أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : مقابلة المريض النفسي شخصياً تساعد كثيراً في التشخيص

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا من الحريصين على الاطلاع على المواقع التي تهتم بالقضايا والاستشارات النفسية، وقد لاحظت أن كثيراً من المستشارين يتحفظون في وصف علاج دوائي نفسي -كمضادات الاكتئاب- على الإنترنت، ويشترطون مقابلة المريض وجهاً لوجه، فما هو السبب وراء ذلك؟ وهل من الخطورة وصف دواء عن طريق الإنترنت؟ وما هي الأضرار المتوقعة من التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب الحديثة لعلاج الرهاب كالسيروكسات والزولفت بعد شهر من العلاج لظرف ما ظرف مادي مثلاً؟ وهل لهذه الأدوية أي أضرار على الدماغ؟ وهل تعود الأعراض بصورة أشد في حال التوقف عنها؟

ولكم جزيل الشكر.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن كثيراً من المستشارين يتحفظون عن وصف علاج دوائي نفسي كمضادات الاكتئاب على الإنترنت ويشترطون مقابلة الطبيب، والدافع من وراء ذلك هو أن التشخيص في حد ذاته يعتبر عملية فنية دقيقة، والحالات النفسية فيها كثير من التداخل بين بعضها، ويرى بعض الأطباء أن مقابلة واحدة لا تكفي، ولابد من جمع أكبر معلومات ممكنة من المريض ممن حوله، فالهدف من المقابلة الشخصية هو التأكيد على التشخيص، وأعتقد أنه في مصلحة المريض.

والطب النفسي هو طب تخاطبي يقوم على التفاعل الإنساني، فحين أرسل لك رسالة عن طريق الإنترنت فإنني لم أتواصل معك التواصل المعرفي الدقيق، ولم نتحاور ولم تطرح وجهة نظرك بصورة أكثر دقة، فالمقابلة الشخصية في حد ذاتها أيضاً فيها الفائدة العلاجية، وفي نفس الوقت تمكن الطبيب من التعرف أكثر على شخصية المريض، وتجعل الطبيب في موضع أفضل بأن يحتم ويشرح للمريض ضرورة مواصلة العلاج والالتزام بتناول الجرعة وهكذا، والتواصل الذي لا يتم إلا من خلال المقابلة الشخصية يعتبر أمراً هاماً وضرورياً.

وهناك بعض المرضى -كمرضى الاكتئاب- تكون لديهم أفكار سوداوية أو أفكار انتحارية، ويعرف أن تناول الأدوية بجرعات عالية هو من الوسائل السهلة والمتاحة لأن يقضي الإنسان على حياته عنوة - أي ينتحر - فقد لا يريد الطبيب أن يحمل نفسه هذه المسئولية الأخلاقية والمسئولية القانونية في ذات الوقت.

وأيضاً هناك من يسيء استعمال هذه الأدوية، ولا يتحكم في الجرعة بصورة صحيحة ويبدأ بعد ذلك بوصفها للآخرين، فقد أتاني الكثير من الأخوة الأفاضل الذين نصحهم بعض المرضى بأن يذهبوا لمقابلتي، وقاموا بإعطائهم أدوية قمتُ بوصفها لهم، ورغم أن هذا تصرف بحسن نية وليس مرفوضاً على النطاق الإنساني إلا أنه قطعاً على النطاق المهني ليس بالجيد.

ويجب أن نذكر أن بعض الدول تضع ضوابط وقوانين على هذه الأدوية، ولابد أن تصرف بواسطة وصفة طبية، بالرغم من أن الأدوية الحديثة خاصة المضادة للاكتئاب هي أدوية سليمة، حتى إذا كان هناك مريض انتحاري أو تنتابه نوبات شديدة من الكدر ودخل في ظلامية شديدة ويئس من الحياة ورأى أن يتناول هذه الأدوية، فهذه الأدوية أيضاً سليمة لدرجة كبيرة.

وأما الأضرار المتوقعة من التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب الحديثة لعلاج الرهاب كالزيروكسات والزولفت بعد شهر من العلاج فإن الشيء الأمثل هو أن يُكمل الكرس العلاجي، وعلاج الحالات النفسية بالأدوية قائم على تجارب وعلى أبحاث كثيرة ودقيقة، وهذه الأبحاث حددت المدة المفترض أن يتناول خلالها المريض الدواء، فعلى سبيل المثال نستطيع أن نقول أن علاج الاكتئاب يجب أن يمتد لمدة ستة أشهر على الأقل، ونعرف أن ثلاثين بالمائة من مرضى الاكتئاب بعد انقضاء الستة أشهر أيضاً تأتيهم انتكاسات وهكذا، والمدة في الأصل تم تحديدها بناءً على أبحاث علمية تم فيها فحص آلاف المرضى وأعطوا هذه الأدوية.

وهناك بعض الأدوية بالرغم من أنها غير إدمانية ولكن إذا لم يتناولها المريض المدة الصحيحة فربما تحدث نوعاً من الإطاقة في تناول هذه الأدوية مستقبلاً، بمعنى أن الموصلات العصبية ونهايات الأعصاب الموجودة في المخ التي تعمل من خلالها هذه الأدوية لتنظيم المواد الكيميائية الداخلية تفقد حساسيتها واستجابتها المفترضة للدواء إذا كان الإنسان قد توقف عن الدواء ثم بعد ذلك تناوله دون أن يكمل مدة العلاج الأولى.

وبصفة عامة لا نقول أن هناك أضراراً من الأدوية، وقد تكون هناك أضرار على الدماغ إذا توقف الإنسان عن الأدوية أو لم يكمل دورة العلاج أو الكمية المقررة من الدواء، والتوقف المفاجئ عن الأدوية قد يؤدي إلى ردة فعل سلبية يسميها البعض بأعراض الانسحاب، حتى وإن كان الدواء غير إدماني، فعلى سبيل المثال لا ننصح بالتوقف عن الزيروكسات خاصة إذا كانت الجرعة حبتين أو أكثر، فهذا الدواء إذا توقف عنه الإنسان فجأة فإنه يحس بالدوخة وبالتوتر وبالتعرق ويحس أنه ربما يسقط أرضاً، يحس بانشداد عضلي في أجزاء الجسم، ورغم أن هذه الأعراض تختفي بعد ثلاثة إلى خمسة أيام إلا أنها مدة مزعجة لكثير من الناس.

وفي حالة التوقف عن الدواء لا تعود الأعراض بصورة أشد، ولكن المريض يستشعر أن أعراضه متضخمة ومتجسمة لأنه قد جرب الارتياح والاسترخاء حين كان يتناول الدواء، فقد يأتي شعور فيه العامل النفسي، وهو أن الإنسان حين يستعمل الدواء لفترة ثم يتوقف عنه ربما تعاوده الأعراض هي نفس الأعراض، ولكن ربما يستشعرها بصورة أشد وأقوى، لأنها قد جرب التحسن في الماضي، ويصبح يقارن في عقله الباطني ما بين الأوقات الطيبة التي قضاها مع الدواء وما يحدث له الآن بعد أن توقف عن الدواء.

نسأل الله لك التوفيق، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ما هي أدوية نوبات الهلع والخوف الآمنة وغير الإدمانية؟ 8729 الأربعاء 12-08-2020 03:54 صـ
كيف أنقص جرعة ليكزونسيا (برازيبام) دون أن أصاب بأعراض الانسحاب؟ 1045 الأحد 09-08-2020 02:25 صـ
هل يوجد دواء داعم للأفكسور أفضل من السبرالكس؟ 2331 الثلاثاء 28-07-2020 05:15 صـ
هل هناك ضرر من الزولفت على الحمل والجنين؟ 2097 الأحد 26-07-2020 06:05 صـ
هل هذه الأدوية تعالج ثنائي القطبية؟ 1748 الأحد 19-07-2020 03:22 صـ