أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : برودة وتعرق والإحساس بأعراض مرض القلب

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم وبارك الله فيكم.

أخاف أحياناً من أمراض القلب على الرغم من أن كل الأطباء قالوا لي ـ والحمد لله ـ أنني ممتاز وقلبي سليم، ولكن عندي تسارع بالنبض أحياناً يكون شديداً ويصل إلى 115، وأكثر الأوقات بالتسعين، وعملت تحليلاً للغدة الدرقية حيث شك الأطباء فيها وكانت النتائج ـ والحمد لله ـ سليمة وقال لي الطبيب أنها وراثة، وفعلاً موجود هذا الأمر بكثير من أفراد العائلة، ومعه أيضاً تعرق بالكفين وبرودة بالأطراف ( أقصد فقط الكفين والقدمين ) وفي طول فصل الشتاء أبقى لا أستطيع أن تكون قدماي دون لباس من الصوف، وأيضاً كفي يبردان جداً ولكن لا يتغير لونهما ولا لون الأصابع ولا أي شيء سوى الشعور بالبرودة الشديدة جداً، وفي فصل الشتاء طبعاً البرودة، أما التعرق فعلى مدار السنة.

فما أود معرفته منكم وجزاكم الله خيراً كيف أقنع نفسي بأنني ـ والحمد لله ـ سليم وكل الأطباء يقولون ذلك؟

ولكن برودة القدمين والكفين هل هي فعلاً عارض نفسي؟

وأحياناً أقول: التسارع بالنبض وراثي وطبيعي ولكن مستقبلاً ألن يؤثر على القلب ويضعفه لا سمح الله؟

خلاصة القول: أنني أريد أن أقتنع بأن برودة الكفين والقدمين والتسارع لن يضعفان القلب لا سمح الله، وأنهما فعلاً عارض سيزول؟ وأن تحليلاتي خاطئة، ومنها أنني أحياناً أصاب بدوار أو عدم تركيز أو شبه دوخة أو آلام عند القلب أشبه بالإنقباضات أو التشنجات (مع وجود قولون عصبي وتوابعه حسب تشخيص الأطباء) فأصبحت أشخص وأحلل لدرجة أنني أخاف من ارتخاء الصمام المترالي، أو أقول أن هناك نبض زائد وبحاجة لإيكو (كل هذا طبعاً أقرأه وأسمع به وأنا لا يمت تخصصي للطب بصلة) وهكذا، أحياناً أكون ممتازاً وأقول: مستحيل أنني أعاني من أي خلل، ولكن مرات ومع التسارع والتعرق وبرودة الأطراف أبدأ أحلل وأشخص وأتخيل وللأسف الأسوأ، وبالتأكيد أنني مهتم جداً بقياس الضغط ودوما يكون 110/70 وأحياناً 130/80 وهكذا ولكن مرة واحدة كنت منفعل جداً ومتوتر وكان قياسه 140/90 وهذه الأعلى فخفت جداً وتخيلت الجلطة وانسداد الشرايين، وصرت أخاف الضغط وأراقب الجهة اليسرى من الصدر وأخاف جداً من النغزات على الصدر وهكذا، رغم أنه -والحمد لله- منضبط والطبيب يخبرني بأنه جيد وكذلك أموري الأخرى.

هذا ما أفكر به وبصراحة أنا لم أخف كيفية تفكيري مع الموضوع لأنني أثق بكم، ولكن ليس الأمر سيئاً جداً يا دكتور، فأنا ـ والحمد لله ـ أقوم بكل ما هو مطلوب مني بجدارة وأحيا حياة جيدة، وكل أموري مستقرة وعلاقاتي على ما يرام، بل متميزة وكل أصدقائي يستشيروني ويحترمون رأيي جداً، ولي وضع اجتماعي ـ والحمد لله ـ ممتاز، ولكني أسعى للأفضل ولا أريد أن يتعكر مزاجي بهذه الواسوس اللعينة وأريد أن أقتلعها من جذورها بإذن الله.

فكيف ألغي الخوف من ارتفاع الضغط ومن التسارع ومن كل المرض، ولا أريد أن أشرب دواء ليس لأنني أرفض الدواء أو أنني ضده ولكن أكثر من 4 اختصاصيين قالوا لي أن لا مشكلة والدواء يكون نفسياً (مهدئاً أو مزيل قلق) فقط، فأنا مستعد لأن أتغير للأفضل وبشكل دائم، فأريد الطريقة لذلك ولا أريد أن أكون هكذا متقلباً تمضي شهور وأنا ممتاز ثم تأتي أيام وأتردد على الأطباء وأتخوف.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حقيقة موضوع الانشغال بالصحة والأمراض - خاصة أمراض معينة - أصبحت تشغل الكثير من الناس؛ لأن المعلومات الإعلامية عن الصحة أصبحت كثيرة ومنتشرة جدّاً، كما أن المرض في حد ذاته أصبح شاغلاً للناس وذلك للاكتشافات العلمية الكثيرة.

من حق الإنسان أن يقلق على صحته، ومن حقه أن يسعى لأن يكون في أحسن صحة وعافية، ولكن لابد أن يكون ذلك في حدود المعقول.. ولا أريد أن أستعمل كلمة ( التوهمات المرضية ) أو حتى كلمة ( المراء المرضي )، ولكن هو في الحقيقة انشغال عام بالصحة، أرجو أن أبدأ معك بداية صحيحة، وهي أنك أولاً تعاني من القلق النفسي! هذا القلق نحو صحتك هو ثانوي جدّاً، النواة الأساسية لعلتك هي وجود القلق النفسي، والقلق النفسي يظهر في عدة أشكال وأنواع وألوان، كل إنسان له بالطبع فطرته وله تركيبته النفسية، وتعتبر أبعاد الشخصية محدداً أساسياً للصيغة التي سوف يظهر فيها القلق.

إذن أنت تعاني من القلق، والقلق يعالج بالطمأنينة وبالتأمل الإيجابي، يعالج بأن نفهم بأنه قلق نفسي وليس أكثر من ذلك.

إذن تُخاطب النفس وتقول: لماذا أقلق أنا؟ لماذا لا أكون أكثر طمأنينة وتقل عني هذه المخاوف؟! إذن القلق هو الشيء الأساسي لديك.

أنت لا تريد أي علاجات دوائية، وربما أختلف معك بعض الشيء، الإنسان طاقاته تتحمل أشياء معينة، ولكن إذا كان هنالك أساس كيميائي وبيولوجي للقلق فلابد أيضاً أن يعالج بيولوجيّاً، هذه النظريات أصبحت الآن معتمدة ومعتبرة وموثقة في كثير من المحافل العلمية.

الناس تنشغل دائماً بالأمراض المميتة – الأمراض التي ربما تسبب الوفاة، ومنها أمراض القلب بالطبع ومنها أمراض السرطانات على سبيل المثال – لذا يكثر الانشغال أو التوهم المرضي حول هذه الأمراض، وكذلك في الآونة الأخيرة ظهر الانشغال بمرض فقدان المناعة المكتسب.

أتت لي مريضة – سيدة محترمة في الآونة الأخيرة – كل انشغالها وهمها أنها مصابة بهذا المرض، بالرغم من أنها بعيدة كل البعد عن مسبباته، أصبحت تذهب للأطباء المختلفين وتفحص الدم بصفة أسبوعية للتأكد، وفي آخر الأمر أقنعناها بأنها قلقة، وقلنا لها بأنك تعانين من التوتر، وعالجناها على هذا الأساس وتناولت أدوية القلق مع العلاج السلوكي والإرشادي، وهي الآن في صحة ممتازة.

أنت أشرت إشارات واضحة بأنك تعاني من القلق، وما ذكره لك الأطباء بأنك تعاني من القولون العصبي، ما هو القولون العصبي؟! كلمة ( العصبي ) هي في الأصل هي عصابي وتعني القلق، الناس الآن تتحدث عن القولون العصبي، تتحدث عن القلب العصبي، تتحدث عن الصداع العصبي.. إذن هذه مؤشرات لوجود هذا القلق.

أنت ـ الحمد لله ـ تمتلك الكثير من الجوانب الإيجابية الممتازة في حياتك، تملك الخلق القويم والتعليم والمهنة والاستقرار الأسري، هذه كلها إيجابيات عظيمة من الواجب أن تقلل لديك هذا القلق.

الوصفة السحرية – إذا جاز التعبير – لمعالجة مثل حالتك هو: عدم التردد على الأطباء، والاقتناع والطمأنينة بأنك لا تعاني من علة، من قال لك أنك لا تعاني من مرض كان مخطئاً، أنت تعاني من القلق!! والقلق حالة، صحيح أنت لا تعاني من مرض القلب لكنك تعاني من القلق، والقلق يعالج بالتجاهل ويعالج بأن نفهم بأنه قلق، فأرجو ألا تتردد على الأطباء.

لا مانع أبداً لأن يفحص الإنسان نفسه مرة كل سنة، فحص عام لدى طبيب الأسرة، هذا يكفي جدّاً.

أبتعد تماماً عن قياس الضغط بصفة يومية، صدقني أنت محتاج لأن تقيس ضغطك بعد خمس سنوات من الآن، أي حين تبلغ 32 من العمر.

أنا أعرف أن ذلك قد يكون صعباً، ولكن صدقني إذا قاومت وكنت مصرّاً على هذه المقاومة سوف تصاب بقلق بسيط في أول الأمر، لكن بعد ذلك سوف يكون الأمر أمراً عاديّاً.

ثانياً: وجِّه انتباهك لأشياء أخرى، لا تراقب جسمك ووظائفه بهذه الصورة، مارس الرياضة، كن مبدعاً في مهنتك، أكثر الاطلاع، أكثر التواصل.

ثالثاً: أنا أعرف أنك – الحمد لله – على إيمان وعلى قناعة ولكن زيادة الجرعة الإيمانية تزيد من الطمأنينة أيضاً (( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28].. الدعاء، الذكر، التلاوة.. كلها إن شاء الله دعائم مدعمة للصحة النفسية وباعث نحو الطمأنينة، هذه أسس أساسية جدّاً.

يمكن أن تقوم بإجراء بعض العلاجات السلوكية الذاتية، خاطب نفسك وقل: أنا لا أعاني من مرض القلب، هذا التسارع ناتج عن القلق وسوف ينتهي، وحين لا أقلق لن يحدث هذا التسارع.

القلب عضو لا إرادي، أي: ليس تحت إرادتنا أساساً، لا نتحكم فيه، لماذا نشغل نفسنا به، هذا هو منطق الأشياء.. فأرجو أن تكون أكثر قناعة بأن ما تعاني منه هو القلق.

ممارسة الرياضة وجد أنها مفيدة جدّاً، ممارسة تمارين الاسترخاء تساعد كثيراً في مثل حالتك هذه.

تجنب الجلوس لوحدك، حاول أن تختلط بالآخرين، سخر كل طاقاتك وأبعدها عن الانكباب نحو وظائف الجسد، فالرياضة وتمارين الاسترخاء والمشاركات الاجتماعية كلها سوف تصرف بالك عن هذه المراقبة الشديدة للنفس.

أرجِع للنقطة التي ذكرتها لك أولاً وهي (موضوع العلاج الدوائي ) أنت لديك موقفاً من هذا الأمر، ولكن صدقني من حقك أن تكون سعيداً وتكون مسترخياً وأن تكون في طمأنينة أكثر، والأدوية تفيد في هذا السياق خاصة الأدوية الحديثة.

إذن لا تحرم نفسك من هذه النعمة، ويجب أن نكون علميين ومنطقيين في تفكيرنا، ويجب أن تكون الأمور قائمة على الدليل؛ لأن هذا هو المنطق العلمي الحديث، الدليل يقول: إن القلق هو استعداد شخصي ولكنه مرتبط أيضاً بتغيرات كيميائية وبيولوجية تحدث في أجزاء معينة في المخ، وهنالك إفرازات كيميائية.

إذن من هذا المنطلق لماذا لا تأخذ الدواء، خذ الدواء خاصة أنه الآن توجد أدوية فعّالة وسليمة وطيبة جدّاً وغير إدمانية وليست متعددة الجرعات، دواء مثل السبراليكس، حبة واحدة في اليوم، هذا لم يكن متوفراً منذ سنوات قليلة مضت، لم يكن متوفراً أبداً، كان الناس يعالجون بكمية من الأدوية، عدد كثير من الحبوب في اليوم تؤثر عليهم في مستوى اليقظة والتفكير، وتؤدي إلى الخمول والكسل، الآن تغيرت الصورة، فإذن ابدأ بتناول السبراليكس – بارك الله فيك – وجرعة البداية هي 5 مليجرامات – نصف حبة – ( نبدأ معك بتدرج شديد )، يوجد السبراليكس في شكل 10 مليجرامات و20 مليجراماً.. ابدأ بنصف حبة من فئة الـ 10 مليجرامات لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعها إلى 10 مليجرامات لمدة شهر، ثم يا حبذا لو رفعت الجرعة 20 مليجراماً؛ لأن الأبحاث كلها تدل أن هذه الجرعة أكثر فعالية.. استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى 10 مليجرامات واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وبعدها خفضها إلى 5 مليجرامات لمدة شهر، ثم توقف عن الدواء.

أنا متأكد أن حياتك سوف تتغير جدّاً وسوف تكون أكثر طمأنينة.

أرجو أن تأخذ بما في هذه الاستشارة، وأرجو أن تطمئن أولاً وأخيراً أن هذا الأمر هو مجرد قلق، والقلق يعالج بالطمأنينة، وعليك بتطبيق الآليات التي تؤدي إلى هذه الطمأنينة.
وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1558 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3852 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
القلق المزمن ونوبات الهلع، حلقة مفرغة في حياتي، ساعدوني. 2453 الأحد 09-08-2020 03:58 صـ
أشكو من أعراض نفسية وعضوية وتحاليلي سليمة. 1214 الاثنين 10-08-2020 01:16 صـ
ما سبب شعوري بعدم الثبات وأني عائم؟ 2187 الأحد 26-07-2020 04:44 صـ