أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : فقدت الشعور بالحياة وفي المقابل أشعر بالموت.. ساعدوني
السلام عليكم ورحمة الله
أنا أعاني في الفترة الأخيرة من أنني فقدت القدرة على أن أعيش طبيعيا خوفا من الموت، بدأت فجأة بالشعور أنني لا أستطيع أن أنتمي لهذا العالم الحي طبيعيا، وكلما أفكر في مستقبلي أو دراستي أو عملي، وأني عشت طويلا أحلم بتحقيق الانجازات والتخطيط لها والسعي فيها قد توقفت، وكلما أفكر بها أقول لنفسي: ماذا لو مت قريبا لن يحدث كل ذلك، وتوقفت عن التعامل طبيعيا وأمتلك شعورا غريبا نحو الموت، وكأنه اقترب مني، وأن الله قد هداني وانتظمت في الصلاة وفعل الخير؛ لأنه سيقبض روحي قريبا، ولا أستطيع أن أفكر في أي شيء دنيوي إلا وتطاردني فكرة الموت.
لا أستطيع العيش طبيعيا حتى أنني أتمنى أن يعود قلقي نحو دراستي ومستقبلي وعلاقاتي بالناس، كل ذلك أصبح صغيرا جدا، لا يهم، جزء من دنيا لن أنتمي إليها قريبا.
أرجو المساعدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
الخوف من الموت أو الشعور بدنو الموت موجود لدى الكثير من الناس، والبعض لا يفصح به، وهنالك قلّة قليلة مثل شخصك الكريم هم الذين يتحدَّثون عنه، وهذه الأفكار في جُلِّها قلقية ووسواسية، ناتجة من القلق وناتجة من الوسوسة، وبما أن الموت حقيقة أبدية يجب أن يُفكّر فيه الإنسان من الناحية الشرعية، يجب أن يكون الخوف خوفًا شرعيًّا وليس خوفًا مرضيًّا.
والخوف الشرعي بالفعل هو الذي يدفع الإنسان نحو تقوى الله، وأن يعيش الإنسان حياة إيجابية طيبة، يحرص على عباداته، يحرص على أن يكون نقيًّا تقيًّا، ويحرص على فعل الخير وعمل الصالحات، لأنه مُوقن أن بعد هذه الحياة حياة أخرى، وأن الموت آتٍ، وفي نفس الوقت يعيش الحياة بقوة، لأن الشخص الذي يفكّر في الموت على هذه الشاكلة سوف تكون قناعاته مطلقة بأن الخوف من الموت لا يأتي بالموت، ولا يُؤجّل الموت، لأن الآجال بيد الله تعالى، {إنك ميتٌ وإنهم ميتون}.
فأنا أريدك أن تكون منهجيتك في التفكير حول الموت قائمًا على هذا الأساس وليس على أساس الخوف والتوتر والوسواس، والقول الذي يقول أن الإنسان يشعر بموته قبل موته بأيام: هذا الكلام في معظم الأحيان لا أساس له، فأرجو ألَّا تشغل نفسك بهذه الوساوس.
والحرص – كما تفضلت – على الصلاة في وقتها، والأذكار، خاصة أذكار النوم والاستيقاظ وأذكار الصباح والمساء، هذه عظيمة جدًّا، وتعطي الإنسان دفعةً وراء دفعة من الطمأنينة، فيا أخي الكريم: اجعل هذا هو منهجك، وأريدك أيضًا أن تعيش حياة صحيّة، أن تسمو بفكرك؛ لأن الإنسان إذا ارتقى بفكره سوف يجعل الفكر القلقي الوسواسي في مرحلة أدنى في درج الأفكار، فدائمًا اشغل نفسك بما هو أطيب وبما هو أفضل حول دراستك، ما هو وضعك – مثلاً – بعد خمس أو ست سنوات من الآن: التخرُّج من الجامعة، التحضير للماجستير، العمل، الزواج ... يجب أن تعيش هذا النوع من التفكير، وهذا ليس بالتفكير الخيالي، هو تفكير واقعي وإيجابي جدًّا، وسوف يُساعدك.
أيضًا تجنّب السهر، احرص على النوم الليلي المبكّر، مارس الرياضة، الرياضة مفيدة جدًّا لإزالة القلق والتوترات والمخاوف والوساوس، أيضًا طبِّق تمارين استرخاء، هنالك تمارين التنفُّس المتدرّج، دائمًا نحن ننصح بها في مثل حالتك هذه؛ لأنها تحوّل القلق السلبي إلى قلق إيجابي، تُوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.
هذه هي نصائحي لك، وأنا أعتقد أنه لا بأس أبدًا أن تتناول جرعة صغيرة من أحد مضادات الوساوس والمخاوف ومُحسِّنات المزاج، أنا أترك لك هذا الأمر كخيار، واعرفْ أنه خيار منطقي وسليم، ونحن نتجنّب تمامًا الأدوية الإدمانية، ولا نصف الدواء إلَّا إذا كانت هناك ضرورة له، الدواء يُسمَّى (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، أنت تحتاج له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة.
هناك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، يمكنك أن تتناول نصفها – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تناول عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
تعب وإرهاق وقولون عصبي مع الخوف من الموت.. ما العلاج؟ | 15089 | الثلاثاء 16-07-2024 12:00 صـ |
بعد وفاة والدتي أصبحت الدنيا سوداء في عيني، فماذا أفعل؟ | 14606 | الاثنين 24-06-2024 12:00 صـ |
تبدلت حياتي بسبب الخوف من الموت! | 11233 | الأربعاء 12-06-2024 12:00 صـ |
اختفت حالة الخوف من الموت ثم عادت مخاوف غيرها! | 12993 | الاثنين 10-06-2024 12:00 صـ |
وسواس الموت أرقني وحرمني السعادة، فهل يمكن تجاوزه؟ | 15513 | الاثنين 10-06-2024 12:00 صـ |