أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : معاملة الأب القاسية لابنته وكيف تتصرف حيالها

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد جاهدت بكل ما أوتيت من قوة لكي لا أكره أبي، ولكني أستطيع القول بأني فشلت، وقد بدأت مشكلتي مع أبي منذ أن كنت طفلة، حيث لم أكن أناديه بـ(أبي) قط، ولا مبرر لذلك سوى أني لم أشعر به كأب أبداً، ورغم أنه لم يقصر أبداً في دفع مصاريفي المالية، وهنا يقتصر دوره فقط، ولكن المصيبة بأن أبي يكرهني أشد كره، وقد كنت أنكر ذلك إلى أن سمعت إخواني يتهامسون بذلك، ولا أعرف سبب ذلك، على الرغم من أني كنت أكثر أبنائه تفوقاً حتى الآن، فأنا من طالبات الامتياز بالجامعة، والكل يذكرني بالذكر الحسن ولله الحمد.

والمشكلة أن أبي يقف كالعثرة في طريقي، فقد حصلت على سبع منح دراسية، ولكنها قوبلت بالرفض من قبل أبي دون مبرر، حتى إن أحد أساتذتي طلب مني أن أكون أستاذة في الجامعة ولكن بعد أن أحصل على الماجستير في إحدى الدول على نفقة الجامعة، وقد حاول أن يكلم أبي ولكن دون جدوى، على الرغم من أن أبي سعى لإخواني حتى حصل لهم على منح دراسية على الرغم من قلة تحصيلهم الدراسي.

وكره أبي يتجلى في أمور عدة لو بدأت في سردها فلن أنتهي، ومن الأمثلة عليها أنه كان يرفض أن أذهب في رحلات مدرسية، في حين أنه مسموح بذلك لبقية إخواني، حتى من هم أصغر مني سناً، وقد مرضت في شهر رمضان وبكت أمي حتى يقتنع أبي بأن يأخذني للمستشفى، ولكنه اكتفى بالقول دعيها تموت لكي أرتاح.

ورغم أني متفوقة دائماً ولله الحمد ولكني لم أحصل على ثناء أو تقدير من أبي، في حين أن إخواني يحصلون على الثناء والهدايا إن حصلوا على نصف درجاتي، ولذلك فإن زواجي سيكون بعد شهرين من رجل لا أعرفه، وذلك حتى لا يدخل أبي في مشاكل معه.

وأشعر بحيرة من أمري، فأنا محبوبة من الجميع ولله الحمد، ولكني لا أعرف لماذا يكرهني أبي، وقد قالت لي عمتي وأمي أيضاً بأن أبي يعاملني بهذه الطريقة لأني ولله الحمد على قدر من الجمال، وأبي يخاف أن يفسدني بالدلال، ولكن هذا الجواب لم يقنعني قط، فأنا لا أطلب الدلال أبداً، وإنما أطلب أن أحظى بنفس المعاملة التي يحظى بها بقية إخواني.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح لك والدك وأن يوفقه للعدل بينك وبين إخوتك وأن يذهب ما في قلبك عليه وأن يرزقك زوجاً صالحاً.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن الناس جميعاً بصرف النظر عن دياناتهم يرون أن أرحم الناس بالناس وأرفق الناس بالناس وأعظم الناس عطفاً ورحمة وشفقة إنما هما الوالدان، وهذه مسألة غير قابلة للنقاش أو الجدال، وهذا ما استقر عليه عرف الناس منذ آدم عليه السلام، فإذا حدث خلاف ذلك كان الأمر مدعاة للغرابة والتساؤل فعلاً، هل هذه هي أمي حقّاً؟ وهل هذا هو أبي فعلاً؟

بل إن الإنسان أحياناً يشك في نسبته لأبيه إذا وجد منه معاملة غير طبيعية، ولذلك فإنني حائر مثلك أشد الحيرة، لماذا هذه المعاملة؟ ولماذا التفريق الواضح؟ وهل يمكن أن يكون ذلك بدافع الحب والخوف على المصلحة أو الغيرة؟ فإذا كان كذلك فهل يمكن أن يكون لشخص معين في الأسرة دون البقية؟ أمور كلها تدعو للغرابة والاستنكار حقاً، ولا أملك حيال هذا التصرف الغير طبيعي إلا أن أقول لك: كان الله في عونك.

وأرجو منك أن لا تتوقفي عن الدعاء له حتى لا يظلم غيرك كما ظلمك، فهو مسكين وفي أمس الحاجة إلى الدعاء أن يبصره الله بالحق، وأن يعان على العدل بين أبنائه.

ومع كل هذه المعاناة التي نشعر بها معك، فإنه ينبغي أن ننظر للأمور نظرة معتدلة، ونحاول أن نفسر تصرفات الوالد على أساس دافع الخوف والحرص عليك أيضاً، وهذا نستشفه من تفسير أمك وعمتك - حفظهما الله - عندما ذكرا لك مسألة خشية إفسادك بالدلال، فبعض الآباء قد يدفعهم الحرص الزائد إلى الإفراط في المنع للبنت على وجه الخصوص، فيكون حظها قدر زائد من المنع من الخروج، ومن المتع التي قد يظن الوالد أن فيها نوعاً من التساهل الذي يخرج البنت عن واجب الحزم والأدب، وربما يكون هذا أحد التفسيرات لتصرف الوالد.

ومع أن هذا التصرف خطأ من الوالد حفظه الله، إلا أنه ينبغي أن تلتمسي له العذر في ذلك، وبهذا تعلمين سبب عدم موافقته على سفرك للدراسة، كما أن أسباباً أخرى قد توجد مثل عدم وجود المحرم معك في السفر وفي الغربة، وحتى لو وجد المحرم، فقد يرى الوالد أن بقاءك خير من سفرك لعدم ظهور مصلحة راجحة في ذلك.

وأما تفضيل إخوانك عليك، فالحقيقة لا ندري ما سببه أيضاً، لكن لا ندري هل إخوانك ذكور أم إناث؟ أم مختلطون ذكوراً وإناثاً؟ لأن الذكر قد يحصل على امتيازات تناسبه وتناسب وضعه كذكر، كالسماح في الخروج من البيت بشكل لا يكون الوضع نفسه مع الأنثى، وهذا لا يعني أن الأنثى ليس لها نصيب في ذلك، بل على قدر الحاجة، وأما الترفيه والهدايا والمصاريف، بل وإظهار الحب والاهتمام مما هو في وسع الوالد أن يعمله، فهذا كله يجب العدل فيه بين الأبناء ذكوراً وإناثاً، وقد جاءت الأحاديث ترهب في ذلك وتأمر بالعدل.

وأما بخصوص زواجك، فلا ندري في أي مرحلة وصل الآن هل تم عقد القران أم لا؟ لكن نتمنى أن يكون الاختيار على أساس من الدين والخلق، فلابد من هذين الشرطين الأساسيين، فلا تتنازلي عنهما أبداً؛ لأن هذه حياتك ومستقبلك، فنرجو أن تكوني صريحة في ذلك مع الوالد حفظه الله، ولكن بالطريقة اللطيفة التي تضمن لك استجابته، وذلك بعد توضيح وجهة نظرك وطلبك، ولو عن طريق الوالدة حفظها الله، فلا مجال للمساومة على مسألة خطيرة كالزواج، صحيح أنه ولي أمرك ويرشح من يشاء لابنته وفلذة كبده، إلا أن شريعة الله تعالى تحكم الجميع، وقد جاءت الشريعة بـ(إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

وأما مسألة المال التي ينظر إليها الناس عادة، فهي مسألة فرعية ثانوية تأتي مع بقية المسائل الفرعية كالحسب والنسب والجمال، ويبقى الدين والخلق هما المعيار والأساس.

ولعل الله أن يجعل في زوجك هذا خيراً وعوضاً لك مما حرمت منه من حنان الأب، وأن يساعدك على تحقيق كل أمنياتك المشروعة، وما ذلك على الله بعزيز.

والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...