أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أكرم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن سوء التركيز له أسباب عضوية وأسباب نفسية، وفي عمرك نرى أن الأسباب النفسية هي الغالبة، ومن أهم هذه الأسباب النفسية هي القلق النفسي، فالقلق النفسي يؤدي إلى تشتت الأفكار وتطايرها وإضعاف تسجيل المعلومة في مراكز التخزين في المخ، وقد يكون الاكتئاب سبباً في إضعاف ذاكرة بعض الناس.

وهناك أيضاً مجموعة من الناس يكون ضعف التركيز لديهم سلوكا متعلما، بمعنى أن الإنسان أصبح يفكر في عدة أشياء، ومن المفترض أن يركز على شيء معين، وهؤلاء الأشخاص غالباً ما تكون لديهم أيضاً الكثير من أحلام اليقظة خاصة في أثناء الصغر، ولذلك فإنني أنصحك بما يلي:

(1) حاول أن تفرغ ما بداخل نفسك، فكثيراً ما يحتقن الإنسان داخلياً لأنه لا يعبر عما بداخله، فالبعض يكون مفرطا في الحساسية والذوق ولا يريد أن يجرح الآخرين ولا يقول ما لا يرضيهم، ولذا تجده يكتم ويكتم، وهذا يؤدي إلى احتقان داخلي ويؤدي إلى ضعف في التركيز والقلق، إذن أرجو أن تعبر عن رأيك وأن تفرغ ما في نفسك بما هو معقول ومنضبط مع سلوك المسلم والأخلاق.

(2) حاول حين تركز على معلومة معينة أن تربطها بشيء آخر، فعلى سبيل المثال قل: (حين أقرأ القرآن سوف أنظر إلى كوب الماء الذي أمامي)؛ هذا الرابط يجعلك تركز أكثر، قل: (سوف أنظر إلى هذا الكوب فقط أثناء القراءة ولن أركز على شيء آخر) هذا نوع من الروابط التي وجد أنها مفيدة.

(3) حين تتلقى أي معلومة حاول أن تستعمل عدة حواس، فعلى سبيل المثال: إذا سلمت على أحد الناس، أنت تقول: (السلام عليكم) فهنا استعملت حاسة النطق، ولابد أن تنظر إليه في وجهه وتكون هنا قد استعملت حاسة البصر، وسيكون من الجميل أن تحييه وتسلم عليه بيدك فهنا تكون قد استعملت حاسة اللمس، وحين يرد عليك هو تكون قد استعملت حاسة السمع، فهذه الحواس حين نعددها سوف تعاضد بعضها البعض وتقوي من مستوى إدراكنا وتركيزنا.

(4) حاول أن تستشعر عظمة الأمر وقيمته، فلابد من استشعار قيمة الأشياء حتى نتذكرها، فمثلاً القرآن الكريم: حين أتذكر عظمة هذا الكتاب، وأن هذا كتاب الله، وأنه هو أعظم درجات الذكر، لابد أن أركز في مثل هذه اللحظات، فاستشعار عظمة الموقف وعظمة الأمر يجعل الإنسان يركز أكثر!

(5) لابد من أن تدير وقتك إدارة جيدة، فلابد أن تخصص وقتاً لممارسة الرياضة، فالرياضة تحسن من التركيز لأنها ترفع من معدل الكفاءة النفسية وتؤدي إلى إفراز مواد كيميائية في المخ، وجد أنها تبعث على الاسترخاء وعلى الشعور بالراحة، ومن ثم هذا يؤدي إلى تحسين التركيز، وفي إدارة الوقت أيضاً، لابد أن تخصص وقتاً للنوم والراحة، فهما مطلوبان لتحسين تركيزنا.

(6) تناول القهوة بكمية معقولة أيضاً وجد أنها تحسن التركيز.

وأما بالنسبة للدواء: فأريدك أن تتناول أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق، وهذا الدواء يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol)، ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى نصف مليجرام صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة (نصف مليجرام) يومياً لمدة شهرين.

وأرجو أن تكسر كل الحواجز النفسية التي تجعلك تعتقد أنك لا تستطيع أن تركز، فعليك بكسر هذه الحواجز النفسية، واقرأ القرآن الكريم بتؤدة وبصوت عالٍ وتدبر في معانيه، هذا يقوي من الاستذكار، وحبذا لو قرأت القرآن في حلقة؛ لأن الحلقات فيها استشعار وفيها تواصل وفيها انتباه وفيها تدارس، وتجد أن مشاغل الدنيا الأخرى قد انتهت في هذه الأوقات، فكن حريصاً على ذلك، وأنصحك بممارسة الرياضة، وإن شاء الله حالتك بسيطة ولله الحمد.

وسيكون من الجيد أن تجري فحصا للغدة الدرقية، وأنا على قناعة بأن أحوالك العضوية سليمة، ولكننا لمجرد التأكد نجري فحصاً للغدة الدرقية؛ لأن في بعض الحالات يكون انخفاض إفراز الغدة الدرقية أو حتى زيادة إفرازها، مؤدياً إلى ضعف في التركيز وتقليل في الطاقات الاستيعابية لدى الإنسان، فأرجو أن تجري هذا الفحص وهو فحص بسيط.
وأرجو أن تتناول الغذاء بصورة متوازنة، فلابد أن يحتوي الطعام الذي تتناوله على كل المكونات الضرورية للغذاء.

وبالله التوفيق.