أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : حياتي تعيسة بسبب التخيلات السلبية التي أعيشها
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 23 سنة، طالبة طب، أعاني من التفكير المستمر في المشاكل الواقعية والخيالية، وأعاني من أحلام اليقظة، وأغلبها سلبية، وبعض هذه الأحلام تتعلق بالدراسة والعمل، وبعضها تتعلق بنفسي والأهل.
أتخيل حدوث أشياء سلبية في موقف معين، وبترتيب معين، وسيناريو كامل للأحداث، أو أتخيل أنني أتعرض لحادث فتنقطع رجلي أو يدي، وبالتالي يرفضني المجتمع كطبيبة.
هذه التخيلات بعضها تؤثر علي، وأبكي ويتغير مزاجي، وأتعب لأنني أفكر في إيجاد حل لها، وإن وجدت الحل، أبحث عن تخيلات أكثر تعقيدا، حياتي تعيسة بسبب هذه التخيلات المتعبة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sro حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا بهذا السؤال.
يبدو أقرب تشخيص لما وصفت من هذه الحالة والتخيلات والأفكار التي تأتيك، أنه حالة من الوسواس القهري، والوسواس القهري يأتي بأشكال مختلفة، ومنها أفكار وخيالات وصور مواقف تأتي للذهن، بحيث تسيطر عليه من حيث لا يريد الإنسان أن يفكر بها، إلا أنها تفرض نفسها عليه.
ولعل سبب هذه التخيلات القهرية طبيعة التربية وظروف الحياة، وخاصة بما فيها من ضغوط، وكما ذكرت أنك تقعين تحت ستريس (stress) كبير، وخاصة أنك تدرسين الطب بما فيه من تحدي وصعوبات، بالإضافة للأمور الأخرى الأسرية والحياتية، ومن الوساوس الصعبة والمزعجة هي التي تتعلق بالموت والمرض، كالخوف الذي عندك من أن تصابي بما وصفت في سؤالك من تقطيع الأيدي والأرجل، وهي لا شك خيالات مزعجة جدا.
وصعوبة الوسواس القهري أنه يأتي في الأمور العزيزة على الإنسان كدينه وإيمانه وصحته، ومن هنا كانت صعوبات الوسواس، فالمؤمن تأتيه في إيمانه وتوكله على الله، والمحاسب الأمين تأتيه بأنه غير دقيق وربما غير أمين في حساباته، بينما إنسان آخر تأتيه في صحته واحتمال المرض والموت، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات تتعلق بالأمر الذي يخشاه، وأنت تأتيك في إصابتك ببعض ما يعيقك عن أداء دورك كطبيبة وتقبل المجتمع لك.
وقد تتأثر أنشطة الإنسان الحياتية من الدراسة والعمل والصلاة وتلاوة القرآن بمثل هذه الخيالات، وهناك حالات يصاب فيها الإنسان أيضا بشيء من الاكتئاب، والذي نصنفه أنه اكتئاب ثانوي ناتج عن تأثير الأفكار القهرية على الجوانب المختلفة لأفكاره ونمط حياته.
اطمئني، أولا: أن كل ما يدور في ذهنك من هذه الأفكار القهرية، وربما غيرها كثير لم تذكريه لنا، كلها وسواسية قهرية، لست مسؤولة عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل هو لا شك يحاول جاهدا دفعها عنه، إلا أنها تقتحم عليه أفكاره وحياته، وهو لا يريدها.
والوسواس القهري إنما هو مجرد مرض نفسيّ، أو صعوبة نفسية قد تصيب أي إنسان لسبب أو آخر، كما يمكن أن تصاب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية، وكما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس القهري وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.
وربما من أفضل العلاجات لمثل هذه الخيالات الوسواسية القهرية هو العلاج السلوكي، وهو يقوم ببساطة على عدد من التقنيات السلوكية، ومنها مثلا تحديد عدد الخيالات والمواقف التي تسمحين لنفسك بالتفكير فيها، فتقولين لنفسك مثلا: أنك ستفكرين في موقف معين، إلا أنك لن تعيدي التفكير في هذا الموقف إلا مرة واحدة مثلا، وتحاولين أن تمنعي نفسك من الاسترسال في هذه الخيالات، وليس هناك من فرصة للإعادة، ونلاحظ من هذه الطريقة أننا لن نحاول منع كل هذه الخيالات، وإنما تحديد عددها لأقل قدر ممكن، مما يمكن أن ينعكس إيجابيا على مجالات حياتك المختلفة.
إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، هو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج، ولكن إن وجدت صعوبة كبيرة في التحسّن أو التكيّف من خلال الخطوات السلوكية، أو طال الأمر وأصبح مزمنا، فأنصحك بمراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي قريب منك، ليقوم على العلاج ويشرف عليه.
وهناك أيضا بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الأفكار القهرية، وتحسن الحالة المزاجية العامة للشخص، وخاصة عندما يصاب بالاكتئاب.
وفقك الله وعافاك، وحفظك من كل سوء.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
صديقي ومشكلته مع الوسواس | 1794 | الثلاثاء 11-08-2020 12:39 صـ |
تراودني أفكار وساوس قهرية حول نفسي، فما العمل؟ | 1014 | الأحد 09-08-2020 02:33 صـ |
أعاني من وسواس قهري حتى في العبادات، ما الحل؟ | 993 | الأحد 09-08-2020 05:28 صـ |
أعاني من وسوسة بمرض أصاب أحد أقربائي، كيف الخلاص من ذلك؟ | 2064 | الأربعاء 22-07-2020 04:15 صـ |
لدي أفكار ووساوس غريبة، فهل أتجاهلها أم أصدقها؟ | 2730 | الأحد 19-07-2020 03:25 صـ |