أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أعاني من وساوس عكرت صفو حياتي!

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

عمري 16 سنة، أدرس في القسم الثاني ثانوي، تبدأ حالتي عندما قررت الصلاة، ومن ثم دخلت لي وساوس في الله والدين، مما تسبب لي في حالة اكتئاب حادة جدا.

بقيت على تلك الحالة لمدة شهر، ومن ثم قرأت على الإنترنت أنه من الشيطان، بدأت أستعيذ بالله منه، وظننت أني شفيت، ولكن لم أشف! بل ازدادت وساوس أخرى، حيث أصبحت أحس بالذنب في كل شيء، مثلا أنا متفوقة في الدراسة -ولله الحمد- لكن أصبحت أحس بالذنب في ذلك أن هناك من ليسوا متفوقين ولا يجب أن أكون متفوقة، وشمل هذا الإحساس كل التفاصيل التي أفعلها، حتى في الأكل أصبحت أحس بالذنب أن هناك فقراء لا يجب أن آكل، وصرت في حالة نفسية صعبة!

ذهبت إلى الطبيب النفسي ووصف لي دواء زولفت حبة لمدة 4 أسابيع، ومن ثم أتناوله الآن حبتين لمدة شهرين، والآن مازال شهر فقط وينتهي العام الدراسي وأنا قد تراجعت في الدراسة، وصرت لا أستطيع أن أراجع براحتي، حتى أني أصبحت أستعمل كلام الله ضدي، أي مثلا عندما أحاول أن أتغلب على نفسي وأثق فيها أهدد نفسي بآية ''والله لا يحب كل مختال فخور''، حسنا ما دخل ثقتي في نفسي في التكبر، لا أعرف! ولكن جعلت هذه الآية ضدي، أي لا أستطيع أن أتغلب على نفسي، ويكون تأثيرها أكبر في القسم، الذين يدرسون معي لا يدرسون، ويلعبون في القسم، ولا يهتمون، وأنا كنت لا أبالي بهم، وأدرس، ولكن الآن أصبحت أعتبر أن هذه الآية تقول لي أني لا يجب أن أدرس!

أصبحت في صراع دائم، وبكاء متواصل، والتفكير في الانتحار، وكذلك المعهد الذي أدرس فيه لا يوجد فيه بنات صالحات، أي في السابق لا أبالي بهم، ولا أتبعهم، ولكن الآن يأتيني إحساس بالذنب وكأني أحتقرهم، ولم أعد أعرف الحل، أفكر نهارا كاملا، وبدأ شعري بالتساقط، كلما أقرر أن أتغلب على نفسي أتفكر آية من القرآن وأفسرها تفسيرا ضدي كي أبقى في حالتي، وأصبحت شخصيتي ضعيفة، وثقتي في نفسي منعدمة، ودائما خائفة.

كرهت نفسي، وأكثر ما يؤلمني دراستي ووالدي، أريد أن أنجح وأفرحها، ولكن هذه الأفكار تدمرني، وخاصة أني أعتبرها كلها من الله وليس من الشيطان.

آسفة أني أطلت رسالتي، لكني حقا مدمرة، وإضافة من حين إلى آخر أنسى كل هذا وأبقى أفكر فقط في المعاصي، وأخاف من الدنيا، بالرغم أني بعيدة عن أماكن قد تحدث فيها المعاصي، ولكن دائما أفكر ولا أستطيع أن أكون إيجابية أبدا، لخصت حياتي كاملة في هذه الوساوس، أريد أن أنتحر!

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mariem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
أريدك أن تهوّني على نفسك، وتأكدي أن هذه الوساوس سوف تزول بإذن الله تعالى، وقوّ من إرادتك في مقاومتها، وتحقيرها، وتجاهلها، وصرف الانتباه عنها. هذه هي الأسس العلاجية، لا تدخلي أبدًا في مجاراة الوساوس أو نقاشها أو تحليلها.

منهجك هذا في أخذ الآيات القرآنية وتفسيرها بالصورة التي تنعكس عليك سلبًا هذا أمرٌ خاطئ، وقولي لنفسك: (أنا لن أفسّر القرآن بالكيفية التي تجعلني أوسوس)، ابتعدي عن ذلك تمامًا، وتفسير القرآن ليس بالأمر السهل، ولا يمكن للإنسان أن يبتر الآيات أو يأخذ منها أجزاء وينزلها على ذاته ويُطبِّقها على نفسه، هذا ليس أمرًا صحيحًا. فإذًا هذا المبدأ أصلاً مبدأ خاطئ، وما هو خاطئ يجب على الإنسان ألَّا يدخل فيه.

فأغلقي هذا الباب من باب حقير منهجك في التفكير، قولي لنفسك: (هذا منهجٌ حقير، هذا منهج خاطئ، أنا لن أسير على هذا النهج أبدًا). فإذًا عدم اتباع الفكر من خلال تحقيره هذا أمرٌ مهم.

والأمر الثاني -وهو المتعلِّق بالدراسة-: الدراسة جزء من الحياة وليست كل الحياة، وهنالك آليات تُوصِل الإنسان إلى مبتغاه من حيث تحسين التحصيل العلمي. أولاً: أنت الحمد لله تعالى من الواضح أنه لديك الدافعية نحو التحصيل العلمي، وهذا هو الأمر المطلوب. تأتي بعد ذلك الآليات والطرق التي توصلك إلى مبتغاك، والأمر في غاية البساطة:

تنظيم الوقت - هكذا يقول العلماء التربية والتعليم وعلماء المجتمع وعلماء النفس وعلماء الدين - تنظيم الوقت وحسن إدارة الوقت، وأول ما تقومين به هو أن تنامي النوم المبكّر، لأنه مُريح، لأنه يؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ بصورة صحيحة، وتستيقظي مبكّرًا، وتبدئي دراستك بعد أن تُصلِّي الفجر، هذا وقتٌ عظيم، هذا وقتٌ مباركٌ، يكون فيه الدماغ في حالة راحة وترميم كامل ممَّا يجعل الاستيعاب في أحسن حالاته. دراستك لساعة واحدة في الصباح الباكر بعد صلاة الفجر أحسن من الدراسة لثلاث ساعات بقية اليوم.

والإنسان حين يُنجزُ هذا الإنجاز، يُصلِّي صلاته ويدرس في الصباح، وتستعدين للذهاب إلى المدرسة، قطعًا هذا إنجاز عظيم جدًّا، وأكبر مكافأة تعطي شعورًا إيجابيًّا للإنسان هي الإنجازات، لماذا أنت الآن متحسِّرة وحزينة؟ لأنك لم تُنجزي، إذًا ابدئي بهذا الإنجاز (المذاكرة في الصباح)، بعد ذلك انتبهي في الفصل الدراسي، اجلسي في الصفوف الأولى، ركّزي.

وبالنسبة لسلوك الآخرين: لا تهتمي لذلك، كوني أنت القدوة، وكوني أنت المثال، وسوف تحسّين بالفعل أنك أيقونة ومتميزة وسط بقية البنات، ولا بد أن يكون في وسط البنات صالحات، لا بد -أيتها الفاضلة الكريمة- فلا أريدك أن تنجرفي وراء هذا التعميم السلبي.

احرصي على تناول الغذاء السليم، فالعقل السليم في الجسم السليم، وكوني فاعلة ومتفاعلة مع أسرتك، لأن الفعاليات الاجتماعية هي أفضل الطرق للتأهيل النفسي الصحيح.

رفِّهي وروّحي عن نفسك بما هو طيب وجميل، وهو كثير جدًّا بفضل الله تعالى، وأيضًا مارسي، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، حيث إن الرياضة تقوّي النفوس قبل أن تقوّي الأجسام.

أمَّا فيما يتعلَّق بالدواء فيفضل أن تراجعي طبيبك، والزولفت -والذي يُعرف علميًا باسم سيرترالين- هو من أفضل وأحسن الأدوية التي تُعالج حالتك هذه، ربما تحتاجين إلى أن ترفعي الجرعة إلى مائة وخمسين مليجرامًا يوميًا - أي ثلاث حبات - لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك ترجعي لحبتين في اليوم، لأن رفع الجرعة إلى ثلاث حبات يوميًا سوف يؤدي إلى دعم كيميائي كبير، وهذا قطعًا سيكون له عائد إيجابي جدًّا على صحتك النفسية من جميع النواحي.

في بعض الأحيان نضيف دواء يُعرف باسم (رزبريادون) بجرعة صغيرة جدًّا، واحد مليجرام ليلاً، هذا أيضًا دواء داعم لفعالية الزولفت، لكن هذه التعديلات وهذه المقترحات أرجو أن تتركيها للطبيب، اذهبي إليه وشاوريه في مقترحاتي هذه، وإن وافق عليها فتناوليها حسب ما هو مطلوب، وسوف تعود عليك بخير كثيرٍ إن شاء الله تعالى.

أرجو أن تُطبِّقي كل الإرشادات السلوكية والدوائية والنفسية والاجتماعية والإسلامية، خذيها ككتلة واحدة وكبوتقة واحدة لا تتجزأ، وهذا يؤدي إلى ثمرة علاجية كبيرة جدًّا تفيدك بإذن الله تعالى.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
صديقي ومشكلته مع الوسواس 1794 الثلاثاء 11-08-2020 12:39 صـ
تراودني أفكار وساوس قهرية حول نفسي، فما العمل؟ 1014 الأحد 09-08-2020 02:33 صـ
أعاني من وسواس قهري حتى في العبادات، ما الحل؟ 991 الأحد 09-08-2020 05:28 صـ
أعاني من وسوسة بمرض أصاب أحد أقربائي، كيف الخلاص من ذلك؟ 2062 الأربعاء 22-07-2020 04:15 صـ
لدي أفكار ووساوس غريبة، فهل أتجاهلها أم أصدقها؟ 2730 الأحد 19-07-2020 03:25 صـ