أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : التفكير في العبقرية دون وجود مقوماتها

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله.
منذ فترة قريبة بدأت أتساءل عن موضوع العبقرية والذكاء والإبداع، وأنا للأسف أعاني من ضعف الثقة بالنفس، وفشلت مرات كثيرة، وهذا أثّر في نفسيتي بشكل كبير، وقمت أبحث عن موضوع العبقرية والذكاء لمدة طويلة، وقرأت مئات المقالات، وسألت الكثير، وفكرت وقرأت كتبا، واستمعت إلى أشرطة تتعلق بالموضوع، ولكنني لا زلت أرغب وأحس بنقص، وأرغب في التحدث والبحث عن الموضوع، وأعتقد أن هذا ناتج عن ضعف الثقة بالنفس.

في نفسي جانبان، جانب يعتقد بأنني عبقري، وجانب يقول لي أنني لست كذلك ويشكك، نفسي تقول لي أنت لست عبقريا، وإذا كنت عبقريا فهل تستطيع أن تكتشف ما اكتشفه العلماء قبلك؟ هل تستطيع أن تعمل راديو بدون أن تتعلم؟ وأنا لا أستطيع أن أفسر كيف يعمل، وهنا أبدأ بالإحساس بأنني لست عبقريا، والنقص وضعف الثقة بالنفس، والجانب الثاني في نفسي يقول إن العبقرية ليست في اكتشاف ما اكتشفه العلماء؛ لأن هذا ناتج عن جهود عشرات السنين، وأنا لا أستطيع أن أكتشف ما اكتشفه العلماء في دقائق، أو حتى لو أكرس حياتي هكذا لكي أكتشف بدون أتعلم، لا أستطيع؛ لأن هذا العلم نتاج آلاف السنين من قبل الميلاد إلى الآن.

وأيضاً يقول الجانب الذي يعتقد أنني عبقري أن في الإسلام بإمكان الإنسان إذا تعلم العلوم الشرعية أن يصبح شيخا، وإذا استمر واستمر يستطيع أن يصبح مفتيا، وهذه مسئولية كبيرة جداً جداً، فإذا كان الإسلام يعطي هذه الثقة بالإنسان في أمر ربما ليس علميا، لكن يتطلب الفهم والعقل والاستنباط، ويشكل ثقلا كبيرا، فهذا يعني أن كل إنسان عاقل يستطيع أن يصبح عالما ويكتشف ويبدع ويفكر بعمق.

كيف أتخلص من هذه الأحساسيس؟ أنا لدي كتاب بالانجليزية تقريباً 800 صفحة، يشرح الكهرباء والالكترونيات، وأعتقد أني بقراءة هذا الكتاب سوف أتمكن من معرفة أجوبة لأسئلتي فيما يتعلق بالالكترونيات والكهرباء، وفي نفس الوقت أكتشف العقلية والعوامل التي أدت إلى اكتشاف هذه الأمور المعقدة، فأنا بصراحة أتمنى لو كان هناك كتاب يتكلم عن كيفية اكتشف العلماء للأشياء، وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالطبع من الجميل والمفيد أن يتأمل الإنسان في كل أمور الحياة، وأن يتأمل في هذه الاختراعات العظيمة، ولكن في حالتك أرى أن الأمر قد أخذ طابعاً وسواسيّاً، فقد أصبحت مشغولا بهذا الأمر بصورة غير منطقية، وأصبح شغلك الشاغل، كما أن هنالك نوعاً من التناقض والتشابك في الأفكار التي تنتابك وتأتيك.

العبقرية والذكاء والإبداع لا شك أنها هبة من الله للإنسان، ويستطيع الإنسان أن يطورها وينميها ويقوِّيها بالاطلاع والاطلاع المعقول.

حقيقة أنصحك ألا تسترسل في هذه الأمور، ولا تسرف في التفكير فيها، قل لنفسك: أنا أود أن أكون إنساناً معقولاً أنال قدرا من العلم والمعرفة، يجعلني أتفهم الحياة ومتطلباتها، وأن أحصل –إن شاء الله– على مركز مرموق أستطيع من خلاله التنافس على أن أبني ذاتي وأثبت فعاليتي.

والمكتشفات أصبحت في وقتنا الحاضر لا تعتمد على الأفراد، إنما تعتمد على المؤسسات، لقد انتهى وبدرجة كبيرة الوقت الذي يصبح فيه أحد الناس شإذن أو مبتكراً لوحده، أصبح العمل المؤسسي القائم على البحث هو الذي يجدي وهو الذي يؤدي إلى هذه الاختراعات التي نراها.

لا أريد حقيقة أن أسبب لك أي نوع من الإحباط، ولكن لابد أن أوجهك أو أنصحك أن الأمر بالنسبة لك من الواضح أنه أصبح فيه الكثير من الصيغ الوسواسية.

التأمل جيد والسعي جيد، عليك أن تسعى وتتعلم، تعلم علوم الدنيا وتعلم العلوم الشرعية بما تستطيع، وسوف تجد -إن شاء الله– أنك قد أصبحت معقولاً ومتكيفاً مع ظرفك.

أنتَ الآن تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، وهذه مرحلة الإقدام على الدراسة الجامعية، أرجو أن تلتزم بمتطلبات المرحلة، دائماً نقول هذا هو الأفضل، التزم بمتطلبات المرحلة من الناحية التعليمية، ولكن يمكنك أن تتميز ويمكنك أن تتفوق ويمكنك أن تبدع، هذا هو الذي سيكون أفيد لك وسوف يجعل لك الركيزة العلمية القوية، لا تقل أنا أريد أن أكون مخترعاً وأنتَ في السنة الأولى –مثلاً– في الجامعة، ولكن قل: أريد أن أكون ملمّاً ومجيداً ومجوِّداً لما أدرس، ومن خلاله سوف تجد أنك أصبحت تتطور علميّاً.

حقيقة سيكون من المفيد لك أن تتناول بعض الأدوية، ربما تستغرب وتقول ما علاقة الأدوية بما أعاني منه؟ ما تعاني منه فيه الكثير من السمات الوسواسية -كما ذكرت لك- والوساوس يعتقد أن هنالك مكوِّناً بيولوجياً يسببها أو على الأقل يزيد منها لدى الأشخاص الذين لديهم الاستعداد لهذه الوساوس، خاصة الوساوس إذا كان فيها شيء من أحلام اليقظة، تستجيب بصورة جيدة للعلاج الدوائي.

الدواء الذي أنصحك بتناوله هو العقار الذي يعرف باسم بروزاك، وهو معروف وجيد جدّاً وفعّال جدّاً، أنتَ محتاج لجرعة كبسولة واحدة في اليوم –وليس أكثر من ذلك– ولكن لابد أن تستمر عليها على الأقل لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عنه.

حقيقة أنصحك بالقراءة أو المذاكرة الجماعية مع زملائك، فهذا سوف يجعلك تعيش مع الآخرين على نفس النمط، حاول أن تمارس الرياضة الجماعية، أن ترتب وقتك، وتحرق هذه الطاقات فيما هو مفيد.
وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أرغب في أن أكون ما أريد، فأي طريق أسلك؟ 1642 الخميس 02-04-2020 06:13 صـ
نظرتي للحياة سلبية وقد أثرت على دراستي ونفسيتي، فكيف أتجاوز الأمر؟ 2533 الخميس 17-01-2019 06:36 صـ