أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : استقمت وتبت إلى الله، فبماذا تنصحونني؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم.

فعلت معاصي كثيرة كالغيبة والنميمة، وضرب الناس، والسرقة، وكنت أجاهر بالمعاصي بإرسال الفواحش، ولكن انتابني شعور قوي بالقنوط، فأصبحت أجلس أستغفر ساعات طويلة، فما هي النصيحة التي تقدمونها لي ليغفر الله لي؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Turki حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أولا: إننا نحمد الله تعالى الذي وفقك للتوبة، وأعانك على تغيير حالك إلى ما يرضي الله من كثرة الاستغفار والندم على ما فات، ولا شك أن التوفيق إلى التوبة نعمة كبيرة تسوجب الشكر لله في كل وقت وحين، فاعلم -حفظك الله- أنك بتلك التوبة قد أراد الله بك الخير، فإن الله إذا أحب عبدًا يسّر له طريقًا للعودة إليه؛ وإذا اشتد غضب الله على عبده تركه وما أراد، ولذلك كان السلف إذا رأوا رجلا أنعم الله عليه بالدنيا وكان عاصيًا لله -عز وجل-، وماله يزيد، كانوا يقولون: هذا استدراج من الله -عز وجل- له، تبعه اغترار من العبد - عياذا بالله- سمع عبد الله بن المبارك رجلاً يقول: ما أجرأ فلانًا على الله، فقال له: "لا تقل ما أجرأ فلانًا على الله؛ فإن الله -تعالى- أكرم من أن يُجْتَرأ عليه، ولكن قل: ما أغر فلانًا بالله"، فسأل الإمامَ أبا سليمان الداراني، فقال: "صدق ابن المبارك، الله -تعالى- أكرم من أن يُجْتَرأ عليه، ولكنهم هانوا عليه فتركهم ومعاصيهم، ولو كرموا عليه لمنعهم منها"، لو كان لهم مكانة عند الله لابتلاهم؛ حتى يقربهم منه.

ثانيًا: نريد منك ابتداء -أخي الحبيب- أن تجعل هذه التوبة صادقة لله عز وجل، واعلم أن باب التوبة مفتوح، ولا تظن أن الله لن يقبل توبتك وقد فعلت ما فعلت، فالله كريم غفور رحيم، وهو القائل جل شأنه: { ‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} فانظر بارك الله فيك كيف هي رحمة الله مع من أسرف في الذنوب، لكنه عاد إلى الله تائبا نادما، بشره الله بالمغفرة متى ما كان صادقا في توبته، ولعلك تلحظ في صيغة النداء أن الله نسب العاصي إلى نفسه فقال: ( يَا عِبَادِيَ)ثم قال: {الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي: أكثروا في الخطايا، {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} لا تيأسوا من رحمة الله، { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} أي: إنه يغفر الذنوب جميعاً عظمت أم صغرت، كثرت أم قلت، فبادر بالتوبة إلى الله وأقبل على ربك، لتخرج إلى الطمأنينة والسكينة.

ألا تريد طمأنينة القلب؟ إنها ها هنا في التوبة، ألا تريد فرحة الروح وسعادتها؟ إنها هنا في التوبة، ألا تريد أن تعيش قرير العين سعيدًا في دينك ودنياك؟ إنها ها هنا في الإنابة إلى الله، قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } بل زاد فضل الله وكرمه حين يبدل السيئات والموبقات إلى حسنات كريمات فاضلات، قال الله جل وعلا: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.

ثالثًا: نريد منك كذلك أن تتعرف على أناس من أهل الصلاح والدين، فالمرء بإخوانه، وإخوانه بدونه، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن الذئب إنما يأكل من الغنم القاصية.

رابعا: اعرف -أخي الحبيب- أسباب الوقوع في المعاصي، واجتهد في إزالة تلك الأسباب، واستعن بالله على ذلك.

خامسا: اطلب العلم الشرعي، واحرص على حضور دروس الوعظ، فإن هذا مما يزيد في الجانب التديني، وهذا عامل هام جدًا، لذا نوصيك بكثرة النوافل، والحرص على قيام الليل، أو جزء منه على أن يكون ذلك بصفة مستمرة، واحرص على أن يكون لك ورد من ذكر الله عز وجل.

وختامًا -أخي الحبيب- نوصيك بتذكر اللقاء على الله يوم العرض، وزيارة المقابر للتعرف على أهلها، ومحاسبة النفس، وأكثر من الدعاء لله عز وجل، وثق أن الله قريب مجيب الدعاء -أخي الحبيب-، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كل شر، وأن يثبتك على الحق.

والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
فقدت التأثر بالقرآن بسبب ذنب وقعت فيه.. أرشدوني 11430 الأحد 28-07-2024 12:00 صـ
أصبت باكتئاب وفرطت في الصلاة بسبب عدم تحقق أحلامي، فما نصيحتكم؟ 11994 الخميس 27-06-2024 12:00 صـ
أحس نفسي ضائعاً بسبب ذنوب الخلوات، فهل من نصيحة؟ 11248 الأربعاء 12-06-2024 12:00 صـ
تبت إلى الله لكني خائفة من عدم قبولها! 14648 الأربعاء 12-06-2024 12:00 صـ
كيف أتخلص من شعور الندم المستمر بسبب تفريطي؟ 16742 الثلاثاء 11-06-2024 12:00 صـ