أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : استخار في زواجه ثم طلق وندم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد استخرت الله عز وجل للزواج من فتاة، وعقدت العقد عليها، وكنت في غاية الانسجام معها، وقد وشى بها أحد أقربائها فصليت الاستخارة وطلقتها، والآن وبعد مرور سنة على طلاقها مني لم يمر يوم بدون التفكير فيها، وقد أصابني اكتئاب بسبب إحساسي أني ظلمتها وهذا هو الذي حصل.
فعقيدتي اهتزت، ومدى تصديقي للاستخارة اهتز، وخصوصاً أني صليتها في حياتي أكثر من خمسمائة مرة على الأقل، فماذا يعني، أقبل وأخطب ويعلم الله عز وجل بأني سوف أتركها وأطلقها ويقدر لي هذا، ما الذي يحصل بالله عليكم، وأين كلام رسولنا الكريم: (لا خاب من استخار ولا ندم من استشار) مع أني كلي ندم وخيبة أمل.
علماً بأني ملتزم بصلاة المسجد، ومؤمن بالله، ومؤمن بالقدر خيره وشره، ولكني استخرت الله للزواج ليكفيني شره ويهبني خيره ولكني طلقت، ومع كل هذا لو أن طريق الرجوع لها موجود ما توانيت لحظة، لكنها تزوجت من شاب آخر، فحسبي الله ونعم الوكيل.
وأنا الآن مثل المعاق، ولكن إعاقتي في قلبي، فلا أقدر على التنفس، وأشعر بأني ميت، وأحس بالدمعة في عيني بسبب لجوئي إلى الله وحده، وأحس بخيبه الأمل وأستغفر الله العظيم.
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ RO حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فتعوذ بالله العظيم واستغفر ربك واشغل نفسك بالمفيد، واعلم أن أمر المؤمن كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، أو أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وكيف عرفت أن الخير كان في الزواج منها؟ وما هي مقاييس الخير عندك؟
ألم تقل في دعاء الاستخارة وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، ربما كان الخير هو خروجك بأخف الأضرار، فتعوذ بالواحد القهار، وأعلن رضاك بالأقدار، واعلم بأن كل ما حصل كان في علم الله وهو من تقديره سبحانه، وقد تظهر لك الحكمة وقد لا تظهر، لكنك مطالب بالرضا كما قال عمر بن العزيز: (كنا نرى رضانا في مواقع الأقدار)، فسبحان من لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون.
وأرجو أن تسأل الله أن يرزقك الرضا بما قسم لك وقدر، واعلم أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فمن رضي فله الرضا – وأمر الله نافذ –، ومن سخط – والعياذ بالله – فعليه السخط - وأمر الله نافذ -، ولا تقل لو أني فعلت كذا وكذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.
ولست أدري كيف يحس بالألم والندم من لجأ إلى الله، وأرجو أن يعلم الجميع أن صلاة الاستخارة لا تعني أنه لا توجد مشاكل في الطريق، ولكن صلاة الاستخارة تعني أن المؤمن قام بما عليه، ومن واجبه أن يرضى بالنتائج، كما أن صلاة الاستخارة دعاء، والدعاء سلاح، والسلاح بحامله والسيف بضاربه، فربما كان الضعف في نفسك، فاستغفر ربك وسارع إلى التوبة وتجنب الاعتراض على الأقدار، واعلم أن هناك من سأل الله زوجة ليكون ضياعه على يدها، وهناك من يسأل الله سيارة ليكون موته عليها، ولذلك كان السلف يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، ويرجع أحدهم بالملامة على نفسه ويقول لنفسه: مثلك لا يجاب أو لعل المصلحة في أن لا أجاب، ألم يفعل نبي الله الخضر أشياء كان ظاهرها مما يزعج، حتى استنكر ذلك نبي الله موسى، ثم تبين بعض الحكم الجليلة، فالزم حدودك وتجنب الاعتراض.
واعلم أن النساء غيرها كثير واستغفر ربك على الخلل والتقصير، واستأنف حياتك على خطى رسولنا البشير، ولا تحاصر نفسك بوساوس الشيطان واستعن بالرحيم الرحمن، ومرحباً بك مع الآباء والإخوان، واعلم أن الكون ملك للواحد الديان، ولن يحصل فيه إلا ما أراده وقدره في سالف الأزمان، فاقصد الخير، واسلك سبيل أهل الإيمان.
وأسأل الله أن يعمر قلبك بالاطمئنان واشغل نفسك بتلاوة القرآن ليبتعد عنك الشيطان.
بقي أن نذكرك بأنك استخرت وشاورت ولكنك أصغيت إلى الوشاة، فكان هذا الخطأ من جانبك ومرتبط بك، فلا تحمل الاستخارة نتيجة هذا الخطأ لأنه ليس منها، وإنما منك أنت، فالله جل وعلا قد نهانا أن نطيع كل هماز مشاء بنميم، فإذا خالفنا الأمر وعصينا هل نرجع بالملامة بعد ذلك على ربنا، ونقول بأن عقيدتنا في الاستخارة اهتزت؟!! كلا هذا ظلم وإنزال للأمور في غير مواقعها، بقي ما يتعلق بالفتاة التي ارتبطت بشاب آخر وتزوجت، فليس لك سبيل عليها بعد ذلك كما تعلم، فوجب أن تقطع الطمع فيها وتريح نفسك من عناء التفكير، فهذا هو سلوك العقلاء والمؤمنين الأتقياء، أما ما يتعلق بشعورك بأنك ظلمتها، فهذا قد وقع منك على وجه التغرير من الواشي الذي وشى بها، فعليك بالتوبة والاستغفار، فربنا الرحيم الغفار يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ورخمته وسعت كل شيء، ونعيد التذكير بأن المؤمن مكلف بعدم الاعتراض على الأقدار، والتسليم في كل ذلك للواحد القهار، وقد أحسنت عندما ختمت كلامك بالاستغفار، فهو دليل على حسن النية وصدق الطوية، ومن كان هذا حاله فهو إلى التوفيق أقرب، وإلى الخير أسرع وأرغب.
نسال الله تعالى أن يعوضك خيراً.
وبالله التوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
أريد تفسيرا لكل ما يحدث لنا! | 1510 | الأحد 14-06-2020 05:54 صـ |
هل كل شيء يحدث له غاية؟ | 6285 | الاثنين 30-03-2020 06:05 صـ |
ما الذي يجعلني أتبع الدين بدون قيود؟ | 2539 | الثلاثاء 24-03-2020 05:50 صـ |
كيف أتقبل فشلي في اختبار القرآن؟ | 5361 | الأحد 22-12-2019 12:29 صـ |
كيف أجمع بين الرضا والدعاء؟ | 4762 | الثلاثاء 09-04-2019 07:03 صـ |