أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : إصرار الوالدين على عمل بنتهما في عمل مختلط.. وكيفية التعامل معها

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة تخرجت منذ عشرة أشهر تقريباً، وكنت متحمسة للوظيفة وأبحث عنها، ومجال دراستي هو المحاسبة والتسيير المالي، ولكني عثرت على فتوى مفادها عدم جواز العمل كمحاسب في شركة تتعامل مع بنوك ربوية، ثم قرأت مقالات عن عمل المرأة وضوابطه وقرار المرأة في البيت، فأحببت القرار في البيت ووجدت فيه الراحة والطمأنينة، لكن كل من حولي يريدونني أن أتوظف ويرون ذلك ضرورياً، حيث من غير المنطقي أن تجلس المرأة في البيت - خصوصاً غير المتزوجة - حيث يجب أن أعمل وأساعد في المصروف وأتحمل نفقاتي، وأنا لست ضد ذلك لكنني لا آمن على ديني إن توظفت.
ووالدي يبذل الآن كل ما في وسعه حتى أتوظف، وأخاف على مشاعر والديّ من الإحباط والحزن، بسبب أني خيبت أملهما في رؤيتي في أرفع المراكز، واكتفيت بالقرار في البيت وأخاف من العقوق.
علماً أني لا أستطيع مواجهة أهلي بقراري هذا حيث لا أتصور أثر ذلك أو ردة فعلهم، ولا أتخيل التوتر الذي يمكن أن أعيش فيه، وأنا لست فتاة يتقدم لها الخطاب، وإذا مر وقت كثير على تخرجي، ولم أتوظف فإنه لا يبقى لشهادتي أي قيمة، وقد بدأت أحس الآن بذلك، وأتخيل والداي وهما يقولان لي أن فرصتي في الزواج قليلة فمن أين سأعيش، ويخيل إلي أن هذا سبب إلحاح والداي علي بالوظيفة، على عكس شقيقتي حيث يتمنى والداي أن تتزوج وتترك العمل، حيث إنها جميلة جداً ومطلوبة للزواج، فماذا أفعل؟
أحب القرار في البيت وأحب الصلاة في ظروف مناسبة، وأحب لبس العبايات، وأحب الدروس الدينية، وكل هذا لن يتأتى لي بالوظيفة، ولكني أخاف من عقوق والداي وأخاف أن أضيع نفسي ومستقبلي، خصوصاً أنه لم يتقدم لي أي خاطب وأنا قلقة من هذا الوضع، مع العلم أني مكفية المأكل والملبس ولكن النفس ضعيفة، والوالدان يفكران في مستقبل أولادهم، وهم يخافون من أبقى بلا زواج ولا وظيفة، فما الذي ترونه مناسباً لوضعي؟
وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جلنار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل لك من لدنه ولياً ونصيراً، وأن يجعل لك فرجاً ومخرجاً عاجلاً غير آجل، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك زوجاً صالحاً.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فمن أعماق قلبي أقول: (بارك الله فيك وأكثر من أمثالك ووسع رزقك ويسر أمرك وثبتك على الحق وزادك هدى وتقى وصلاحاً واستقامة).
وأما عن عملك والظروف التي ذكرتها في رسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن مقام الوالدين عظيم، وأن الله قد قرن طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما بتوحيده وعبادته جل جلاله، بل نص النبي صلى الله عليه وسلم أن رضا الله من رضا الوالدين وسخط الله من سخطهما، فشأنهم عظيم في دين الله وعقوقهما من أكبر الكبائر، بل إن العقوق يحرم العبد من دخول الجنة، ولكن يا ترى ما هو العقوق الذي حرمه الله؟
إن العقوق هو مخالفة أمرهما وعدم طاعتهما إذا كان أمرهما ليس معصية لله، بمعنى أن أحد الوالدين لو أمرني بعدم الصلاة فلا تجوز طاعته مطلقاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيد الطاعة بشرط عدم مخالفة الشرع حيث قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فإذا أمرت الأم أو الأب ابنتها بترك الحجاب، فلا يجوز لها شرعاً طاعتهما في ذلك، ومن هذا الباب طاعة والديك في العمل في مؤسسات ربوية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء).
فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا لعن الكاتب كما لعن الآكل، وعليه فلا تجوز طاعتهما في مثل هذا العمل، وإذا كان هناك عمل في أي مؤسسة حكومية أو أهليه لا تتعامل بالربا فلا مانع من العمل إذا كنت ملتزمة بالحجاب الشرعي ولا يوجد هناك اختلاط؛ لأن هذه هي شروط عمل المرأة، فاطلبي من والديك مساعدتك في البحث عن عمل لا يتعارض مع الشرع، وأخبريهم بأنه لا مانع لديك شرعاً من العمل إذا كان مشروعاً.
ولا تشغلي بالك بالزواج أو الرزق؛ لأن هذا كله مقدر في علم الله قبل خلق السموات والأرض، واعلمي أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وتأكدي من أن الله لا يضيع أهله مطلقاً، حتى وإن كنت لا تملكين أي قدر من الجمال، فثقي أن هناك من يبحث عن الصالحات المستقيمات، ولا ينظر لمسألة الجمال مطلقاً فالزواج بيد الله، والأرزاق بيد الله، والملك الذي يرزق الكافر الذي يعبد غيره لا يتخلى عن عباده وأوليائه، ولكن قد يتعرض العبد لبعض الابتلاءات في الرزق أو الزواج لحكمة يعلمها الله، فإن صبر ونجح في الاختبار فهو من خيرة عباد الله، ويكفيه أنه صار من الصابرين، وأنه جل جلاله يحب الصابرين.
فاطلبي -كما ذكرت- من الأهل مساعدتك في البحث عن عمل شرعي بالشروط الشرعية، فإن لم يوجد فتأكدي أنك لست عاقَّة لهما ولا عاصية، وإنما عليهما أن يعرفا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن كل شيء بيد الله وحده، وأنه لا يضيع أهله، وأن ظننا فيه لن يضيع أبداً.
ثم مسألة أخرى، وهي أن المرأة أصلاً لا يجب عليها العمل؛ لأنها ليست مكلفة بذلك شرعاً، فهي إما ابنة ينفق عليها أبوها، حتى تدخل بيت زوجها فيتولى الزوج النفقة؛ لأن المرأة فرغت لمهمة أعظم وأجل، وهي تربية الأبناء، والقيام على شئون زوجها، وكونك لم تتزوجي بعد فهذا لا يعني أنه يجب عليك العمل، لا سيما إذا كان وضعكم مساعداً، ولا تحتاجون إلى نفقات إضافية لا يستطيع الوالد الكريم توفيرها، ولكن كما ذكرنا إن قررت العمل فلا تقبلي إلا بعمل تحافظين فيه على مروءتك وحجابك.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يهديكم إلى سواء الصراط.
والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
هل أترك الدراسة لأبتعد عن الاختلاط؟ 2666 الأربعاء 05-02-2020 01:15 صـ
لا أستطيع التأقلم مع مهنتي واكتئبت منها، فما الحل؟ 868 الأحد 06-10-2019 01:43 صـ
أصبت بالاكتئاب والحزن لأني لم أجد وظيفة، فما العمل؟ 2332 الخميس 03-10-2019 04:31 صـ
أرغب بترك العمل لكنني أخشى من ظهور مشاكل جديدة! 959 الاثنين 23-09-2019 03:11 صـ
أريد أن أتحرى الرزق الحلال في الكسب، فبماذا تشيرون علي؟ 865 الثلاثاء 17-09-2019 02:41 صـ