أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل كثرة الدعاء ترد القضاء؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل فعلاً كثرة الدعاء يرد القضاء كما يقولون؟ فأنا تمنيت شيئاً وأدعو الله به ليل نهار منذ ما يقارب الخمسة أشهر؛ أدعو الله في كل وقت بهذا الدعاء، وذلك اتباعاً لقوله تعالى: "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون". وكما سمعت كثيراً أن من يكثر ويلح في دعائه كثيراً فإن ذلك يرد القضاء؛ فهل فعلاً يرد الله القضاء لشيء بكثرة الدعاء؟

وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هديل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الدعاء قدر الله، وعلى المسلم أن يرد قدر الله بقدر الله، ولا يرد القضاء مثل الدعاء، والدعاء والقضاء يتعالجان بين السماء والأرض، والدعاء سلاح، والسلاح يضاربه فإذا كان حامل السلاح قوياً رد بدعائه القضاء، وإن كان في الدعاء شيء من الضعف وتعادل مع البلاء تعالجا وتصارعا بين السماء والأرض، وإذا كان في صاحب الدعاء ضعف وخلل خفف الدعاء من البلاء النازل، والدعاء ينفع فيما نزل وفيما لم ينزل.

والإنسان لا ينال من دعائه إلا الخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها) وأي بشارة أعظم من هذا؟ وهذا الحديث يدل على أن الإجابة تتنوع وأن ما يختاره الله للإنسان خير من الذي يختاره الإنسان لنفسه، ولذلك قال ابن الجوزي وهو يتحدث عن السلف وأدبهم: (كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين يرجع أحدهم بالملامة على نفسه ويقول مثلك لا يجاب أو لعل المصلحة في أن لا أجاب)، وهذا فهم عميق لأن الإنسان إذا قال لنفسه مثلك لا يجاب فإنه عند ذلك يشعر بالتقصر فيستغفر ويتوب ثم يكرر المحاولات فتأتيه الإجابة، وإذا قال لنفسه لعل المصلحة في أن لا أُجاب سلم الأمر لربه وأعلن عن رضاه بقضائه وقدره، وإدراك أن الله قد يحرم عبده من الشيء رغم حبه له؛ لأن في ذلك الأمر هلاكه وضياعه.

وأرجو أن نعلم أن السلف كانوا يعلمون أن الدعاء عبادة ولذلك كانوا يسألون الله ملح الطعام إذا فقدوه ويسألون الإعانة في شسع النعل إذا انقطع، والله سبحانه يقول: {واسألوا الله من فضله}، ويقول: {ادعوني استجب لكم}.

وقد قال عمر رضي الله عنه: أنا لا أحمل همَّ الإجابة لأن الله تكفل بها ولكني أحمل همَّ السؤال، ولا يبخل على نفسه بالدعاء إلا بخيل مخذول، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، والدعاء رأس الخيرات، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: (إني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) والعاقل يكثر من الدعاء لنفسه بالثيات والهداية، ولأموات بالرحمة وللمسلمين بالنصر والخير.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله فإنها مفتاح الخيرات، وعليك بكثرة الاستغفار فإننا نحرم من الخيرات بذنوبنا ومعاصينا، واحرص على أن تكون بداية الدعاء الثناء على العظيم رافع السماء، ثم صلّي وسلمى على إمام الأنبياء، ثم ارفعي حاجتك لمن يستجيب الدعاء، ثم اختمي بالصلاة والسلام على من بعثه الله رمزاً للهداية والهناء. ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...