أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : أشعر بالظلم من أهلي لأنهم رفضوا من أردته زوجًا لي، فماذا أفعل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة موظفة، تجاوزت الثلاثين، تزوجت في السابق بضغط من أهلي، ومررت بتجربة صعبة جدًا انتهت بالطلاق، كنت دائماً أرفض الزواج؛ لعدم شعوري بالراحة، ولكني وافقت بفعل الضغط؛ حيث كان الذي تزوجني من الأقارب.
مرت أكثر من سنة ونصف على الطلاق، وتقدم لخطبتي أحد الرجال الذين يعملون معي، علمًا بأنه ذو خلق ودين، ولكنه ليس من القبائل التي تقبل بها عائلتي.
صليت الاستخارة وارتحت له كثيراً، بل وتعلق قلبي به، وعندما فاتحت أهلي في الموضوع رفضوا رفضاً قاطعاً دون السؤال عنه، تم الرفض بسبب عائلته وعرقه.
أخبرته بالرفض، ولكن قلبي محطم، أشعر بالظلم من أهلي؛ بالرغم من أني أخبرتهم أني أريده زوجًا، ولكنهم يهتمون لما سيقوله الناس، أكثر مما يهتمون لاختياراتي!
لا زلت أطيع والديّ، ولكني أشعر بالغضب والخذلان، ولا أستطيع أن أكلمهما بشكل طبيعي كما كنت في السابق، لا أرفع صوتي، ولكني لا أريد أن أقضي معظم وقتي معهما كما كنت في السابق.
فهل هذا عقوق؟ وما العمل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولًا: نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرضّيك به، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقرّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسُك.
نحن نتفهم موقفك -ابنتنا العزيزة- وحرصك على الزواج وإعفاف نفسك بالحلال، وينبغي لك أن تأخذي بالأسباب ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، مفوضة أمرك لله، فما يُقدّره الله ويُدبّره لك خيرٌ ممَّا تختارينه أنت لنفسك، وقد قال الله سبحانه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
ننصحك أولًا بالتوجُّه الصادق إلى الله تعالى باضطرار وفقر، أن يُهيئ لك من أمرك رشدًا، وأن يختار لك الخير، وأن ييسّر لك الزوج الصالح.
ثانيًا: الاستعانة بمن لهم كلمة مقبولة عند الوالدين من الأقارب، من الأعمام أو الأخوال، أو الإخوة والأخوات، ونحو ذلك من الأقارب الذين يسمعون لكلامهم، فإذا كان الله تعالى قد قدّر أن تتزوجي فإن ذلك سيقع لا محالة، وإن كان الله -عز وجل- قدّر خلاف ذلك فاعلمي أن الخير في ما يُقدّره الله، وقد قال الله في كتابه: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلَّا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم}.
أخبرنا -سبحانه وتعالى- بقضاء الله وقدره، وأخبرنا أيضًا بذلك كله حتى لا نحزن ولا نأسف على شيءٍ فات، فإنه إنما فات وفق تقدير الله وتدبيره، وتدبير الله خيرٌ لك من تدبيرك لنفسك؛ فربما تحرصين على الزواج من هذا الرجل والله يعلم أن الخير لك في ألَّا تتزوجي به، ولكنّك لا تعلمين ذلك؛ فالغيب مطويٌ عنك، لا يعلمه إلَّا الله، فكوني مطمئنة لحُسن تدبير الله تعالى وتقديره.
أمَّا موقف والديك؛ فإن من حقهم الشرعي طلب الكفاءة - أي المماثلة والمساواة في النسب بينك وبين مَن يريد الزواج بك - والشرع ينظر إلى مصالح الجميع، ويحاول ويسعى إلى تحقيق مصالح الجميع؛ فالأب رُبما يُعيَّر بمن يتزوج ابنته إذا كان دونه في النسب؛ ولهذا رأى كثيرٌ من الفقهاء أن الكفاءة في النسب أمرٌ معتبرٌ.
لا ينبغي أن يحمل قلبك الكثير من الحزن والغم بسبب موقف والدك من هذا، لكن إن استطعت إقناعه بالرأي الآخر، وأن أكرم الناس عند الله أتقاهم، فهذا شيءٌ حسنٌ، فاستعيني بمن يُؤثّر عليه في ذلك، فإن لم، فحاولي أن تبرّي والديك بقدر استطاعتك، واحرصي كل الحرص على ألَّا يجرّك الشيطان للوقوع في العقوق تحت مبرّر الإساءة من الوالدين، فقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، فأمر بمصاحبة الوالدين الكافرين اللذين يُبالغان في الإساءة للولد، أمر بمصاحبتهما بالمعروف.
جاهدي نفسك لتحقيق هذا المقصود وسيعينك الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |