أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : رجفان وضيق في النفس وبرودة في الأطراف

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم.
أنا شاب أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ 5 سنوات، يتمثل بالرجفان وضيق النفس وبرودة الأطراف وتشنج في المعدة وألم من الرأس من الخلف، حدث هذا الأمر لي نتيجة أني كنت أقف إماماً في المسجد.

علماً أنها ليست أول مرة، ولكن فجأة شعرت بالخوف ثم تطور فصار مزمناً، مع العلم أنني لا أعرف ما سبب هذا الخوف؟ حيث أني لا أهتم بنتيجة ما سيحدث لي من مقابلة الناس أو الإمامة.

فأنا - ولله الحمد - متعلم علوماً دينية ودنيوية ومع ذلك أخاف!

تناولت كثيراً من الأدوية النفسية عن طريق الأطباء دون جدوى، والآن أتناول فقط المهدئات رغم عدم رضائي بذلك ( ولكن مكره أخاك لا بطل) والآن أتناول سيبرالكس 10 ملغ منذ أسبوع، ولكن أشعر أن الأعراض تزيد فأفكر بتركه، فهل أستمر بالعلاج؟ وما قولك بالمهدئات؟

أفدني جزاك الله خيراً، فأنا في كرب شديد أثر على حياتي وعملي.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو بكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:

فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك.
فإن الأعراض التي تعاني منها والتي تتمثل في الرجفان وضيق التنفس وبرودة الأطراف وتشنج في المعدة وآلام في الرأس هي حقيقة تمثل صفات وسمات القلق النفسي الظرفي، أي الذي يحدث تحت ظروف معينة وفي أوقات معينة، وهذه الأنواع من القلق النفسي نسميها حقيقة بنوبات الهرع، لأنها تأتي في شكل موجات ثم تنقطع.

وأنت بما أنه ليس لديك مشكلة حقيقية في المواجهة ولا تهتم بما سوف يحدث حين مقابلة الناس أو وقت الإمامة، فأعتقد أن المشكلة الأساسية ليست هي رهاباً اجتماعياً، إنما هو هذا القلق الظرفي الذي أخذ طابع نوبات الهرع ونوبات الرهاب - كما ذكرت لك – وعموماً هنالك تقارب وتداخل كثير جدّاً بين الرهاب الاجتماعي ونوبات الهرع.

وكذلك ما يسمى برهاب الساح أو رهاب الساحة وهو أن يخاف الإنسان في الأماكن المزدحمة، وحين يفتقد أمان بيته أو تكون لا توجد معه رفقة آمنة فهي جميعها متداخلة، ولا شك أن هذه الظواهر – أي ظواهر القلق من هذا النوع – تؤدي أيضاً إلى ما نسميه بـ (القلق التوقعي)، بمعنى أن الإنسان يكون متوقعاً لنوبات القلق، يكون دائماً متوجساً ويراقب نفسه، وهذا في حد ذاته يجعل الإنسان غير مطمئن، وربما يستجلب هذه النوبات بسرعة أكثر مما يجب، أهم ما في الأمر أن تفهم طبيعة الحالة وقد حاولنا أن نشرح لك ذلك.

ثانياً: يجب أن تسير في نفس خط العلاج السلوكي وهو عدم الاهتمام بنتيجة ما سيحدث، هذا تعبير جميل وفكرة جميلة جدّاً، وهذا نسميه بـ (العلاج بالتجاهل)، والعلاج بالتجاهل مفيد وجيد إذا طُبق تطبيقاً صحيحاً.

ثالثاً: عليك ألا تتجنب هذه المواقف التي تحس فيها بالخوف والقلق، وهذا نسميه بالتعرض مع منع الاستجابة، أي أن تعرض نفسك لمصدر ومكان وأوقات القلق والخوف وتمنع الاستجابة، أي تمنع استجابة الهروب من الموقف، وهذا يتطلب منك مع التطبيق العملي أن يكون هنالك تطبيقاً وتغييراً فكريّاً ومعرفيّاً يقوم على مبدأ تحقير فكرة القلق: (لماذا أخاف؟ ما الذي يجعلني أقلق لهذه الدرجة، فأنا - الحمد لله - مثل الآخرين، هذا مجرد قلق لن أتركه يسيطر عليَّ، فأنا الآن الحمد لله في حالة استرخاء ) - وهكذا - .

رابعاً: يجب أن تلجأ للأساليب التي تجعلك تتفاعل مع الناس اجتماعياً، وفي نفس الوقت يكون عليك مسئولية ودور يجب أن تقوم به، فعلى سبيل المثال: في حلقات التلاوة لابد أن يكون لك دور بأن تتلو مع الآخرين حين يأتي الدور عليك، فهذه وجدت من أفضل وسائل علاج مثل هذه المخاوف الظرفية.

كذلك عند ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم أو السلة، هنا أنت لابد أن تحتك ولابد أن تخالط ولابد أن تتفاعل (العب لي، أوقف الكرة، هات الكرة، ارفع لي) هكذا، هذا وجد أيضاً يزيل هذا القلق.

بجانب ذلك الرياضة لها فعالية عظيمة جدّاً في امتصاص الخوف والقلق وذلك من خلال تنشيط مسارات كيميائية وبيولوجية معينة في الجسم، هذه الآن أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، فأرجو أن تكون حريصاً على ممارسة الرياضة.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وبالطبع أنت مطالب أن تطبق ما ذكرته سابقاً وبعد ذلك يأتي العلاج الدوائي، والسبرالكس Cipralex من الأدوية الممتازة ومن الأدوية الجميلة جدّاً، والأعراض التي ظهرت عليك ربما تكون هي زيادة في الحركة الكيميائية في الدماغ، فإن هذا يحدث في بعض الأحيان في الأسبوع الأول أو الثاني لتناول الدواء، والذي أقترحه عليك هو أن تستمر على السبرالكس بجرعة عشرة مليجرامات ليلاً لمدة شهر، وبعد ذلك لابد أن تصل إلى الجرعة العلاجية وهي عشرون مليجراماً، بمعنى أنه بعد انقضاء شهر يجب أن ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر.

ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى عشرة مليجراما ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر كجرعة وقائية، ثم خفض الجرعة إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

سيكون أيضاً من المفيد لك أن تتناول عقاراً آخر بسيطاً جدّاً ومساعداً للسبرالكس، يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، فيمكنك أن تتناوله بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) صباحاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذا الدواء مزيل للقلق ومدعم لفعالية السبرالكس.
إذا وجدت صعوبات حقيقة مع السبرالكس بعد انقضاء شهر من بداية العلاج فهنا ننصحك بالتوقف عن تناوله، وذلك بالرغم من اعتقادي الكبير أن هذا الدواء دواء مفيد، ولكن نقول – سبحان الله –: إن هنالك بعض الأدوية تناسب بعض الناس، بالرغم من معرفتنا الجيدة لفعاليتها وسلامتها الممتازة.

في هذه الحالة – بعد التوقف عن السبرالكس إذا حدث لك عرض سلبي كثير – يكون البديل هو عقار يسمى تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، تبدأ بجرعة خمسين مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام (حبتين) ليلاً وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر - وهذه هي الجرعة الوقائية – ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله، وهذا هو التوقف الجيد والأفضل.

إذن أمامك خيارات دوائية ممتازة، وعليك بالالتزام بتناول الدواء – أيّاً كان هذا الدواء – تناوله بجرعته الصحيحة وبالتزام قاطع، ولابد أن تطبق الإرشادات السابقة، فهي مكملة للعلاج الدوائي ولابد منها.

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يزيل عنك هذا الكرب وهذا الكدر.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1680 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1252 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2336 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1666 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3564 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ