أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : عندما أواجه الطلاب وأتحدث إليهم ترتجف رجلاي ويتقطع صوتي

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيراً يا دكتور على كل ما تقدمونه من استشارات طيبة.

الحقيقة أني طالب مبتعث إلى أستراليا، وحاليا أدرس اللغة الإنجليزية ـ والحمد لله ـ أنا جيد بدراستي، ولكن تواجهني مشكلة في المعهد الذي أدرس فيه، حيث أنهم يدرسوننا الكتابة والتحدث والاستماع باللغة الإنجليزية والبرزنتيشن وهو عبارة عن شرح باللغة الإنجليزية أمام الطلاب بالفصل، والحقيقة أنها تعتبر مشكلة بالنسبة لي؛ حيث أني لا أستطيع مواجهة الطلاب والتحدث إليهم، فعندما أقوم وأبدأ بالكلام تبدأ رجلي بالارتجاف، وصوتي يبدأ يتقطع، وبطني تمغصني، وأتصبب عرقاً، لا أعرف لماذا؟! أحاول أن أجد حلاً لهذه المشكلة ولا أستطيع!

علماً بأن المدرسة قالت لي: بأن هذه مشكلة كبيرة ولا تستطيع الذهاب إلى الجامعة ما لم تحاول علاجها.

بعض الطلاب العرب هنا نصحوني ببعض الأدوية المهدئة والتي تساعد على الاسترخاء قبل قيامي أمام الجمهور، ولكن لا أدري ماذا أفعل؟

أرجوك يا دكتور ساعدني، فمستقبلي مهدد ما لم أحل هذه المشكلة، وإذا كان هناك أدوية أستخدمها هل من الممكن أن تذكرها لي والتي تساعدني على الاسترخاء؟

علماً بأن أستراليا بعض الأحيان لا تملك الأدوية نفسها التي في وطننا العربي، فأرجو منك ذكر أكثر من خيار.

ولك مني كل الشكر والتقدير.

مدة قراءة الإجابة : 10 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، ونشكرك على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

فإن هذا نوع من القلق الظرفي أو القلق الاجتماعي الظرفي، بمعنى أنه يحس الإنسان بقلق وتوتر زائد، والتوتر مكوِّن نفسي، ومكوِّن عضوي، وهو يظهر حين يكون الإنسان عرضة لمواقف اجتماعية معينة، مثل أن نقدم عرضاً أمام الآخرين.

وهذه المشكلة ليست مستعصية، وهي تحدث لكثير من الناس، ولكن – إن شاء الله – يمكن احتواؤها، وأهم شيء هو أن تفهم طبيعة هذه الحالة، فإنه يعرف أن الإنسان حين يؤدي أداءً جيداً وينجز إنجازاً جيداً في كل أمر من أمور الحياة لابد أن يُصاب بشيء من القلق؛ لأن القلق هو الدافع وهو الطاقة التي من خلالها نستطيع أن نؤدي أداءً حسناً، ولكن هذا القلق ربما يرتفع ويزيد في بعض الحالات، وذلك نسبة لإفراز مواد معينة في الجسم، منها مواد تعرف باسم (النور أدرانيل، والأدرانيل)، فإن هذه المواد تؤدي إلى الأعراض الجسدية مثل الارتجاف والخفقان والآلام في بعض أعضاء الجسم، وقد يصاب البعض بالتعرق الزائد أو بالإسهال – أو هكذا – فهذه ظواهر (نفسوجسدية)، وهي في الحقيقة ظواهر فسيولوجية بطبيعتها.

إذن هذا هو الشيء الأول الذي أود منك أن تستوعبه جيداً.

ثانياً: هنالك الكثير من المبالغة في تقبل هذه الأعراض أو تفهمها أو الطريقة التي يفسر بها الشخص الذي يصاب بهذا النوع من الخوف والقلق، فإن كل الذين يصابون بهذه الحالات يتصورون أن أعراضهم معيقة، وأن الآخرين يقومون بمراقبتهم أو النظر إليهم، وأنهم سوف يسقطون أو يفشلون أمام الآخرين، فعلى سبيل المثال فقد وجد بإحدى التجارب أن درجة التلعثم والخوف ليس بالشدة التي يعتقدها الشخص الذي يعاني من هذه المخاوف، وكذلك الرجفة في الأرجل أو في اليدين ليست بالشدة أبداً، وأيضاً التعرق فقد تم قياسه وتم قياس نشاط القنوات العرقية ووجد أنه أقل بكثير مما يتصوره الشخص الذي يعاني من هذه المخاوف.

إذن أرجو أن تستوعب هذه النقطة أيضاً جيداً لأنها نقطة هامة جدّاً.

أما بالنسبة لأساليب العلاج الأخرى منها الأدوية، فهنالك أدوية جيدة وفعالة وممتازة، ولكن قبل أن نتطرق للدواء أود أن نقدم لك بعض الإرشاد السلوكي البسيط:

أولاً: أريدك أن تجلس مع نفسك وتنظر لنفسك بعمق لهذا الذي يحدث لك في هذه المواجهات الاجتماعية، خاصة حين تقوم بعرض وشرح ما هو مطلوب منك، فقل لنفسك: (لماذا يحدث لي ذلك، فأنا لستُ أضعف من الآخرين، والآخرون هم بشر مثلي يأكلون ويشربون وينامون ويتبولون ويتغوطون – وهكذا - ).

إذن ارجع إلى آلية الإنسان البسيطة وإلى تكوينه البسيط، فإن هذا لا يجعلك تهاب الموقف؛ لأنك أنت لست أمام جهة أقوى منك أو أعظم منك أو ذات جبروت وتسلط عليك، فهم بشر كما أنك بشر، ويعرف تماماً أن مثل هذه الدروس تتطلب الكتابة والتحادث والاستماع وكلها أمور بسيطة جدّاً أن تقوم بها في حياتك اليومية، فأنت تكتب في حياتك اليومية، وأنت تستمع للناس في حياتك اليومية، وأنت تخاطب الآخرين في حياتك اليومية، فإذن هي مجرد نوع مما تمارسه يومياً ولكنها تحت ظروف خاصة وليس أكثر من ذلك؛ فإن تفهم هذا الأمر ضروري جدّاً، وعليك أن تستوعبه أيضاً.

الشيء الآخر يجب أن تعرف أنك أتيت من بلاد بعيدة، وأنك تريد أن تتحصل على العلم، وهذه فرصة عظيمة لك، فقل لنفسك: (سوف أتخطى كل هذه الصعاب) وأستفيد من هذه الفرصة الاستفادة الكاملة.

يأتي بعد ذلك ما يعرف بتمارين التعرض في الخيال، ونقصد بتمارين التعرض في الخيال هو أن تجلس في مكان ليس فيه ضوضاء، وتخصص عشرين دقيقة لتمرين ذهني يتكون من الآتي:

تصور أنك تقوم بعرض أمام الطلاب أو تقوم بعرض أمام المعلمين، وطُلب منك بعد ذلك أن يتم نوع من النقاش أو الحوار، عش هذا الخيال بكل دقة وبكل تمعن، وابدأ من التحضير للموضوع ثم بعد ذلك قم بتكرار ما سوف تقدمه أو تعرضه في خيالك، ثم بعد ذلك عش هذا الخيال كأنك أنت في الموقع الحقيقي وأمام الطلاب وفي حضور المعلمين.

أرجو أن تعيش هذا الموقف يومياً لمدة عشرين دقيقة في كل مرة.

ما قالته لك المعلمة لا أعتقد أنه صواب، فأنت لديك مشكلة ولكنها ليست بمشكلة كبيرة، فإن هذا أمر عادي جدّاً، ويعرف دائماً أن ذلك يحدث في أول الفصول الدراسية، وبعدها سوف يتواءم الإنسان، وسوف يتعود، وسوف يجد أن الأمر بسيط جدّاً.

أخي الكريم! كن أولاً لك ثقة في الله تعالى، وتذكر أنك دائماً في معيته، وأن الله تعالى هو الذي أعطاك هذه المقدرة لمواجهة الآخرين وللتحدث أمامهم وهذه نعمة كبيرة، عش هذا الخيال أيضاً، وعشه بكل دقة، وانقله كأنه أمر حقيقي في داخل نفسك، فإن هذا فيه فائدة كبيرة جدّاً.

أيضاً أخي الكريم – توجد تمارين سلوكية للاسترخاء، من أفضلها تمارين التنفس التدريجي، فأريدك أن تستلقي في مكان هادئ، وتتأمل في شيء طيب، وقم بإغماض عينيك وفتح فمك قليلاً، ثم بعد ذلك خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف – وهذا هو الشهيق – واملأ صدرك بالهواء واجعل البطن ترتفع قليلاً، ثم أمسك على الهواء في صدرك لمدة قصيرة، ثم بعد ذلك أخرج الهواء بكل بطء وبكل قوة عن طريق الفم – وهذا هو الزفير - ثم كرر هذا التمرين خمس أو ست مرات بمعدل مرتين في اليوم.

هذه التمارين – تمارين التنفس – يمكن أن تمارسها بلطف قبل بداية العرض على الطلاب أو التحدث، فعندما تريد التحدث خذ نفساً عميقاً وبعد ذلك أخرج الهواء ثم ابدأ في التحدث، فإن ذلك – إن شاء الله – أيضاً يساعدك كثيراً.

أود منك أن تقوم بتمارين كثيرة في البيت، فقم بعمل عرض بصورة متكررة ويومياً، وفي هذا العرض تخيل أنك أمام الطلاب، ويا حبذا لو قمت بتسجيل ما تقوم بعرضه والتحدث فيه ومن ثم الاستماع إليه، فإن هذه تمارين جيدة ومفيدة لمن يلتزم بها، وأرجو أن تكون منهم.

أيضاً عليك بالدعاء، وعليك بأن تسأل الله تعالى أن يحل أي عقدة في لسانك، وأن يعطيك القوة على المواجهة.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فهنالك عدة أدوية تساعد في مثل هذه الحالات، فهنالك أدوية إسعافية، بمعنى أنها تستعمل في نفس اللحظة أو ساعتين أو ثلاث قبل المواجهة، ومنها عقار يعرف تجارياً باسم (زاناكس Xanax) ويعرف علمياً باسم (البرازولام Alprazolam) يستعمل بجرعة ربع مليجرام عند اللزوم، أي قبل المواجهة بساعتين أو ثلاثة، ويستعمل أيضاً مع عقار آخر يعرف تجارياً باسم (Inderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانولول Propranolol) ويتناول بجرعة عشرين مليجراماً أيضاً ساعتين أو ثلاث قبل المواجهة، ولكنِّي حقيقة لا أفضل هذا النوع من الأدوية، وإنما الذي أفضله هو الأدوية التي تساعد على انقطاع هذه الحالة تماماً؛ لذا ننصح بأدوية يجب أن يتم استعمالها لمدة ستة أشهر على الأقل.

ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو يسمى تجارياً أيضاً (باكسيل Paxil) ويسمى علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) فأرجو أن تتحصل عليه وتبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرامات – نصف حبة – ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً – حبة كاملة – يومياً، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.

هذا من الأدوية البسيطة والجيدة والسليمة، ولكنه يتطلب استعماله بمواصلة، ولا مانع من استعمال الإندرال مع الزيروكسات، بمعنى أن تتناول في الأيام الأولى أو الأسابيع الأولى على الأقل حتى يأخذ الدواء فعاليته، فتناول الإندرال – إذا أردت ذلك – بجرعة عشرين مليجراماً عند اللزوم ساعتين أو ثلاث قبل أن تود القيام بالعرض.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وأرجو ألا يشغلك هذا الموضوع فهو أمر بسيط جداً، وأرجو أن تتبع الإرشادات التي ذكرتها لك، ونسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية: حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ) العلاج السلوكي لقلة الثقة رجال: ( 265851 - 259418 - 269678 - 254892 ).

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أنا منهارة تماما، وأحتاج لدواء نفسي! 893 الأحد 16-08-2020 04:09 صـ
تشوش الأفكار والقلق ما علاجها؟ 760 الأحد 16-08-2020 01:42 صـ
أعاني من القلق ولا أدري ما سببه؟ وكيف يمكن علاجه؟ 630 الأحد 16-08-2020 02:32 صـ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1558 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ
هل ما أعاني منه قولون عصبي أم مرض آخر؟ 9857 الأحد 16-08-2020 01:24 صـ