أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : مفهوم الشفاء التام في الطب النفسي

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السيد الدكتور محمد عبد العليم المحترم.
تحية طيبة وبعد:

فأرجو من الله أن تكون أحوالك جيدة.
في الحقيقة أنا أعجز عن التعبير عن تقديري وشكري لك شخصياً.

فإن الخدمات التي تقدمها مجاناً للناس لا تقدر بثمن، الحمد لله فإن حالتي تحسنت كثيراً مع الأدوية التي وصفتها لي رداً على استشارتي السابقة، فقد أخذت الدواء لفترة 6 شهور، ومن ثم توقفت عنه تدريجياً، خلال فترة تناول الدواء كانت الأمور ممتازة ولا زالت بعد تركي للدواء لحوالي شهر، لكن بعد توقفي عن الدواء شعرت أن حالتي تراجعت قليلاً، لا يمكن القول أن الأمور عادت كما كانت قبل أخذ الدواء، ولكن شعرت بقليل من الأعراض في بعض المواقف، مع أنني لم أتعرض لمواقف صعبة يمكن من خلالها الجزم أن حالتي تراجعت جدياً أم أنها مجرد أعراض عابرة؟

في الحقيقة هذا هو سبب تأخري في الكتابة لك، فكنت أنتظر حصول ظرف ما يجعلني متأكداً من شفائي الكامل أو رجوع بعض الأعراض.

فما هو تحليلكم لحالتي الآن؟ هل وصلت للشفاء التام؟ وماذا يمكن أن أفعل إذا عادت لي بعض الأعراض؟

وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله أن حالتك قد تحسنت لدرجة كبيرة، وحقيقة مفهوم الشفاء التام في الطب النفسي ربما يختلف قليلاً عن مفهومه في الطب الجسدي، وبالنسبة للطب النفسي حين يصل الإنسان إلى مرحلة التكيف والتواؤم مع نفسه ومحيطه يعتبر هذا شفاء من المفهوم النفسي حتى وإن ظلت هنالك بعض الأعراض البسيطة، ومن الطبيعي جدّاً أن يتفاهم الإنسان مع الظروف السلبية والظروف غير المواتية بصورة فيها شيء من عدم الارتياح، هذا طبيعي جدّاً، وحتى هنالك من يرى من علماء النفس أن الإنسان لابد أن يجرب القلق، ولابد أن يجرب الحزن، ولابد أن يجرب التوتر حتى يحس ويعرف ويتعلم ويحدث له نوع من الارتباط الشرطي على المتغيرات الإيجابية المضادة لأحزانه ولقلقه ولتوتره، هذا من الناحية العامة.

أما من الناحية التي تخصك فأنا في نظري أنك بحمد الله قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من الصحة النفسية، وأستطيع أن أقول لك أن هذا هو الشفاء، وأن ما انتابك من أعراض بسيطة وقليلة هو متوقع يحدث لحوالي 30 إلى 40% من الناس خاصة بعد أن يتم التوقف عن الدواء، وفي أصل المخاوف والتوترات والقلق والاكتئاب بصفة عامة من أكبر أسبابها هي وجود الاستعداد في داخل النفس البشرية، أي هنالك بعض الناس لديهم الاستعداد أكثر من غيرهم، وأنت ربما تكون واحداً من هؤلاء، وعليه أرجو ألا يكون هذا الكلام محبطاً بالنسبة لك، لا... فأنت ما دمت قد تحسنت وما دمت قد جربت نعمة الصحة والعافية فلن تكون هنالك رجعة بإذن الله تعالى لهذه الأعراض.

فترة الشهر أو الشهرين التي تعقب توقف الدواء هي الفترة الحرجة بعض الشيء، أي أن في هذه الفترة ربما تتراجع حالة الإنسان قليلاً، ولكن بعد ذلك سوف تعود الأمور بصورة طبيعية جدّاً خاصة إذا طبق الإنسان آليات العلاج الأخرى غير الدوائية والتي تتمثل في الإيجابية والفعالية والتفكير الإيجابي وعدم الاستسلام للأعراض، والعيش بتفاؤل وأمل، وهذا هو المطلوب في حالتك. أرجو أن تقوي هذا التحسن بهذه الدعائم الأساسية.

ثانياً: الذي أرجوه منك هو ألا تراقب نفسك ولا تعش تحت القلق التوقعي، وإذا حدث لك شيء من عدم الارتياح أو الخوف البسيط لا تتصور أن هذه انتكاسة مرضية، فهذا أمر طبيعي جدّاً ولا تدقق ولا تفتش ولا تبحث عن الأعراض، فالكثير من الناس يستجلب لنفسه الأعراض مرة أخرى، وذلك بتوقع حدوثها أو الخوف تحت وطأة أنه سوف ينتكس، هذا في حد ذاته أمر غير محبب، أنت الحمد لله قد تحسنت وعشت هذا التحسن، فأرجو أن تدعمه وتعيش معه وتقول لنفسك: أنا الحمد لله بخير، أنا قد تحسنت وحتى وإن عادت لي الأعراض هذا لا يعني شيئاً، سوف تختفي هذه الأعراض، أرجو أن تعيش هذا التوجه الذهني النفسي الوجداني لأنه سوف يساعدك كثيراً.

وحتى وإن رجعت لك الأعراض بالشدة التي لا تتحملها لا مانع من العودة إلى تناول الدواء مرة أخرى، فهذه الأدوية سليمة وهي ليست إدمانية وليست ذات تأثيرات سلبية كبيرة، ولكن الذي أرجوه منك هو أن تعيش على الأمل وأن تكون لديك إرادة التحسن وأن تكون لديك إرادة مواصلة وتدعيم ما حدث من تقدم في صحتك النفسية، فأنت والحمد لله بخير وأن الذي في نظري وصلت له هو مرحلة من مراحل الشفاء.

أسأل الله أن يتم لك الشفاء والصحة.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1564 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3859 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
القلق المزمن ونوبات الهلع، حلقة مفرغة في حياتي، ساعدوني. 2478 الأحد 09-08-2020 03:58 صـ
أشكو من أعراض نفسية وعضوية وتحاليلي سليمة. 1231 الاثنين 10-08-2020 01:16 صـ
ما سبب شعوري بعدم الثبات وأني عائم؟ 2199 الأحد 26-07-2020 04:44 صـ