أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : قسوة الوالد المفاجئة على زوجته وأبنائه .. التشخيص بين السحر واضطراب المزاج

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أخوكم في الله من ليبيا، أكتب في رسالتي هذه قصة حدثت مع أسرتي، هذه القصة تحمل الكثير من الآلام والمعاناة لجميع أفراد أسرتي المكونة من أبي -والذي يعمل مدرساً لمادة الدراسات الإسلامية بأحد المعاهد العليا للعلوم الإدارية، وحاملٌ لكتاب الله، ومحافظٌ على الصلاة في المسجد، ومتحصل على شهادة الماجستير في القانون المدني,- وأمي وإخوتي الأربعة وأخواتي الثلاث، إحداهن متزوجة، أكبرنا عمره 35 سنة وأصغرنا 17 سنة.
بدأت أحداث هذه القصة منذ عام 1982م، المشكلة تكمن في التغير الذي حدث مع أبي، وهذا التغير حدث مباشرة بعد عودة الأسرة من مناسبة فرح لأحد أعمامي في مدينة تبعد عن مكان إقامة أسرتي بحوالي 850 كم، هذا التغير المفاجئ كان في تصرفات والدي مع أمي، حيث أصبح صعب المعاملة معها وقاسياً، لدرجة أنه قال لها أمامي بأنه يكرهها وكذلك باقي أفراد الأسرة.
وكان يرى أن أمي تحاول تدمير حياته ولا تريد له الراحة والسعادة -أنقل إليكم هذه التعابير وقلبي يتقطع ألماً، ولضرورة الأمر أضطر لتوضيح الأحداث إليكم بالتفصيل- كما أصبح يشك فيها كثيراً، وينظر إليها بأنها امرأة فاجرة -والعياذ بالله- وكان ينعتنا نحن أبناءه بأننا أبناء فاسدون في أخلاقنا، وبأن لنا رفقاء سوء، ويصاحب معاملته القاسية بظنون بأن زوجته تتعاون مع زملائه في عمله ومع جيرانه على دماره ودمار صحته.
وامتد هذا الحال إلى أن صار يكره ويوضح هذه الكراهية لجميع جيرانه وزملاءه في العمل وباقي أسرته جدي وجدتي، والده ووالدته، وإخوته وأبناء عمومته.
وأصبح رجلاً عنيفاً في معاملته لمن حوله، ولا يعتد بكلام أحد ممن سبق ذكرهم، فكلامه هو الصواب، وفعله هو الصحيح، ومن يعارضه يتعرض للطرد والضرب أحياناً بالنسبة لأبنائه وزوجته، بالإضافة إلى السباب والشتم لكل ناصح، وقد فرض حصاراً كبيراً على أسرته -علينا نحن أبناءه وزوجته- بأن لا نقوم بأي نوع من الزيارات عائلية كانت أو اجتماعية، مما أدى إلى انعزال الأسرة عن باقي العائلة والجيران والمجتمع، ولم يتوقف عن ضرب الوالدة والأبناء بعنف وقسوة، بل زاد إلى أنه يهدد بطرد الأبناء وبطلاق الوالدة.
وكان كثيراً ما يختلق المشاكل بدون أية أسباب، حتى وصل به الحد إلى أنه قلل كثيراً من مصروف الأسرة، لدرجة أنها لا يمكنها طلب أي شيء منه، واستمر هذا الحال بالأسرة حتى عام 1995م، بعد هذه الفترة ازدادت الأمور صعوبة، وأصبحت معاملته أكثر قسوة مع الوالدة خاصة، وساومنا نحن أبناءه وأمنا بأن على أمنا أن تخرج من البيت مقابل الكف عن هذه التصرفات، فخرجت الوالدة إلى بيت أهلها خوفاً منه وحرصاً على سعادة أبنائها، فخرجت ولم تطلب الطلاق ولم يطلقها هو أيضاً.
وبعد خروج الوالدة من البيت جاء الدور على الأبناء فلم يرحمهم، وازدادت معاملته قسوة، مما أدى إلى أن يفر جميع إخوتي من البيت إلى أخوالنا، إلا أنا بقيت معه في منزل يتكون من طابقين هو في الطابق السفلي وأنا في العلوي، ويعلم الله كم عانيت من معاملته القاسية لي، ومنذ خروج أمي وإخوتي لم يكلف نفسه بأن يسأل أو يبعث إلى أبنائه أية مصاريف، ولا يريد رؤيتهم ولا يقبل زيارتهم له للاطمئنان عليه، وبما أنني الوحيد الذي صار يعيش معه فقد لاحظت عليه تصرفات غريبة، حيث أنه كثير البقاء في الطابق السفلي وكثير التجول ليلاً في الظلام داخل المنزل، وكثير التدخين عند عتبة حمام الطابق السفلي، ويقضي أوقاتاً طويلة تحت ضوء الشمع مع وجود الكهرباء بالمنزل ولكنه يطفئها، وما زال كثير الشكوك بكل من حوله.

راودتني أسئلة كثيرة: هل هو إنسان مريض نفسياً أو مسحور؟ فإن كان مريضاً أو مسحوراً فإننا لا نستطيع الكلام معه أو أن نفعل معه أي شيء لمعالجته؛ لأنه يتحول إلى رجل شرس عند القرب منه أو الحديث معه في هذا الموضوع بالأخص.
لذلك لا أستطيع أن أعالجه بأي وسيلة، ونظراً لضيق حالة باقي أفراد الأسرة حيث إنها تسكن في شقة ضيقة مستأجرة، وعدم وجود عائد مادي يكفينا لتعيش عليه الأسرة، فكرنا نحن الأبناء بأن ترفع أمنا قضية طلاق حتى نعود إلى بيتنا بالطابق العلوي أو السفلي وتصرف لها ولنا النفقة، ولكننا عزفنا عن الفكرة خوفاً من الله ؛ لأننا سنكون سبب التفريق، علماً بأن والدتي امرأة صالحه وطيبة بشهادة كل من يعرفها، غير أنها لا تقرأ ولا تكتب.

فأرجو من فضيلتكم مساعدتنا في إيجاد حل لهذه المشكلة، بحيث نعرف هل هو مسحور أم مريض نفسياً؟ وكيفية معالجته؟ فإن كان لا هذا ولا ذاك فهل يحق لنا أن نرفع عليه قضية طلاق؟ وأن نساعد أمنا على ذلك؟
كما أنني أناشدك الله بأن تذهب إلى الكعبة المشرفة وتشرب من ماء زمزم وتدعو لنا بأن يفرج الله كربتنا هذه فرج الله كربتك في الدنيا والآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (زمزم لما شرب له) أو كما قال.
آملين من الله سبحانه وتعالى أن تجدوا لنا حلاً لهذه المشكلة، وفقكم الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم في الله ع.ا.م. من ليبيا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يفرج كربتكم وأن يقضي حاجتكم، وأن يشفي والدكم، وأن يرده إلى صوابه، وأن يعيده إلى رشده، وأن تعود السعادة إليكم، وأن يجمع الله شملكم.

وبخصوص ما ورد برسالتك فبدايةً أقول: كان الله في عونكم، وقواكم وأعانكم على تخطي تلك العقبة، وصرف عن والدكم هذا السوء؛ لأنه أمرٌ في تصوري ليس له إلا احتمالين اثنين فقط:

الأول: أن يكون والدك قد أصابه مس من الجن، أو تخطى سحراً أو أكله أو شربه، أو أصابته عين حارة من أنسي أو جني، وفي هذه الحالة ليس له من علاج إلا الرقية الشرعية، والتي لابد فيها من القيام بدور إيجابي منك أو من أحد المعالجين أو منه هو شخصياً، ويمكنك إذا خرج من المنزل أن تضع شريط الرقية الشرعية في سكنه بصوت مرتفع نوعاً ما، ثم حاول أن يسمع صوت القراءة ولو من سكنكم أنتم، المهم أن يصل الصوت إليه، وهذه كلها محاولات بها شيء من الفائدة، وإلا فالأفضل أن يقرأ عليه إنسان مباشرة أو يسمع هو بنفسه هذه الأشرطة، أو يقرأ هو على نفسه، المهم أن يسمع آيات الرقية أكثر من مرة، أو أن يقرأ إنسان آيات الرقية على ماء ليشرب هو منه ولو دون أن يدري، وكذلك على الطعام، فإذا لم تتمكن من إقناعه بالعلاج الشرعي بأي صورة فيمكنك القراءة أنت أو غيرك على الماء أو الطعام ويتناوله دون أن يشعر بذلك؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يعلم ما عنده دون رؤيته أو القراءة عليه، وما سوى ذلك فهذا نوع من الدجل وأعمال السحرة والعرافين القائمة على الدجل والاستعانة بالشياطين، فحاول معه وابحث عن أي طريقة مناسبة لإيصال العلاج إليه وسماعه للرقية.

2- الاحتمال الثاني: أن يكون والدك قد أصابه أي مرض نفساني عارض غير مزاجه أو فقده القدرة على السيطرة على تصرفاته، وزين له تلك الحماقات، وهذا أيضاً يحتاج إلى علاج نفساني وضرورة عرضه على طبيب متخصص ولو حتى بطريقة الحيلة كما في الحالة الأولى، فيمكنك استقدام طبيب أو معالج أو أي أخ يرقي على أنه ضيف أو زائر ويتحدث معه بطريقة غير مباشرة، ويحاول يستشف منه شيئاً من خلاله تحديد حالته ومعرفة علته وسبب مرضه.
والعلاج المناسب فوق ذلك كله هو مواصلة الدعاء له والإلحاح على الله أن يشفيه، فعليك أنت ووالدتك وإخوانك وجميع معارفك بالإكثار من الدعاء له؛ لأنه قطعاً مريض، وأن المرض هو سبب تلك التصرفات المزعجة، فالتمسوا له العذر، وحاولوا مساعدته جميعاً بدلاً من معاداته وإعلان الحرب عليه، وتلطفوا معه غاية التلطف لأنه معذور شرعاً، وأعتقد أن تصرفاته كلها خارجة عن إرادته، ولابد لكم جميعاً من مراعاة ذلك والصبر عليه غاية الصبر، وإياكم ورفع أي دعوى عليه؛ لأن الشاة لا يضرها السلخ بعد الذبح، والضرب في الميت حرام، كما يقول المثل العربي.

فإياكم وهذا الأمر مهما كان سوء والدك؛ لأنه معذور كما ذكرت لك، ولقد شربت ماء زمزم ودعوت لوالدك بالشفاء، وعسى الله أن ينفعه بذلك، فأوصيكم بالصبر الجميل والدعاء والإلحاح على الله، والأخذ بالأسباب التي أشرت إليها، واعلم أنت وأهلك أن هذا نوع من الابتلاء لكم جميعاً، فاصبروا وصابروا واحتسبوا الأجر على ذلك عند الله جل وعلا.

مع تمنياتنا لكم بالاستقرار وشفاء الوالد وعودة السعادة إلى دياركم، وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا أستطيع التفكير إلا في رضا الناس.. كيف أتخلص من ذلك؟ 1920 الأربعاء 24-06-2020 03:47 صـ
أشعر بالجنون والاكتئاب عندما أتعمق في مشاعري. 1370 الأربعاء 17-06-2020 08:47 مـ
لدي خوف وتردد وأخاف من المواجهة حتى عند الاختلاف! 2871 الاثنين 18-05-2020 10:04 صـ
عدم الثقة بالنفس وتقلب في المزاج! 2290 الثلاثاء 28-04-2020 04:29 صـ
كيف أستطيع اتخاذ القرار؟ 1532 الثلاثاء 21-04-2020 05:34 صـ