أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل الحكمة الإلهية معلومة للبشر من عدم إتمام العلاقات وانقطاعها بعد فترة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل الحكمة الإلهية معلومة للبشر من عدم إتمام العلاقات وانقطاعها بعد فترة مؤجلة مثلا فترة المخطوبين عندما تنفسخ الخطبة أو يفرق بين المتزوجين بعد الزواج، أو حتى عند بداية التعارف، ثم الخطبة، ثم العقد، ثم في النهاية تنتهي العلاقة بعد كل ذلك؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

الحكمة قد تكون معلومة وقد لا تعلم، فمن الحكم المعلومة أن هذا الشخص غير مناسب، ولذلك يصرفه الله تعالى رحمة بعبده ذكرا أو أنثى.

ومنها أن يكون ذلك ابتلاء لينظر الله تعالى هل يصبر العبد على ذلك البلاء أم يتسخط، ففي الحديث: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).

ومنها أن يظهر سبحانه وتعالى حكمته لعبده، فالعبد قد يحب الشيء وهو شر له فيتألم لفقدانه، لكنه لا يعلم أن ذلك خيرا له، ولا يتبين إلا بعد مرور الوقت، يقول تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

ومنها أن يكون ذلك ابتلاء كما قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) ويقول عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ).

ومنها تكفير الذنوب فحين سأل سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).

ومنها أن يجعل العبد يتذكر أن هذا البلاء كان بسبب ما ارتكبه من الذنوب والمعاصي فيقلع عنها قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).

والخلاصة أن كل ذلك جار وفق قضاء الله وقدره، وكل أقدار الله خير للمؤمن علمه في الحال أو في المآل، يقول تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.

على المؤمن أن يكون راضيا بما يقدره الله تعالى وألا يتسخط من شيء كما مر في الحديث، وإلا فإن الجزاء من جنس العمل.

هنالك حكم قد لا يعلمها العبد، وفي هذه الحال ما على العبد سوى التسليم لتقدير الله تعالى، ويوقن أن في ذلك حكمة وفيها الخير له.

على العبد أن يعمل بالأسباب التي توصله إلى أهدافه المشروعة، وأن يستشير أصحاب الخبرة الناصحين، ويستخير الله تعالى عن طريق صلاة الاستخارة في كل أمر ذي بال، ويدعو بالدعاء المأثور، فإن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

أوصيك أن تجتهد في تقوية إيمانك من خلال: تنويع الإعمال الصالحة، فبقوة الإيمان العمل الصالح تستجلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزم الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسلي الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة وأكثري من دعاء ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).


نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق في حياتك.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ساءت حالتي النفسية بعد وفاة أمي.. ماذا أفعل؟ 2242 الاثنين 01-02-2021 01:58 صـ
نفسيتي متضايقة لأني لم أنل ما أريد.. كيف أرضى بما كتب الله لي؟ 2780 الأربعاء 16-12-2020 02:11 صـ
قريناتي تزوجن وأنا لم أتزوج! 3432 الثلاثاء 15-12-2020 01:07 صـ
هل فشلي وقراراتي تؤثر على رزقي وقدري في المستقبل؟ 2124 الخميس 26-11-2020 04:42 صـ
أتضايق من نظرات الآخرين، فما الطريقة التي تجعلني لا أتأثر بهم؟ 1711 الأربعاء 18-11-2020 04:18 صـ