، وأنا أقول: أنت تتنفس بصورة إرادية، ولكن شدة تركيزك ومراقبتك على وظائفك الفسيولوجية هي التي جعلتك تعتقد أنك لا تتنفس بصورة إرادية.

أقول لك: هنالك حيلة نفسية بسيطة لو حاولت أن تطبقها سوف تستفيد كثيراً: أعرف أن التنفس هي عملية إرادية لدرجة كبيرة، وتصور نفسك وأنت في وضع النوم، حين تكون نائماً أنت تتنفس، وهذا التنفس لا إرادي بصورة كاملة، قل لنفسك: (بما أنني - الحمد لله - أتنفس في أثناء النوم وبصورة لا إرادية كاملة فأيضاً تنفسي هنا هو أيضاً لا إرادي وليس أكثر من ذلك ولن أراقب نفسي مطلقاً).

بجانب ذلك عليك أن تركز على تمارين الاسترخاء وعليك أن تتدرب عليها تدرباً دقيقاً، ونصيحتي أن يقوم أحد المهنيين بتدريبك على هذه التمارين، وأفضل من يدربك عليها هم الأخصائيون النفسيون وليس الأطباء النفسيين، وإذا تمكنت من مقابلة أحد الأخصائيين النفسيين فهذا سوف يكون أمراً جيداً ومرغوباً فيه، وإذا لم تتمكن من ذلك فأرجو أن تتحصل على أحد الأشرطة أو السيديهات أو الكتيبات التي توضح كيفية القيام بتمارين الاسترخاء.. هذه التمارين مفيدة وممتازة جدّاً وتتطلب فقط الالتزام بها.

هنالك أمر آخر وهو أن قراءة القرآن بصورة صحيحة وبتجويد ودقة يؤدي إلى تحسن في التنفس، والذي يتعلم مخارج الحروف بصورة صحيحة يتعلم أيضاً يتنفس بصورة صحيحة، فيا حبذا لو استعنت بأحد المشايخ أو بإمام المسجد ليدربك على قراءة القرآن بصورة صحيحة وكيف تملأ صدرك بالهواء وتخرجه حسب ما هو مطلوب.. هذا - إن شاء الله تعالى – يساعدك كثيراً.

أريدك أيضاً أن تحقر مشاعر الخوف التي تأتيك وأنت في مواجهة الآخرين، قل لنفسك: (لماذا أخاف؟ فأنا الحمد لله لست بأقل من أي أحد، وليس هنالك ما يدعوني للخوف أبداً)، وفي نفس الوقت تتذكر المواقف التي كان فيها أداؤك إيجابياً، تذكر هذا الموقف الذي قمت بالشرح أمام مائة طالب، وإن كان قد انتابك توتر بسيط ولكن هذا ليس ضرورياً؛ لأن وجود توتر وقلق بسيط هو أمر إيجابي وليس سلبياً؛ لأن التوتر والقلق البسيط يرفع من الدافعية ويحسن من الأداء، لا أعتقده شرّاً، هذا - إن شاء الله تعالى – فيه خير لك، وأنا في رأيي أنك الحمد لله تسير بصورة جيدة وسوف تتخطى كل الصعوبات التي أنت عليها، فقط لا تراقب نفسك، لا تراقب وظائفك الفسيولوجية.

حاول أن تواجه وأن تكون دائماً في المقدمة وأن يكون لك حضورك وارفع من مقدراتك الاجتماعية، وانظر إلى الناس في وجوههم وتكلم ببطء وتكلم بصوت عال، وحاول أيضاً أن تتخذ قدوة من بعض المشايخ أو الخطباء أو المتحدثين أو حتى المذيعين المتفوهين، دائماً اجعل لنفسك قدوة، فهذا - إن شاء الله تعالى – يعطي ثقة كبيرة في النفس ويرفع من المقدرات.

أما بالنسبة للتدخين فأنا أيضاً أنصحك بترك التدخين؛ لأن النيكوتين من المثيرات التي قد تزيد من القلق، وذلك بالرغم من اعتقاد الناس الخاطئ أن النيكوتين يؤدي إلى الاسترخاء، ولا شك أن للتدخين والتبغ مضاراً أخرى كثيرة معروفة.

بالنسبة للعلاج الدوائي أنا أؤيد جدّاً استقرارك على السيرترالين Sertraline بجرعة مائة مليجرام يومياً، هو دواء ممتاز وسليم وفعال، فأرجو أن تستمر عليه لمدة ستة أشهر على الأقل، وبعد ذلك يمكنك أن تخفض الجرعة إلى حبة واحدة (مائة مليجرام) لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك بعد ذلك التوقف عن تناوله.

أما بالنسبة لعقار البانكس، فأنا حقيقة لا أنصحك بالاستمرار عليه كثيراً، فأرجو أن تتوقف عنه بالتدرج لأنه ربما يؤدي إلى التعود أو الإدمان، أما الإندرال Iinderal فلا مانع أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرامات صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرامات يومياً لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتناوله عند اللزوم بمعدل عشرين مليجراماً حين تحس أنك في حاجة إليه أو أتاك نوع من الخفقان أو تسارع في ضربات القلب، أو إذا كان لك التزام اجتماعي يتطلب المواجهة، فلا مانع أن تتناول الإندرال ساعتين قبل وقت المواجهة.

هنالك أيضاً وسائل كثيرة جدّاً لتطوير الذات منها ممارسة الرياضة الجماعية، وإدارة الوقت بصورة جيدة، ووضع هدف معين في الحياة، ووضع الآليات التي توصلك لهذا الهدف مع التطبيق، هذا كله إن شاء الله يرفع من شأنك ويقوي من شخصيتك ويزيل عنك هذا القلق والتوتر.

أما بالنسبة لما ذكرته حول أساليب العلاج الأخرى مثل الحرية النفسية والعلاج بالطاقة، فهذه الطرق وما شابهها فأنا لستُ على قناعات كبيرة بها وفي نفس الوقت الثوابت العلمية ليست بالقوة أو الشدة أو الانضباط الذي يجعلنا نقول أنها طرق يجب أن نقرها، لكن لا مانع لديَّ أبداً إذا شعر الإنسان أنه قد استفاد منها أن يمارسها، أما إذا لم يجد فيها خيراً أو رأى فيها شراً فعليه أن يبتعد منها، والذي أنصح به هو الالتزام بطرق العلاج المعروفة والمثبتة علمياً والتي يصفها الأطباء أو المختصون والتي لا تتعارض مع شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1667 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1233 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2326 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1649 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3525 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ