أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الشخصية الاجتماعية وتأثير المحيطين بها سلباً وإيجاباً

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة ملتزمة ـ والحمد لله ـ مرحة، اجتماعية جداً مع أسرتي، أحب النظام في المنزل، مطلعة، كل ذلك مما يجعلني أستغل جميع الفرص مع أهلي لأعطي فوائد أو معلومات أو حقائق وأبدي المشورة لأهلي دوماً، وأعطي نصائحي، وألطف الجو بالابتسامات وذكر طرائف المواقف.

الحمد لله فذلك يعجبني في شخصيتي، وكثيراً ما أصدم من أفراد أسرتي بقولهم لي، متكلمة ذات الرأس الكبير! ذات اللسان الطويل! أنت لا تجادلين، مغرورة! كل ذلك سينقلب عليك! مما جعلني أنطوي على نفسي أحياناً بل كثيراً وألتزم الصمت، ولا أبادر أحداً بالكلام، كثيرة البكاء، أتحسس كثيراً من أي كلمة، كثيرة الضيق.

أفيدوني بارك الله فيكم.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يبارك لك في أسرتك، وأن يجعل المحبة والرحمة والوئام هي عوامل وعناصر لا تفارقكم ما دمتم في هذه الحياة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يضع لك القبول في قلوب عباده في الأرض خاصة أسرتك وأقرب الناس إليك.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه وكما لا يخفى عليك كما قالوا قديماً (كل ذي نعمة محسود)، فما من أحد يتميز في جانب من الجوانب إلا وتبدأ النفوس التي حُرمت هذا الخير تشعر بنوع من عدم الراحة والانزعاج لهذا التميز، وقد يكون ذلك أقرب الناس، والحسد ليس معناه بالمفهوم العامي، وليس معنى الحسد في كل الأحوال تمني زوال نعمة الغير، وإنما أحياناً من صور الحسد أن الإنسان لا يحب أحداً أن يكون أحسن منه ولا أفضل منه ولا أعلم منه، وهذا موجود في نفس كل أحد، إلا أنه أحياناً يتم التعبير عنه وأحياناً يكون خفياً في داخل الناس، فكل الناس مجبولون على الحسد، كل الخلائق، ما في أحد في الكون إلا ويتمنى أن يكون أفضل من غيره، كل واحد إذا كان أنت مديرة تتمني أن تكوني أفضل مديرة موجودة في المؤسسة أو الجهة التي أنت بها، وكذلك إذا كانت الزوجة تتمنى أن تكون أفضل زوجة، وإذا كانت أمّاً تتمنى أن تكون أفضل أمّ، وإذا كانت طبيبة تتمنى أن يقال بأنها أفضل طبيبة، وإذا كانت مدرسة، مهندسة، كذلك كل الناس، سواء كان ذلك في عالم الرجال أو النساء.

فأنت الآن ربنا منَّ عليك - بفضل الله تعالى - بشيء واضح من التميز، فهذا قطعاً هناك من حولك الكثير من الأقارب والأهل محرومون من هذا التميز، خاصة وأنك إيجابية - ولله الحمد - فأنت مرنة واجتماعية جدّاً كما ذكرتِ تحبين النظام وأنت مطلعة وتقرئين، وعندك معلومات وفوائد وحقائق، ومن فضل الله تعالى عندك قدرة على تقديم المشورات النافعة، وهذه مسائل يفتقدها كثير من الناس حقيقة، حتى أقرب الناس إليك، ولذلك هذا الرد الفعلي الذي وجدته أو تجدينه من قبل الأسرة وأقرب الناس إليك رد فعل طبيعي، لأنهم يشعرون بأنك متميزة عنهم.

ولذلك لا ينبغي أبداً أن تنطوي على نفسك ولا تلتزمي الصمت ولا أن تكثري البكاء ولا أن تتحسسي؛ لأن هذه انهزامية أنا لا أحبها لك ولا أؤيدها أبداً، وإنما أقول إذا كان هؤلاء الناس يشعرون بنوع من الانزعاج نتيجة تميزك المبارك هذا، فمن الممكن أن تنقلي المعركة إلى ميدان آخر، فهناك بلا شك جارات وهنالك بلا شك زميلات في العمل، وهناك مؤسسات تحتاج إلى هذه الخبرات الجميلة الرائعة، فإذا كان عندك شيء من الوقت وذهبت إلى إحدى المؤسسات الاجتماعية لتقدمي خدمة أو إحدى المؤسسات الإسلامية، فعندك مثلاً جمعيات إسلامية تقوم بأنشطة اجتماعية كبيرة، ويحتاجون إلى أفكار وآراء من هذه الأفكار والآراء والمشورات التي أكرمك الله بها، وأنت تعلمين الآن أن الأفكار هذه تباع الآن في العالم، فهناك مؤسسات خاصة لتقديم الأفكار والمشورات ووضع الخطط للمستقبل ولغيره.

فأنت الحمد لله قد وهبك الله شيئاً كثيراً، فإذا كانت هذه المنطقة قد ضاقت بك فمن الممكن أن تكون نشاطك في مكان آخر، ولا ينبغي أبداً أن تتراجعي ما دمت أنت لا تقولين إلا الحق ولا تفعلين إلا الحق ولا تنطقين إلا بالحق ولا تريدين إلا وجه الله تعالى، فدائماً اسألي الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه، وإذا ما وجدت فرصة في الدعوة أو التذكير أو النصيحة فلا تترددي، ولكن بالأسلوب الرائع الجميل وبالأسلوب اللطيف الودود الهادئ الذي يصل إلى القلب مباشرة دون أن يخدش الحياء أو يجرح المشاعر أو يثير العزة بالإثم؛ لأنه أحياناً منا قد يكون صاحب حق ولكنه يأتي ليطلب حقه فيطلبه بطريقة عنيفة حتى يكره الناس الحق، يكون عنده مثلاً قدرة على إبلاغ معلومات معينة أو عنده كم من المعلومات كبير ولكن ليست عنده وسيلة مواصلات جيدة، وسيلة الموصلات الجيدة عبارة عن الأسلوب الهادئ، الكلمة الحانية الرقيقة السهلة اللطيفة التي تنساب إلى القلب كما ينساب الماء من فم السقاء دون أن يشعر بها أحد.

قد تكون الكلمة حقا، ولكن تفاجئين بأنها تم تغليفها بشيء من العنف والقسوة والشدة، فتكون النتيجة أنها لا تؤثر ولا تُقبل، ولذلك أقول - بارك الله فيك - :

على ما أنت عليه استمري، وينبغي ألا تنطوي على نفسك مطلقاً؛ لأن الله أعطاك وحباك نعماً ينبغي أن تزكيها، وزكاتها إنما هو نقلها لغيرك، وكما ذكرت إذا كان هؤلاء يضيقون ذرعاً بك فمن الممكن إذا كانت ظروفك تسمح أن تنخرطي في بعض الأعمال الإسلامية الاجتماعية لتقدمي خبرات لأخواتك العاملات في ميدان الخدمة والعمل التطوعي، فأعتقد أنهم سيرحبون بهذه الأفكار الرائعة ترحيباً شديداً وسيسعدون بانضمامك إليهم لأنك كنز أكرمك الله تبارك وتعالى بأن جعله حاوياً لخيرات كثيرة الناس في أمس الحاجة إليها.

ولكن كما ذكرت أولاً وأتمنى وأعتقد أن هذا لا يخفى عليك – الأسلوب الرقيق والأسلوب اللطيف والأسلوب السهل الأسلوب الهادئ الذي لا يحرج مشاعر أحد ولا يثير فيه العزة بالإثم والكبرياء؛ لأن الكلمة الطيبة تصل بسهولة إلى القلب، والكلمة الشديدة حتى وإن كانت حق لا يقبلها القلب مطلقاً، فأتمنى أن تكون كلمتك كلمة طيبة، كما قال تبارك وتعالى عن أهل الجنة: (( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ))[الحج:24]، وقال أيضاً مولانا لنبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -: (( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ))[الإسراء:53]، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (والكلمة الطيبة صدقة).

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يمكن الله لك من قلوب العباد، وأن يجعل عملك خالصاً لوجهه الكريم، ورجائي لا تتوقفي وإنما تقدمي وتقدمي وتقدمي.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا أشعر بالسعادة وأكره لقاء الناس، أرجو تشخيص الحالة. 1839 الأربعاء 15-07-2020 03:33 صـ
كيف أتخلص من رغبة الانعزال في البيت وأصبح اجتماعيًا؟ 1740 الأربعاء 15-07-2020 01:10 صـ
نوبات الهلع جعلتني أنعزل عن الناس 1537 الثلاثاء 16-06-2020 01:06 صـ
أشعر بالدونية والخوف، وأحب العزلة والانطواء، ما العلاج؟ 4377 الاثنين 11-05-2020 03:36 صـ
لا أستطيع الاندماج مع أصدقائي بسهولة.. أريد حلا 2317 الثلاثاء 28-04-2020 06:06 صـ