أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : نصائح لمن يكره شقيقه لاستهزائه به مع طلبه الصفح عنه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

شقيقي شبح أهرب منه، هكذا أعتبر شقيقي، حيث إن علاقتي معه علاقة أخوية حميمة، ولكن الحال انقلب بعد أن تسلم الوظيفة، حيث بدأ بالاستهزاء بي وبما أفعله، ويحطمني دائماً حتى أمام أصدقائي، ووصل به الحد إلى ضربي وإن كان الأمر لا يستدعي ذلك، ويدعي أنه على حق وأنه صائب في كل شيء.

ولقد كان يظلمني كثيراً، وما كان مني إلا أن قاطعته نهائيا، ولم أكلمه منذ سبعة أشهر، وبمجرد أن أسمع صوته في المنزل أفر هارباً من المنزل بالرغم من محاولة أمي للإصلاح فيما بيننا، وكذلك حاول هو أن نرجع كما كنا إلا أني لا أستطيع أبداً حيث نبرات استهزائه ما زالت تدوي في داخلي وكأنها قنابل حطمت كياني، فما الحل برأيكم؟


مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ الهيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدّر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فإن الإنسان قد يجد ولداً إذا فقد ولده، ويحصل على زوجة إذا فقد زوجته، ولكن الأخ لابديل له إذا فُقد؛ لأنه خرج من نفس الرحم ورضع من نفس الثدي، وتربى في نفس البيت، والإسلام دينٌ يحض على الإحسان إلى الأرحام والأقارب، فكيف إذا كان أخاً شقيقاً؟! ولذا كان من واجب المسلم أن يحتمل من أخيه، وأن يصبر عليه ويعفو عنه، كما فعل نبي الله يوسف مع إخوانه الذين رموه في البئر، فبيع بثمنٍ بخس دراهم، ودخل بعد ذلك السجن، فلما التقى بهم قال لهم: (( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))[يوسف:92].

وعندما يستهزأ الإنسان بأخيه فإنما يستهزء بنفسه؛ لأن العيب يعود عليه، وكل أذى يدخله على شقيقه فإن الملامة والحسارة عليه، ولذلك قال العربي الحكيم لما قتل أهله أخاه:
قومي همو قتلوا أميماً أخي *** فإذا رميت يصيبني سهمي

وقد أخطأ في الإساءة إليك أمام أصدقائك، ولكن ذلك أيضاً خلل وضرر يعود عليه، فإن الناس يحتقرون من يتكبر عليهم، ويؤسف الإنسان أن يقول: إن بعض الناس تغيره الوظائف، وبعضهم يتكبر إذا وجد المال فيسيء إلى أهله ويقطع رحمه، وفي هؤلاء وأمثالهم يقول الله تعالى: (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ))[محمد:22-23].

وإذا كان هذا الأخ قد ندِم على فعلته ورغب في العودة إلى الحالة الأولى فلابد من مقابلة هذه المشاعر بالعفو والصفح، والإنسان يرتفع بعفوه وصفحه عن أخطاء إخوانه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً ..).

وإذا كانت الوالدة أيضاً ترغب منك العفو عن أخيك فإنك تؤجر على برك بها وطاعتك لها ومسامحته لأجلها.

والمسلم دائماً ينسى جراحات الماضي ويفتح صفحة جديدة، وقدوته في ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي قال لمن ظلموا وأخرجوه وقتلوا أصحابه وصادروا أموالهم: (ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم. قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء).

ونحن ننصحك بفتح صفحة جديدة، والاجتهاد في طاعة الله، والتوبة من الذنوب التي قد تكون هي السبب في تسلّطه عليك، واشغل نفسك بالمفيد، وإذا نال الإنسان رضوان الله فلن يضره كلام الناس.
نسأل الله أن يغفر الذنوب ويستر العيوب ويؤلف القلوب.
وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...