أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : سمات الشخصية المتصفة بالقلق والاضطراب النفسي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

زوجتي شديدة العصبية تثور لأتفه الأسباب، تهتم بصغائر وتفاصيل الأشياء، شديدة الغيرة، كثيرة الكلام، دائمة التوتر، مرتفعة الصوت، مندفعة في كلامها وفي مشاعرها، كثيرة الشك والقلق، كثيرة النسيان، مجادلة وعنيدة جداً، قليلة الثقة بالنفس، تفهم الأمور معظم الأحيان بعكس المقصود منها.

وسؤالي: هو هل هناك رابط بين كل هذه الصفات السلبية؟ وهل هذه حالة سلوكية أم مرضية؟ وما علاجها؟
مع الشكر.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه الصفات التي تتصف بها الفاضلة زوجتك، لابد أن نأخذها بكل حذر وكل تجرد، وأنا بالطبع أثق في كل كلمة تقولها، ولكن في علم النفس ومن أسسه الأساسية لابد للمعالج أن يفحص الشخص حتى تكتمل لديه الصورة؛ لأن في كثير من الحالات ربما تكون أحكامنا فيها نوع من المبالغة البسيطة، خاصة إذا كانت هذه الأحكام تتعلق بمن نحب من أبناء وزوجات.

ولكن يا أخي ما وصفته في رأيي أيضاً يمثل الحلقات الأساسية في شخصية زوجتك، فهذه العصبية والتوتر والقلق، وارتفاع الصوت، واندفاعية المشاعر، والشك وسوء التركيز؛ هي كلها مردها إلى أن شخصيتها من النوع القلق، والقلق يمكن أن يوجد كعرض من أعراض القلق النفسي، أو يمكن أن يوجد كسمة من سمات الشخصية، وفي بعض الأحيان أيضاً يكون مصاحباً لأمراض أخرى كالوساوس القهرية والاكتئاب النفسي.

عموماً إذا كانت زوجتك تشتكي أو تظهر عليها دائماً هذه الأعراض التي ذكرتها، إذن تكون العلة الأساسية في شخصيتها، أما إذا كانت هذه التفاعلات والانفعالات تراودها من وقت لآخر، فهذه تكون علة في مزاجها، إذن فالاستمرارية في الأعراض وتواجدها بصفة دائمة أو شبه دائمة هذا يمثل علة في الشخصية، أما إذا كانت متقطعة وظرفية فهي متعلقة بعلة في المزاج.

والذي أميل له هو أن زوجتك في الغالب لديها علة في الشخصية، والقلق يا أخي ليس كله سيء، ولكن حين يزداد عن المعدل الطبيعي، لا شك أنه يضر بصاحبه وبمن حوله، ولكن القلق في حد ذاته هو طاقة نفسية مرغوبة من أجل النجاح والإبداع، ومن أجل أن تكون للإنسان دافعية ويقظة ضمير.

عموماً أخي من الواضح أن درجة القلق التي عند زوجتك هي أكثر من المعدل المطلوب، ولا نستطيع أن نقول أنها حالة مرضية، هي حالة سمة أو صفة من صفات الشخصية، ولكن أتتها بعض الصعوبات السلوكية، وفي هذه الحالة نسميها حالة عصابية، هذه هي التسمية الصحيحة، وليست عصبية كما يعتقد البعض، إنما المسمى الصحيح هي أن زوجتك تعاني من هذه الحالة العصابية مع اضطراب بسيط في الشخصية.

والعلاج يا أخي يتطلب الوقت والصبر والتعاون من جميع الأطراف، منك ومنها، فبالنسبة لها لابد أن تقتنع أنها تعاني من صعوبات، ولابد أن تتفهم ذلك، ويتأتى ذلك عن طريق الحوار، الحوار مع من يعرف أو معك إذا قلت لها: يا زوجتي الفاضلة، أنا ألاحظ عليك كذا وكذا وكذا.. قل لها هذا في وقت يكون مزاجها حسنا، وأنا على ثقة إن شاء الله سوف تقبل هذا الكلام، ثم بعد ذلك يأتي التوجيه أو يأتي العلاج، إذا اقتنعت بمقابلة أحد الأطباء النفسيين فهذا شيء جميل، وإذا لم تقبل هذا فيمكن من خلال هذه الاستشارة أيضاً أن تصل إلى بعض الحلول التي أتمنى أن تساعدها.

أولاً: العصبية والتوتر تكون ناتجة من الاحتقانات النفسية عند الأشخاص الذين أصلاً يعانون من شخصية قلقة، وهذه الاحتقانات النفسية تأتي أو تبنى عن طريق الكتمان، بمعنى أن الشخص لا يعبر عن ذاته بالصورة المقبولة وفي الوقت المطلوب، قد يسكت الإنسان عن صغائر الأمور، هذا بالنسبة للشخص الذي يتمتع بتحمل كبير لا توجد مشكلة، أما الذي لا يستطيع الصبر فبالتأكيد سيكون الأمر عليه صعباً، ولذا دائماً ننصح بالتفريغ النفسي.
إذن أنصح زوجتك بأن تعبر عن نفسها في نفس اللحظة التي تحس بها بعدم الارتياح، لا تترك الأمور حتى تزيد وتتضخم، فيا أخي كما تحتقن الأنف تحتقن النفس، إذن العلاج هو التفريغ، والتفريغ يأتي عن طريق التعبير.

ثانياً: أرى أن زوجتك إذا مارست تمارين الاسترخاء سوف تستفيد كثيراً، وهذه التمارين متعددة، وتوجد عدة كتيبات وأشرطة في المكتبات يمكن من خلالها أن تطبق هذه التمارين، أو يا حبذا لو قامت بمقابلة أخصائية نفسية لتمرنها عليها، وإذا صعب كل ذلك فيمكنها أن تستلقي في مكان هادئ وتفتح فمها قليلاً وتغمض عينيها، ثم تتأمل أنها مسترخية وأنها في سكينة مع نفسها، ثم بعد ذلك تأخذ نفساً بطيئا وعميقاً – وهذا هو الشهيق – بعده تمسك الهواء في صدرها، ثم بعد ذلك تقوم بعملية الزفير – وهي إخراج الهواء – ولابد أن يكون بنفس القوة وبنفس البطء، تكرر هذا التمرين عدة مرات، أربع إلى خمس مرات في كل جلسة بمعدل مرتين في اليوم.

وهنالك تمارين أخرى تتعلق باسترخاء عضلات الأرجل والحوض والبطن والصدر... وهكذا، أرجو من زوجتك أن تمارس هذه التمارين.

ثالثاً: لابد أن تتأكد زوجتك من أي رابط ما بين الدورة الشهرية وهذه التوترات، فالكثير من النساء نسبة لاضطرابات هرمونية قد يحدث لهنَّ بعض العصبية الزائدة، وتكون قبل الدورة أو مرتبطة بالدورة الشهرية، فأرجو أن التأكد من ذلك.

رابعاً: أرى أن زوجتك أيضاً من الأفضل أن تفحص الغدة الدرقية، فنشاط الغدة الدرقية الزائد ربما يؤدي أيضاً إلى سمات مما ذكرته، حتى وإن كانت العلة الأساسية في شخصية الزوجة.

خامساً: لابد أن تشعر زوجتك بأنها فعّالة وبأنها شخص ممتاز، فقط عليها أن تصبر وتتواصل، عليها أن تشعر بأنها هي سيدة البيت، وأنها هي صاحبة الأمر وأنها الشريكة الحقيقية لك وأنها الأم المثالية، هذه أمور في اعتقادي مهمة جدّاً.

سادساً: لابد أن تعطيها الفرصة الكاملة للمشاركة في القرارات الأسرية، ولابد أن يكون هنالك نوع من الحوار المتواصل بينكما، خاصة حين يكون مزاجها حسنا، وأنا أدعو الكثير من الأسر لعقد الكثير من الاجتماعات الأسرية الأسبوعية، تجتمع كل الأسرة، الأطفال والزوجين، ويرأس هذه الجلسة فرد ويكون ذلك بالتناوب، حتى الأطفال يعطون هذه، وتكون هذه الجلسة حوالي ساعة أو ساعة ونصف تناقش فيها أمور الأسرة، هذا يؤدي إلى نوع من الترابط وإلى نوع من العلاج الجمعي النفسي الأسري، ومن خلاله يستطيع الشخص أن يفرغ عما بداخله.

سيكون أيضاً من الجميل إذا مارست زوجتك أي نوع من الرياضة مثل المشي مثلاً، ربما يكون ذلك فيه صعوبة بالنسبة للنساء في بلداننا، ولكن الحمد لله الآن مفاهيم الناس تغيرت وقيمة الرياضة أصبحت معروفة لدى الكثير.

أخيراً أخي: سيكون من المفيد جدّاً لزوجتك أن تتناول بعض الأدوية، الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب تفيد في مثل هذه الحالات، يمكنها أن تبدأ بدواء بسيط جدّاً يعرف باسم موتيفال، تأخذ حبة ليلاً لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى حبة صباحاً ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة لمدة شهرين، ثم يمكنها أن تتوقف عنها.

حين تبدأ الموتيفال إذا لم تتحسن بعد شهر من بدايته، لابد أن تنتقل إلى علاج آخر يكون أكثر قوة وفعّالاً، وفي هذه الحالة نعطي مضادات الاكتئاب الصريحة والمعروفة، ومنها العقار الذي يعرف باسم زولفت أو ليسترال، والجرعة هي 50مليجرام – حبة واحدة – ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك حبة صباحاً ومساء لمدة أربعة أشهر، ثم حبة واحدة لمدة شهرين أو ثلاثة، بعدها يمكن أن تتوقف عنه.

أخيراً: أسأل الله لزوجتك الشفاء، ولابد أن تكون ناصحاً لها موجهاً لها، ولابد أيضاً أن تأخذ المعاملة حسب ما أتت في ديننا الحنيف، فالإنسان من خلال الدين يستطيع الصبر ويستطيع التواصل، ويستطيع أن يقلل من غضبه ومن قلقه.

وبالله التوفيق.


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا أستطيع التفكير إلا في رضا الناس.. كيف أتخلص من ذلك؟ 1920 الأربعاء 24-06-2020 03:47 صـ
أشعر بالجنون والاكتئاب عندما أتعمق في مشاعري. 1370 الأربعاء 17-06-2020 08:47 مـ
لدي خوف وتردد وأخاف من المواجهة حتى عند الاختلاف! 2871 الاثنين 18-05-2020 10:04 صـ
عدم الثقة بالنفس وتقلب في المزاج! 2290 الثلاثاء 28-04-2020 04:29 صـ
كيف أستطيع اتخاذ القرار؟ 1532 الثلاثاء 21-04-2020 05:34 صـ