أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الحاجز النفسي بين المريض وبين تناوله لأدوية الاكتئاب النفسي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

المشكلة هي أني لا أستطيع أن أبدأ في تناول أدوية الاكتئاب، علماً أني أعلم أنها ستفيدني كثيراً، ولكن عندما أبدأ في التناول أحس أني شخص آخر، وأحس أني غير متزن ومخنوق، وأريد أن أترك الدواء فوراً، فعندي مشكلة كبيرة في مسألة الارتباط الشرطي، أي: أني سأكون مخنوق وغير سعيد وغير متزن إذا أخذت الدواء، فهناك صراع داخلي عندي بين أن آخذ الدواء وأن أقنع نفسي دائماً بأنه سيفيدني كثيراً -وهو بالفعل سيفيدني كثيراً- وبين الأحاسيس الداخلية بأني سأكون غير متزن وغير سعيد إذا أخذت الدواء، مع العلم أن هذا الارتباط الشرطي يحدث معي كثيراً في الحياة ويزعجني كثيراً، أي: أني غير سعيد بسبب هذا الشخص المتواجد معنا، فعندما يرحل أحس بالسعادة الغير منطقية، علماً بأن هذا الشخص لم يفعل لي شيئاً يغضبني منه! فما هي المشكلة التي أعاني منها؟ وكيف أتغلب عليها؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Karm حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

أخي! هذه المشكلة حقيقة هي قد تكون غريبة بعض الشيء، وقطعاً الطب النفسي لا توجد فيه كل الحلول لكل المشكلات، ولكن هنالك بعض الاجتهادات وهنالك مدارس وهنالك نظريات، ومن هذا السياق سوف إن شاء الله أجتهد بقدر المستطاع، وأسرد عليك التفسير اللازم لها.

أخي الفاضل! هذا التنازع وهذا الحاجز النفسي الذي هو بينك وبين تناول الأدوية في رأيي هو أمر وسواسي، أنت أصبحت لديك فكرة وسواسية متسلطة عليك، تحس أنك غير متزن وأنك مخنوق حين تتناول الدواء، بالرغم من معرفتك التامة أن الدواء إن شاء الله سوف يفيدك، وهذا هو الوسواس بعينه.

يعرف الإنسان أن الفكرة أو الفعل أو الطقوس أو الخيال، يعرف أنها سخيفة جداً، ولكن ربما لا يستطيع أن يتغلب عليها، هذا هو أحد التفسيرات، وفي رأيي هذا هو التفسير الأقوى والأرجح.

التفسير الآخر هو ما يراه بعض علماء المدرسة التحليلية، وهم يرون أن الإنسان في بعض الأحيان ربما يستفيد من المرض بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هذا الأمر قد يكون غريباً جداً، ولكن الاستفادة المقصودة هنا أنه حين يتم شفائه من هذا المرض، فهو مضطر لمواجهة صعوبات الحياة ومشاكلها وتحمل مسؤولياتها، ولذا يفضل هذا الإنسان -وبصورة لا شعورية ولابد أن أحتم على هذه النقطة- أن يظل على مرضه، ولذا يتجنب تناول الدواء.

هذا أيضاً من التفسيرات التي وردت في كتب علم النفس.

أخي! الذي أتصوره والذي أرجوه هو أن تعيد النظر في هذه الفكرة بمجملها، دعنا نتعامل مع الذي أنت فيه على أنه أمر وسواسي، والوساوس يا أخي تهزم وتحقر بتحقيرها بعدم اتباعها وبالقيام بما هو مخالف لها.

إذن: يا أخي! إجراء الحوار النفسي الجاد مع نفسك هو حل، وحل في رأيي سوف يعود عليك إن شاء الله بنتائج طيبة وإيجابية جداً، ربما تقول لي: قد حاولت في السابق، وأنا أقول لك: حاول مرة أخرى؛ لأنه لا يوجد شيء اسمه الفشل إذا أردنا أن ننظر للأمور بالمنظار الإيجابي، إنما هي تجارب وتجارب، ثم بعد ذلك إن شاء الله يأتي الإنجاز.

إذن: أخي! اجعل هذا هو مفهومك، واجعل هذا هو فكرك المعرفي، وصدقني في نهاية الأمر سوف تنجح جداً، يمكنك أن تجعل هنالك روابط لإضعاف هذا الوسواس، وذلك لفك الارتباط الشرطي، على سبيل المثال تصور أنك تريد أن تتناول الدواء، وفجأة شعرت بأنك غير متزن أو أنك مخنوق، في هذه اللحظة قم بالضرب على يدك بقوة حتى تحس بالألم الشديد، أدخل هذا الألم في جسدك وفي كيانك، واجعله يرتبط بهذه الفكرة، كرر ذلك عدة مرات.

هذه أيضاً أحد الحيل النفسية التي تساعد في علاج الوساوس القهرية.

الشيء الآخر أخي! هو أن تنتهج سبل جديدة لتناول الدواء، يمكنك على سبيل المثال أن تذهب إلى المستشفى النفسي، وتتفق معهم أنك سوف تحضر لتناول الجرعة يومياً في الصباح أو في المساء، هذا يا أخي موجود، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يتفهم مشكلتك، أو اتفق مع أحد أصدقائك أن يحضر إليك ويجلس معك وتتناول أنت الدواء، ويمكنك أن تتخير أحد الأصدقاء الذين يتناولون أحد الأدوية، ليس من الضروري أن يكون الدواء دواءً نفسياً، ولكن حاول أن تتواصل معه، وتتناول الدواء في نفس الوقت الذي يتناول فيه الدواء الخاص به.

أخي! الذي أقوله لك ربما يظهر من الوهلة الأولى أنه قد يكون غير عملي أو مضحك، ولكن يا أخي هذه المفاهيم النفسية الصحيحة والمجربة والعلمية.

الشيء الآخر: هنالك يمكنك أن تكون محاولات أخرى لأدوية لا تتطلب التناول بصورة مستمرة، على سبيل المثال، يعرف أن البروزاك من الأدوية الفعالة والعظيمة جداً لعلاج الاكتئاب، والآن الحمد لله يوجد ما يعرف ببروزاك 90، هذا نوع من البروزاك يتناوله الإنسان بمعدل كبسولة واحدة في الأسبوع، فقط كبسولة واحدة، وهو بفضل الله تعالى متوفر في دولة الإمارات العربية حسب ما أعرف.

إذن: أخي! هذه أيضاً وسيلة من الوسائل، عموماً هي حاجز نفسي يجب أن تقتلعه، ويجب أن تكسره، وفي رأيي هذا ليس مستحيل، تحقير الفكرة والقيام بما هو مضاد ومخالف لها هو الذي إن شاء الله سوف يؤدي إلى تخلصك من هذه العلة الوسواسية في نظري.

أرجو أخي أيضاً ممارسة العلاجات السلوكية الأخرى، وعلى رأسها التفكير الإيجابي، وكذلك إدارة الوقت بصورة صحيحة تعطي الإنسان حافزاً يؤدي إلى الشفاء التلقائي بإذن الله.

عليك بممارسة الرياضة، عليك يا أخي بالحرص في النواحي الإيمانية، والمداومة على الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر والدعاء.

أخي هذه محفزات ودوافع إيجابية جداً.

أنا أرى أن تغيير خارطة التفكير لديك، والحرص على العلاج المعرفي والتغيير الإيجابي، سوف يشجعك ويحفزك لتناول الدواء، ولتخطي هذه الحواجز النفسية.

أسأل الله لك الشفاء، وأسأل الله لك العافية، وتوكل على الله وابدأ في تناول الدواء من الآن، أقول لك: من الآن، ولا تؤجله أبداً، وحقر فكرة أنك سوف تكون غير متزن أو أنك مخنوق، هي ليست موجودة، هي فكرة وسواسية، والوسواس يمكن أن يهزم ولابد أن يهزم.

وبالله التوفيق.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تداويت للتخلص من الاكتئاب ولكن لم أشعر بالتحسن 1285 الأحد 09-08-2020 06:15 صـ
لماذا استمرار القلق والاكتئاب رغم تغيير الدواء؟ 2988 الأربعاء 29-07-2020 04:34 صـ
كيف يتم استخدام دواء الرهاب والاكتئاب.. وكيف يتم إيقافة؟ 3529 الاثنين 27-07-2020 04:17 صـ
أريد تشخيص حالتي، فأنا أشكو من عدة أعراض نفسية. 4431 الثلاثاء 21-07-2020 06:18 صـ
ما علاقة دواء فافرين بالحكة الجلدية؟ 1264 الاثنين 20-07-2020 04:07 صـ