أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الاختيار بين دراسة الدكتوراه في الصيدلة ودراسات إسلامية

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أردت أن أعرف عن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: (اطلبوا العلم ولو في الصين)، هل هو حديث حسن؟ وهل العلم علم دين أم علم دنيا؟ ولماذا الصين هل لأنها بلد علم أم لبعدها؟ وهل طلب العلم قاصر على الرجال أم النساء أيضاً.
وإذا لم يتوفر لي محرم هل يمكن أن تكون أمي محرماً لي؟ أي تقيم معي؛ لأن والدي متوفى عليه رحمة الله، وليس لي زوج ووجودي من غير محرم يؤرقني كتيراً، وحزينة لأني أحب الأكاديميات.

ولكن للأسف كلها دراسة دنيا ولا أعرف عن ديني إلا القليل، حيث أني حديثة عهد بالالتزام الديني، فهل هنالك تخصصات في الدراسات الإسلامية، خاصة للنساء في السودان تحديداً؟

ومحتارة أيهما أختار أن أقبل بمنحة لدراسة الدكتوراه في الصيدلة السريرية هنا، وتقيم معي أمي أم أرجع لبلدي السودان وأدرس دراسات إسلامية؟

بارك الله فيكم وجزيتم خيراً؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك مرة أخرى في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يرزقك زوجاً صالحاً يكون محرماً لك وعوناً لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلبوا العلم ولو في الصين) ليس بصحيح، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم علم الدين أو علم الدنيا، وإنما العلم الذي يحتاجه الناس، فإذا كانت حاجة الناس العلم الشرعي أكثر فإنه يراد به العلم الشرعي، وإذا كانت حاجة الناس لعلوم الدنيا أكثر فإنما يراد به علم الدنيا؛ لأن علم الدنيا إذا أردنا به خدمة الدين فهو يعتبر علم دين أيضاً، يعني العلم الصيدلي الذي تتكلمين عنه الآن هذا من علوم الدنيا ولكنه يخدم المسلمين في جانب من أهم الجوانب، فلو أنك طلبت هذا العلم بنية خدمة المسلمين وفك الاحتكار عليه، فإنك بذلك تكونين من الداعيات إلى الله، وتكونين من العابدات المقبلات إلى الله عز وجل بهذا العلم؛ لأن علم الدنيا فرض كفاية وإذا ما طلبه الإنسان صار فرض عين عليه كعلم الدين تماماً، فكما أننا في حاجة إلى فقيه ومفسر، فنحن في حاجة إلى الطبيب والصيدلي، ونحن في حاجة إلى المدرس وإلى المهندس.

فهذه كلها أمور كلها تقوم بها الحياة، ولذلك لو طلب الإنسان العلوم الدنيوية بقصد خدمة الدين صارت علوما دينية وله عليها أجر لا يقل تماماً عن الذي يطلب أي علم من علوم الشريعة.

أما سؤالك: ولماذا الصين؟ قطعاً لبعدها، فعلى فرض صحة هذا الكلام فإن المقصد أن الإنسان يطلب العلم من أي مكان، وكما ورد: (الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها)، فالمعلومة حتى وإن كانت من الشيطان فإني آخذها، فإن سيدنا أبا هريرة رضي الله تعالى عنه تعلم من الشيطان قراءة آية الكرسي عند النوم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال له: (صدقك وهو كذوب).

أما هل طلب العلم يقتصر على الرجال أم النساء؟ فالإسلام لم يفرق بين الرجال والنساء في طلب العلم، وإنما هناك علوم يستطيعها الرجال أكثر من النساء، وهناك علوم تستطيعها النساء أكثر من الرجال، فالمرأة تطلب العلوم التي تتناسب مع مكوناتها وفطرتها، والرجل يطلب العلم الذي يتناسب مع مكوناته وفطرته.

أما سؤالك: إذا لم يكن لك محرم فهل أمك تكون محرماً لك؟
في الواقع أن المرأة لا تكون محرماً للمرأة؛ لأن المحرم لابد أن يكون رجلاً؛ لأن الرجل له مكونات كقضاء الحوائج وغير ذلك لا تستطيعها المرأة بحال من الأحوال، وعليه فلا تكون والدتك محرماً ولا أي امرأة أخرى تكون محرماً لك.

أما عدم وجود محرم يؤرقك كثيراً.. فإني أسأل الله عز وجل أن يمنَّ عليك بزوج صالح حتى يكون محرماً لك تسافرين معه إلى أقطار الدنيا كلها ولا تحملين هم شيء لأن معك - إن شاء الله تعالى – السند والمعين بعد الله تبارك وتعالى.

أما عن دراسة الأكاديميات وأنها دراسة دنيا وأنك حديثة الالتزام ولا تعرفين إلا القليل من علوم الشرع، فإنه من الممكن أن تدرسي أيضاً بجانب علوم الدنيا علوم الدين، فلو خصصت وقتاً ونظمت وقتك بطريقة صحيحة وجعلت لك مثلاً في كل يوم ساعة أو ساعتين تطلعين من هاتين الساعتين على بعض الكتب الموثوقة المحققة التي تحتاجينها بصورة أقوى؛ تحتاجين مثلاً كتبا في العقيدة تتعرفين على الله تبارك وتعالى، وما يجب وما يجوز وما يستحيل في حقه.

أيضاً: نحتاج إلى كتب العبادة نتعرف على كيفية الطهارة بجميع أنواعها، وكيفية الصلاة بكل متطلباتها، وكذلك كيفية الصيام، والزكاة كذلك، فإذن هذه فرض عين لا ينبغي للمسلم أن يجهلها.

كذلك كتب في الأخلاق: كيف نتعامل مع الناس، كيف تتعاملين من الأم ومع الأب، كيف أتعامل مع الزوج، كيف أتعامل مع المسلمين، مع غير المسلمين...؟ هذا أيضاً من المعلوم من الدين بالضرورة التي ينبغي علينا أن نتعلمها حتى نعامل الناس كما أمر الله سبحانه وتعالى.

كذلك أيضاً العلم بالحلال والحرام، فلابد أن تعرفي ما هي المحرمات وما هي الكبائر حتى لا تقعي فيها، وما هي الأشياء التي حرمها الله في القرآن والتي حرمتها السنة.

كذلك أيضاً علم السلوك، كيف تتعاملين مثلاً مع الناس، وتتعاملين بالصبر والرحمة والحلم والأناة؟ هذه كلها أشياء فرض عين يجب أن نتعلمها.

فإذن هذه المسائل يمكن أن نتعلمها بجوار علوم الدنيا، خاصة وأن تخصصك من التخصصات التي نحن في حاجة إليها، فإن دراسة الصيدلة السريرية تخصص نادر، ونحن في حاجة، إليه لأن الله تبارك وتعالى سيجعل على يديك تخريج عدد من المسلمين والمسلمات يقومون بسد هذه الثغرة، ولأن غير المسلمين مازالوا بارعين في مجال الطب أكثر من المسلمين.

وأما سؤالك: هل هناك دارسات إسلامية خاصة في السودان تحديداً؟
فنعم، السودان من البلاد التي قامت بنهضة إسلامية رائعة في مجال النساء، وهناك بحمد الله تعالى معاهد إسلامية قوية، وهناك كليات وجامعات ودراسات موجودة خاصة في الجامعات الرسمية، وأيضاً في جامعة أنصار السنة المحمدية لديهم معاهد في الدعوة للرجال والنساء تعتبر من أقوى المعاهد على مستوى إفريقيا كلها بالكامل.

أما عن حيرتك في الاختيار بين منحة دراسة الدكتوراه في الصيدلة السريرية في ماليزيا وبين أن تعودي إلى بلدك وتدرسين العلوم الشرعية.. فما دمت أنت موجودة هناك وأمك معك؛ فإني أنصح بأن تقبلي هذه المنحة وأن تواصلي الدراسة في التخصص العلمي، لأنكما الآن بعيدتان عن بلدكما والأمر لا يحتاج إلى وجود محرم حتى ولو لك زوج لن يذهب معك إلى الكلية كل يوم ولن يذهب معك إلى المستشفى، وإنما سيكون في حالات السفر، فالآن ما دمتم تقيمون في بلد الإسلام – أنت وأمك – وأنت آمنة على دينك ونفسك فأنصح أن تواصلي الدراسة حتى تنتهي منها، ثم بعد ذلك ترجعين إلى السودان لتكملي الدراسات الإسلامية بعد ما تنتهين من الدكتوراه.

وتجعلين هذا إن شاء الله تعالى أمراً ثانٍ بعد انتهائك من الدراسة العلمية، من الممكن أن تلتحقي ببعض الكليات الإسلامية وتدرسي فيها العلوم الشرعية التي تزيدك ثباتاً على دينك وخدمة له ومعرفة بما ينبغي عليه كامرأة مسلمة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن تعودي إلى بلادك وأنت تحملين أرقى الشهادات وأعظم التخصصات خدمة للإسلام والمسلمين.

وبالله التوفيق.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أشعر بالغيرة والشفقة على نفسي عند المقارنة بغيري، فماذا أفعل؟ 1049 السبت 20-06-2020 10:20 مـ
كيف أحدد هدفي وشغفي؟ 1935 الاثنين 18-05-2020 04:55 صـ
هل لي أجر في دراسة الحقوق قسم اللغة الإنجليزية؟ 656 الثلاثاء 28-04-2020 04:48 صـ
هل أكمل في الصيدلة أم أتوجه للدراسة الشرعية؟ 1235 الأربعاء 15-04-2020 07:39 صـ
استخرت في إكمال الدراسة في تخصصي فتوقفت عن إكمالها! 1721 الأحد 12-01-2020 01:30 صـ