أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : قلق واكتئاب عند العودة إلى البلد

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله.
أشكر لكم ذلك الصرح الجليل الرائع والذي لن يعلم قيمته غير المرضى مثلنا، فوالله إني كالغريق، وأتمنى أن أتعلق بأي شيء ولو بكلمة منكم تنقذني. ولكم جزيل الشكر.

فمشكلتي أنني كنت أعيش مع أهلي في السعودية منذ الطفولة، وتربيت هنا وأتممت جميع مراحل دراستي، فطفولتي ومراهقتي وأصدقائي كل شيء هنا، فقد أحببت هذه البلد بشدة، وخصوصاً لأنني ملتزمة وأحب تطبيق التعاليم الدينية في هذه البلد الكريمة، وأعشق الحياة هنا حيث أني لو نزلت لبلدي يأتيني قبل النزول بفترة حالة مرضية واكتئاب مزمن، ولا أخرج من بيتي، ولا أكلم أحداً حتى أعود!
ولكن جميع إخواني غيري، وهكذا أمي، إلى أن جاءت سنة من السنين، ونزلت أمي مع إخواني لدراستهم، ولكنني ثرت عليهم، ومكثت هنا وحدي مع أبي لعدم استطاعتي العيش هناك، وجلست أكثر من سنة وحيدة، ولكن أشعر أنها أرحم بكثير من هناك، ورفضت جميع الخطاب الذين من بلدتي؛ لأني أشعر بشيء غريب أني لا أنتمي لهم، ولا أحبهم! وعانيت كثيراً من هذا الأمر، ومن كلام الناس، ولكني تحاملت على نفسي، وصبرت لعل الله يرزقني باستقرار هنا.
ولكن جاءت الصدمة بنزول أبي لانتهاء فترة عمله نهائياً، وترك البلد، حيث أنني لا أستطيع العودة -ولو لزيارة- وأكتب لكم وأنا في حالة مرضية نفسية قاتلة، حيث إنني أبكي طوال اليوم، ولا أستطيع أن أنام إلى الفجر! مع كوابيس! ولي أكثر من شهر منعزلة وحدي في غرفة، ولا آكل مع أهلي ولا أكلم أحداً! والذكريات تقتلني كلما اقترب ميعاد السفر، ولا أحد يشعر بي، فأنا لا أتخيل أن أتأقلم في هذه البلد بعيداً عن كل أصدقائي ومعارفي، حيث إنني لن أستطيع العودة أبداً، وكلما رأيت الشوارع والمساكن وأماكن التنزه التي اعتدت الذهاب إليها أبكي بشدة ولا أستطيع التخيل أنني لن أراها مدى الحياة!

والآن أكتب لكم وأنا في العد التنازلي وكلي رجاء أن تردوا علي قبل النزول؛ لأني لا أعرف كيف سأكون يومها! وكيف سأستقبل الناس هناك! وكلي يقين أن الاكتئاب سيزيد معي هناك، وتزيد عصبيتي، ولا أستطيع الكلام مع أحد، وكيف وأنا ذاهبة لكل عائلتي وفي بيت واحد! إنني أموت ببطء، والمشكلة أني أعرف نفسي، الجو هناك لا يساعد على التدين، وأنا أحب العلم والمحاضرات، وأعلم أنني بسبب الحالة النفسية سوف أنحدر دينياً ولن أستطيع تغطية وجهي!

وابتلائي الأكبر أنه ينتابني شعور في كل وقت بل في كل دقيقة بعدم الرضا بالقضاء والشكر حيث أنني صبرت كثيراً من أجل أن يرزقني الله الاستقرار هنا من أجل الدين، ولم يكتب لي الله ذلك مع حسن نيتي! وهذا أكثر ما يؤرقني! حيث أنني اتجهت للمعاصي، وقلت: سأفعل أي شيء لأنهي حياتي! فإني -والله- مدمرة نفسياً، ولا أبالغ!

أرجوك وأسألك بالله قولوا لي ماذا أفعل!؟ وردوا علي سريعاً قبل نزولي؛ فأنا منهارة ولا أحد يشعر بي، وأخاف من سوء الخاتمة!
وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم ودفع عنكم كل سوء.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسالمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على سؤالك، وعلى تفصيلك الدقيق لشكواك، والتي تتلخص فيما يُعرف بعدم القدرة على التكيف، وهذا غالباً ما يكون منشؤه البناء النفسي للشخصية، وما يعرف بالقلق التوقعي.

الإنسان بطبعه تعودي في كثيرٍ من الأحيان، ولكنه إذا ناقش نفسه وحاورها سوف يجد أن التغيير والانتقال من مرحلةٍ إلى مرحلة، ومن مكان إلى مكان، ومن ظرفٍ إلى ظرف شيء يعتبر من الأشياء الطبيعية في الحياة، وعليه أرجو أن تفكري في هذا الأمر ملياً، وتقبلي بالواقع، ومع احترامي الشديد لكل ما ذكرتيه إلا أني أستطيع أن أستشف أن التفكير السلبي والقوقعة على النفس والمكان هي التي جعلتك غير قادرة على التكيف مع وضعك الجديد.

أرجو أن تستفيدي من كل ما تعلمتيه من أصول العقيدة والدين في إصلاح الآخرين في بلدك الذي ذكرت أن الناس غير ملتزمين فيه، وهذا في حد ذاته سيكون رسالة عظيمة، تجدين فيها إن شاء الله خير الدنيا والآخرة .

سوف أصف لك بعض العلاجات الدوائية البسيطة، والتي تساعد كثيراً في مثل هذه الحالات، والدواء الذي أود أن أرشحه لك هو مضاد للقلق والتوتر والاكتئاب والمخاوف، وهذا الدواء يعرف باسم زيروكسات، أرجو أن تبدئي بجرعة 10 مليحرامات (نصف حبة ليلاً) لمدة أسبوع، ثم ترفعي الجرعة إلى حبةٍ واحدة ليلاً أيضاً، وتستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعدها إذا لم تحسي بنسبة تحسن حقيقي ( 70-80%) فيمكن أن ترفعي الجرعة إلى حبتين يومياً، لمدة ثلاثة أشهر أخرى، إذا احتجتِ أو إذا كانت هنالك حاجة لهذه الجرعة، ويمكن بعد انقضاء المدة المذكورة أن تخفضي الجرعة بواقع نصف حبة كل أسبوعين، وبذلك تكون مدة العلاج قد اكتملت، أما إذا كانت الحاجة لحبة واحدة، فيمكن أن تخفضي أيضاً بعد ذلك إلى نصف حبة، ولكن تستمري عليها لمدة شهر.

أرجو من الله العلي العظيم أن تتحول خارطة التفكير والوجدان لديك من خارطة سلبية إلى إيجابية، وهذا سهلٌ وميسر إن شاء الله .

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1564 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3859 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
القلق المزمن ونوبات الهلع، حلقة مفرغة في حياتي، ساعدوني. 2478 الأحد 09-08-2020 03:58 صـ
أشكو من أعراض نفسية وعضوية وتحاليلي سليمة. 1232 الاثنين 10-08-2020 01:16 صـ
ما سبب شعوري بعدم الثبات وأني عائم؟ 2199 الأحد 26-07-2020 04:44 صـ