أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : صعوبة التأقلم مع الأصدقاء وأعراض الرهاب الاجتماعي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لا أستطيع التأقلم مع من حولي، فكل شخص جديد أتعرف عليه أجد نفسي بموقف لا أعرف كيف أتصرف فيه أو كيف أتكلم معه، وكأنني في موقف حرج، حتى مع أصدقائي في بعض الأحيان لا أستطيع التكلم، وإذا سئلت فتكون إجابتي باختصار شديد.
يسألونني إذا كنت مريضاً أو من هذا القبيل؟ فأتحجج بأنني مريض أو مرهق وأضطر للذهاب، وأغلب الأحيان أفضل البقاء وحدي ولا أتكلم مع أحد، مع العلم بأنني لم أكن بمثل هذه الحالة من قبل، ولكن لا أعرف ما الذي حصل معي؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
فإن الحالة النفسية التي حدثت لك والتي قمت بشرحها هي حالة مكتسبة، لأنك ذكرت أنك لم تكن بهذا الوضع قبل ذلك، وفي اعتقادي – والله أعلم – أنه ربما تكون قد أصبت بحالة اكتئابية كنوع من الاكتئاب النفسي البسيط أو المتوسط، وهذا الاكتئاب النفسي يعرف عنه أنه يشجع الإنسان أن ينسحب اجتماعياً ويقلص من دائرة معارفه بقدر المستطاع، أو يكون لديك ما يعرف بالرهاب الاجتماعي أو الخوف الاجتماعي، وهو الشعور بالارتباك حين يقابل الإنسان الآخرين، ويحس بالضيق وتسارع في ضربات القلب وربما يستشعر أنه يتلعثم في كلامه – وهكذا – وكثير جدّاً من حالات الرهاب الاجتماعي تكون من هذا النوع، وربما تكون متمازجة أو مختلطة باكتئاب نفسي بدرجة بسيطة.

الذي أرجوه منك هو أن تبحث عن الأسباب إذا كانت هنالك أي أسباب هي التي دفعتك نحو هذا الانعزال وعدم الارتياح حين تقابل الآخرين، ولا تستطيع التكيف أو التأقلم مع من حولك، فابحث في الأسباب، وإذا اتضح هنالك أي أسباب فحاول أن تعالجها.

وعلاج الأسباب يكون دائماً إما بأن يحاول الإنسان أن يجد لها تفسيراً آخر، بمعنى أن تخضع السبب لتفسير ومنطق جديد وتتقبل المنطق الجديد، فعلى سبيل المثال مثلاً: إذا كانت حدثت لك حادثة مع أحد الناس وقام بالإساءة إليك، ومن ثم رأيت أنه لا داعي لأن تتواصل مع الآخرين، فتذكر أن كل الناس لا يسيئون، وأن الأخيار أكثر من الأشرار – وهكذا – بمعنى أن تبحث في السبب، ثم تقوم بوجود تفسيرات جديدة، هذا يساعدك.
يأتي بعد ذلك العلاج، والعلاج يبدأ بأن يعرض الإنسان نفسه للمواقف التي يكرهها أو لا يحس بالارتياح فيها، ويمنع الاستجابة السلبية.

فالمفهوم هو التعرض ونعني به أن كل هذه المواقف التي تحس فيها بعدم الارتياح يجب ألا تتجنبها، ويجب أن تتجنب الاستجابة السلبية، والاستجابة السلبية هنا إذا حدث أن قابلت أحد الأشخاص تكون مستعجلاً في أن ينتهي هذا اللقاء وأن تنسحب من هذا الموقف.. هذه ضرورية وهامة جدّاً وهي من أفضل الطرق للتغيير المعرفي وعلاج مثل هذه الحالات.

إذن هذا هو العلاج المعرفي الذي يقوم على تغيير المفاهيم وإدخال مفاهيم معرفية جديدة تكون أكثر إيجابية.

يأتي بعد ذلك التطبيق السلوكي الفعلي وهذا يشمل ممارسة ما يعرف بتمارين الاسترخاء، وتوجد عدة كتيبات وأشرطة توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فأرجو الحصول على أحد هذه الأشرطة وممارسة هذه التمارين كما هو مقرر.

عموماً إذا كان هنالك صعوبة في كل ذلك فسأقدم لك شرحا موجزا عن كيفية هذه التمارين:

عليك أولاً أن تتأمل في حالة استرخائية كاملة ويجب ألا تشغل ذهنك بأي أمر آخر، بمعنى أن تخصص وقتا، حوالي ثلاثين دقيقة إلى أربعين دقيقة وتعرف أنك الآن في جلسة علاجية استرخائية لا تتحمل أي نوع من الضوضاء أو الإزعاج أو الانشغال، وتذكر لحظات جميلة وسعيدة في حياتك – هذا يساعد – أو يمكنك أن تستمع إلى شريط من القرآن لأحد القراء بصوت منخفض، هذا أيضاً وجد أنه جيد جدّاً.

بعد ذلك أغمض عينيك قليلاً وافتح فمك أيضاً قليلاً، ثم خذ نفساً عميقاً وبطيئا – وهذا هو الشهيق – ويجب أن يكون عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلأ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ثم بعد ذلك أمسك على الهواء في صدرك قليلاً لمدة خمس ثوانٍ، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراجه أيضاً بكل قوة وبكل بطء.

كرر هذا التمرين من خمس إلى ست مرات بمعدل مرة صباحاً ومرة مساءً.
والتمرين الآخر هو تمرين الاسترخاء العضلي، تأمل مجموعات العضلات الموجودة في جسمك، وهي بالطبع عضلات القدمين والساقين والحوض والظهر والبطن والصدر والرقبة، ثم بعد ذلك قم بشد مجموعة العضلات الأولى وهي عضلات القدمين، تأمل أنك تشد على هذه العضلات، ثم بعد ذلك قم باسترخائها، أي اقبض عليها وشد عليها ثم بعد ذلك أطلقها، وهكذا انقل نفس التمرين لعضلات الساقين والحوض والظهر والبطن والصدر والرقبة، هذه من التمارين المفيدة جدّاً والتي سوف تساعدك كثيراً.

بعد ذلك أنصحك أن تمارس ما يعرف بالعلاج السلوكي في الخيال، تبدأ في مواجهة جميع المخاوف التي تعاني منها، وذلك بأن تبدأ ما يعرف بـ (المواجهة في الخيال)، فعلى سبيل المثال: تأمل أنك أمام جمع كبير من الناس تقوم بإلقاء محاضرة عليهم وبين الحضور كان بعض المسئولين، أو تقديم عرض معين أمام مجموعة من الناس، عش هذا الخيال بكل قوة، وبكل تمعن وبكل جدية، ويجب ألا يقل مدة تخيله من عشر إلى خمس عشرة دقيقة، وبعد ذلك انتقل إلى خيال آخر، وهكذا.
ويأتي بعد ذلك التطبيقات المهارية الاجتماعية مثل ممارسة الرياضة الجماعية وحضور حلقات التلاوة ومشاركة الآخرين، فقد وجد أنها كلها تحسن كثيراً من علاج مثل هذا الخوف والقضاء عليه.
سيكون من المفيد لك أيضاً أن ترفع من مستوى معرفتك واطلاعك؛ لأن الإنسان الذي لديه ذخيرة ومخزون عالٍ وجيد من المعلومات، يجد نفسه قادراً على حوار الآخرين ومخاطبتهم بصورة أسهل.

يبقى بعد ذلك العلاج الدوائي، هنالك أدوية جيدة وممتازة جدّاً تساعد كثيراً في علاج حالتك، والعلاج الذي أنصحك بتناوله يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral)، ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين (مائة مليجرام) ليلاً واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء ليس دواء إدمانيا وليس دواء تعوديا، وهو يفيد جدّاً في مثل هذا النوع من القلق الاجتماعي.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1680 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1253 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2339 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1666 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3566 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ