أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الإقامة في بلاد الكفار وخطورة ذلك على الشباب المسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد إخوتي في الإسلام:
فلدي مشكلة، ومشكلتي أنني في هذه الآونة الأخيرة أشعر بشيء من الكره تجاه أخي الأكبر رغم أنني أحبه ولكنه يفقدني أعصابي ولا أستطيع أن أتحمله! فنحن دائماً لدينا وجهات نظر مختلفة ونختلف في كل الأمور، فعلاً أنا أحترم وجهات نظر الآخرين، وأحترم ما نختلف فيه ولكن المشكلة مع أخي هي الدين، ففي بعض الأحيان يتكلم عن الإسلام وكأنه غير مسلم، يعني عندما أقوم بتحميل برامج إسلامية عبر الإنترنت كالأذان والأذكار يمسحها، ويقول إنها تجعجعه عندما يجلس على الكمبيوتر، أو عندما أستمع إلى القرآن في بعض الأحيان يقوم بإغلاقه وتشغيل الموسيقى، وكذلك يقول بعض الأفكار التي لا أستطيع أن أدلي بها (بعض الأشياء في الإسلام لا يقبلها العقل) وفي الحاسوب أجد في بعض الأحيان صوراً غير إنسانية، كما أنني عندما أقوم بنصحه بمرافقة أصدقاء صالحين لا يقبل نصائحي، فهو ومجموعة من الشباب الآخرين يزنون ويذهبون إلى المقاهي كما أن بعضهم يشرب الشيشة ويدخن، آه يا له من فساد أشعر كان إيمانه ضعيف جداً، وأنا أحبه كثيراً وأريد أن أجد حلاً مناسباً معه لكي أساعده في تبيين الحق من الباطل، رغم أن ذلك صعب جداً فأصبحت أنا وأمي الوحيدين في عائلتي الذين يحترمون الدين أكثر ثم أبي ثم إخوتي، وأنا أقوم في غالب الأحيان في نصحهم وتبليغهم ما لدي من العلم ونصحهم في أمور الدين، والحمد لله أن أمي دائماً تدافع عني عندما أتكلم عن الدين، أنا أصلي منذ كان لدي 11 سنة، وأصوم كذلك وأفعل الخير، كما أن بعض الناس يرونني غريباً وخصوصاً زملائي في المدرسة، ربما لأنني أحترم الدين، ولا أذهب لمشاركتهم في احتفالاتهم، وفيما يفعلون وهذا أفعله من أجل ديني لأنني لا أريد أن أتبع الشهوات، وأريد الرفقة الصالحة وأنا مجروح في نفسي لأن الفتن تدور حولي والشهوات كثيرة، والفساد منتشر! ولا أستطيع أن أغير شيئاً منه، فالمدرسة التي أدرس فيها مختلطة، والاحترام فيها غير موجود إطلاقاً، التقبيل فيها بين البنات والبنين عادي! والتكلم في المواضيع الخبيثة عادي! كما أننا في المادة العربية نقرأ كتاباً لنوال السعداوي وهو من أكثر الكتب فساداً وغباءً من بين الكتب التي رأيتها، فهي تتكلم فيه عن الحب وحياتها، وتستعمل آيات من القرآن وأحاديث في بعض الأحيان من أجل أن تفسر أفكارها الغبية، كما تتحدث عن العدل بين الطفل والبنت في الإرث وأن هذا الأمر ليس عادلاً.
إخوتي في الإسلام إن هذا الكتاب خطير وما رأيته أن بعض زملائي وخصوصاً الفتيات أحببن ما تقوله تلك الكاتبة، وهذا خطير، ويؤدي إلى فساد الأمة، وبالمقابل فمعلمنا في مادة العربية في أحد الأيام من رمضان قال لنا: إنكم لا تستطيعون الصيام فلا تصوموا لأنني أعرف أنكم تأتون من أماكن بعيدة إلى المدرسة، وأن لديكم تمارين ودروساً كثيرة وثقيلة، وأن الله غفور رحيم، فعلاً لم أستطع أن أجيبه لأنه لا يحب كل من يقول عكس ما يقول، ونسي أن صيام رمضان المبارك فريضة على كل مسلم إن كان بالغاً ويقدر على الصوم، ونسي أن تلك المدرسة مختلطة وحرام، والعيش في الغرب لديه ضوابط مما جعله يتبع آراءه وشهواته، ونسي أنه يقوم بخطأ فادح وكبير جداً وخطير لأنه ينصح شباباً بارتكاب الكبائر، وكذلك الإنجليز سيقومون بحفلة داخل المدرسة في الشهر المقبل تتعلق بألف ليلة وليلة، وكل التلاميذ مدعوون لها، وسيكون فيها الموسيقى والرقص، كما أن زملائي الأمريكيين والعرب منهم يطالبونني بالحضور، وأنا لم أرد ولكن يسألونني عن السبب، وعندما أقول لهم: إن الإسلام يحرم ذلك، يقولون بأنني أحمق! وعندما أقول لهم: إنني أفضل الذهاب إلى زيارة جمعية إنسانية في مكان تلك الاحتفلات، يقولون بأنني مجنون! وهذا كله فقط قليل مما أعيشه، وملاحظة: أنا أعيش في الغرب.
فما هي نصيحتكم لي؟ وشكراً لكم إخوتي في الإسلام، إنني أخاف أن يغلب علي الوضع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا - يا ولدي - أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم نحن سعداء باتصالك بنا حقاً ويسعدنا أكثر تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يزيدك إيماناً ويقيناً، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة وأن يجعلك من القادة الذين يغيرون سلوك الناس ولا يتأثرون بهم، إنه جواد كريم.
ابني الفاضل محمد: لقد سعدت جدّاً باتصالك بنا وحمدت الله تعالى أن يوجد أمثالك في أبناء المسلمين خاصة في بلاد الغرب، وأقول لك: إن ما تعانيه- ابني الكريم محمد – يعانيه كثير من إخوانك الشباب من أمثالك من الذين أكرمهم الله تبارك وتعالى بحب الإسلام والعيش له والمحافظة على شعائرة.
وأبدأ حقيقة في رسالتك من أولها.. نعم علاقتك مع أخيك الأكبر أعتقد أنها متأثرة بسلوكه، فإنك تحبه فعلاً لأنه أخوك وهذا أمر طبيعي فطري جُبلنا عليه وأنت رجل مسلم لا تعرف الكراهية ولا الحقد ولا الحسد والحمد لله، ولكن سلوكه الرافض للإسلام أو الالتزام به هو الذي جعل هذه الحساسية عندك، وكذلك أيضاً مشيه مع هؤلاء المفسدين الذين يشربون الشيشة ويدخنون وقد يرتكبون بعض المحرمات الأخرى أيضاً أثارت في نفسك وأثر فيها لأنك ترى أن أخاك يمشي مع فئة منحرفة وأنه لا يزداد إلا انحرافاً خاصة وأنه يستهزئ أحياناً ببعض ما تقوم به من أعمال الإسلام، وهذه طبيعة المجتمع الغربي – يا ولدي – لأننا مع الأسف الشديد ندفع ثمناً فادحاً في الهجرة إلى تلك البلاد، هذه بيئات كفر وبيئات ظلم وضلال وتلك طبيعتها لا يعرفون إيماناً ولا يعرفون حراماً ولا حلالاً ولا يعرفون حقاً ولا باطلاً، ومع الأسف الشديد فإن كثيراً من العرب والمسلمين يفرحون عندما يذهبون إلى تلك البلاد وتقبلهم ليكونوا من مواطنيها! ونسوا أنهم يضيعون دينهم أول ما يضيعون، يفرحون بنوع من الاستقرار الاجتماعي ويفرحون بنوع من الوفرة الاقتصادية ولكنهم يتغافلون عن الخسارة الدينية، فهم يفقدون دينهم مع الأيام، وإن لم يفقدوه هم ككبار فإن أبناءهم يخرجون كالكفار تماماً بتمام، لا يقيمون وزناً لدين الله تعالى ويقعون فيما يغضب الله تعالى من الفواحش والمنكرات، ومع الأيام يصبحون من الفسقة الفجرة، بل إن بعضهم قد يكفر بالله - والعياذ بالله رب العالمين – ولذلك أسأل الله ومن أعماق قلبي أن يثبتك فعلاً على الحق وأن يبارك لك في والدتك التي تدافع عنك والتي تأخذ بيدك، فإنها امرأة مباركة أسأل الله أن يجزيها عنك خيراً.
أخي الحبيب محمد: أتمنى أن تربط نفسك مع صحبة صالحة وأن تبحث عنهم وأن تجتهد في البحث عنهم؛ لأن هذه البيئة التي تعيشها بيئة فاسدة، بيئة مظلمة، ولذلك فعلاً يُخشى عليك أن تتأثر بهذا الوضع، وأفضل شيء لك إنما هو البحث عن الصحبة الصالحة، وقطعاً فرنسا فيها جهد إسلامي كبير تستطيع أن تربط نفسك بهذه المراكز الإسلامية وأن تؤدي من خلالها خدمات إسلامية رائعة، فعندك مراكز إسلامية وعندك مجالات الدعوة، جماعة تخرج للدعوة في سبيل الله تعالى وتدعو المسلمين الغافلين للعودة إلى السلام، ولقد نفع الله بهم كثيراً. كما أن هناك جماعات إسلامية أخرى بعضها علمي فقط وبعضها سياسي فقط، وكلها تقوم على خدمة الإسلام، ولذلك أتمنى أن تربط نفسك بأحد المراكز الإسلامية وأن تحرص على أن تواظب دائماً على التواجد في المسجد بصفة مستمرة؛ لأن المسجد بيت كل تقي، كما أخبر بذلك نبيك المعصوم صلى الله عليه وسلم.
فاجتهد في ذلك – بارك الله فيك – وواصل قراءة العلم الشرعي، وواصل – يا ولدي بارك الله فيك – من التزود من الأعمال الصالحة.
وأما عن الكتاب الذي ذكرته فكم أتمنى أن تجد سبيلاً ولو أن تخبر إدارة المركز الإسلامي عندك أو غيرها من الدعاة والمشايخ لينظروا في أمر هذه المدرسة التي تدرس هذا الكتاب، فإن (نوال السعداوي) – كما تعلم – من أشد أعداء الله ورسوله في بلاد المسلمين، ولذلك عليك – ولدي الكريم – أن تحاول أن توصل الأمر بأن تأخذ الكتاب إلى أحد المراكز الإسلامية أو بعض العلماء الكبار ليأتِ معك إلى المدرسة ليبين لهم خطورة هذا الكتاب وليبحثوا عن كتاب آخر يدرسون الإسلام من خلاله ماداموا يريدون أن يدرسوا الإسلام أو يدرسوا الأدب الإسلامي فإن هناك كتباً معتبرة، وهناك كتب رائعة وكتب منضبطة من خلالها يستطيعون أن يقدموا المعلومة الصحيحة الطيبة.
ولدي محمد: أبشر بالخير وتمسك بالدين ولا تلق بالاً لهؤلاء الناعقين، سواء هذا المدرس المسكين الذي يبيح لأبناء المسلمين الإفطار بغير عذر شرعي فحسابه على الله تعالى، حسابه على الله عظيم وجرمه كبير وسيتحمل إثم هؤلاء الطلاب جميعاً في يوم يجعل الله فيه الولدان شيباً.
أتمنى أن تواصل رحلتك وألا تتأثر بهذه البيئة الفاسدة، لأنها بيئة كفر وضلال، وأن تجتهد في طلب العلم الشرعي وأن تربط نفسك – كما ذكرت – بأحد هذه المؤسسات الإسلامية الكبرى، وإذا أتيحت لك الفرصة أن تخرج مع جماعة الدعوة لتعيش حياتهم البسيطة التي يدعون فيها إلى الإسلام ويلتزمون به سلوكاً عملياً، لأنك تحتاج إلى صحبة صالحة وهم غالباً يوفرون هذه الصحبة، ولأني ذهبت إلى الغرب وذهبت إلى الشرق ووجدت أن أفضل ما يقدم للمسلمين في بلاد الغرب هو العمل من خلال هذه الجماعة، قد لا أكون أنا منهم فعلاً ولا أكون معهم ولكني رأيت أثرهم في هذه البلاد، فاربط نفسك بهم أو بأمثالهم من العلماء العاملين وهم ولله الحمد كثير، فإن فرنسا بها نشاط إسلامي رائع، اجتهد – إن شاء الله تعالى – بالارتباط بأحد هذه المؤسسات حتى لا يضعف إيمانك وحتى تواصل الدعوة وتمارسها عملياً سواء أكان في بيتك أو كان في مدرستك أو كان في أي مكان من الأماكن؛ لأن هذه الأمة الفرنسية مسكينة تحتاج إلى من يأخذ بيدها إلى النور، وأنت حامل النور فقدم لهم النور والخير، هم قدموا لكم السكن وقدموا لكم الإعانة وقدموا لكم العمل وقدموا لكم كل الخدمات، ونحن مع الأسف الشديد كمسلمين بخلنا عليهم بشيء هو أهم من هذا كله بدينٍ الله تعالى، ولذلك سيسألكم الله تبارك وتعالى عن هذا الدين: هل بلغتموه لهؤلاء الناس الذين أكرموكم أم أنكم اتبعتموهم في باطلهم وأعرضتم عن دينكم وتخليتم عن سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم ؟
أتمنى لك التوفيق والسداد وأن يأخذ الله بناصيتك إلى الحق، وأبشر بخير فإنك منصور – يا ولدي – في بيتك وفي غير بيتك، والله ولي التوفيق، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك ورسولك محمد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
حائر في مستقبلي بين الوطن والغربة | 1088 | الخميس 16-04-2020 02:49 صـ |
بسبب ظروف العمل والحياة فقدت الرغبة في كل شيء وأصبت بالقلق، فما العلاج؟ | 1473 | الأحد 20-01-2019 06:21 صـ |
هل تربية أبنائي على دينهم يستحق أن أترك رفاهية كندا وتعليمها؟ | 1482 | الثلاثاء 08-01-2019 05:22 صـ |
شعور القلق والاكتئاب بسبب الغربة والوحدة، فهل أعود لبلدي؟ | 1780 | الاثنين 31-12-2018 10:28 صـ |