أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : خوف المرأة الداعية من الرياء وكيفية التغلب عليه

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا شابة أبلغ من العمر (26 سنة)، والحمد لله متزوجة، ولي طفلتان، وحياتي مستقرة. بفضل الله أقوم بعمل، وهو إلقاء الدروس والمواعظ لمجتمع النساء، ولا أحب كثرة الاختلاط العادي في غير ذكر الله.
أحضر مجالس الذكر، سواء كنت أنا من يلقي، أو غيري.

طبعاً كان إلقاء الدروس عندي هواية منذ أن كنت صغيرة، وكنت أتمنى أن أكون داعية إلى الله، والحمد لله أن أصبحت كذلك!

مشكلتي هي: أنني على قدر ما أحاول أن أعمل الأعمال الصالحة أخاف من الرياء، حيث وأن من يسمع محاضراتي، أو دروسي قام بمدحي في وجهي، بل ـ والله ـ إنني أسمع من الثناء والمدح الكثير، والذي أحاول أن أخفيه عن جميع الناس، إلا أنني أقع فيه، وأخاف أن يدخل الرياء في نفسي، أو أن يغلب علي جانب الخوف جانب الرجاء، حيث أكلم نفسي أحياناً، وأقول:

لو يعلموا عني قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني

لا لأنني أقع في كثير ذنوب، لكني ـ والله ـ عندما أقرأ سيرة الصالحين أحس بأنني لا شيء!

أحاول أن أذكر الله كثيراً، وأقرأ القرآن ولا أضيع وقتي فيما لا يفيد، ولا يضيع وقتي إلا أحياناً، لكنني أحس بتقصير كبير، ولم أستطع أيضاً أن أوازن بين الخوف من الله ورجائه، وكيف أشعر أنني ـ والله يعلم بحالي ـ أنصح الناس في هذا الجانب، وأبين لهم، لكني أحس أنني أبعد كلاماً ممن هو أعلى مني وأرقى دينياً حتى أستريح.

أيضاً أقصر أحياناً في بعض الجوانب، مثل أن أقول: حفظوا أولادكم كتاب الله، وأنصح بذلك، لكنني بطيئة في ذلك! فهل هذا يدخل في مخالفة القول العمل؟

مع أنني أحس أن الشيطان يدخل لي من هذا المدخل كثيراً، ويوحي لي بأن أترك الدروس والمحاضرات، وأحاول أن أقوم بذلك، لكن يلوم البعض ويحملني أمانة النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأرجع وأقول: لا يوجد إنسان كامل، وهذا قصور إنسان، وأنا لا أدري هل هو قصور أم أنها ذنوب؟

أفيدوني، وانصحوني، وأجزلوا في القول أثابكم الله!

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة الفاضلة/ أم ياسر حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية) فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق وأن يزيدك توفيقاً وسداداً وتسديداً!

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن ما تخافين منه من الوقوع في الرياء شيء طبيعي جداً مع كل داعية حريص على أن يتقبل الله عمله، وهذا ما ورد مثله في تفسير قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ))[المؤمنون:60] فقالت أمنا عائشة -رضي الله عنها-: (يا رسول الله، أليس هؤلاء هم الذين يسرقون ويزنون ويكذبون ـ إلى غير ذلك ـ قال: لا يا ابنة الصديق إنما هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون، ويخافون ألا يقبل الله منهم).

فالخوف من الرياء مع الشدة وإقبال الناس والظهور أمر طبيعي جداً، والإنسان منا هو الذي يعلم من حاله، هل هو يريد فعلاً المدح والثناء، وأن هذا هو همه فقط أم لا، ولذلك عليك بمواصلة الدعوة، وعدم التوقف عن هذه الأنشطة المباركة، مع الإلحاح على الله أن يجعلك الله من المخلصين، وأن يتقبل عملك، وأن يجنبك الرياء والعجب، وأن يجعل عملك كله خالصاً لوجهه الكريم.

كما أنصحك بالإكثار من القراءة عن الإخلاص، وسير الصالحين؛ حتى تحتقري عملك إلى عملهم، وأن ما تقدمينه لا يساوي شيئاً أمام عملهم منقطع النظير في العبادات بسائر أنواعها، ولو أن القيامة قامت ما زاد واحد منهم في عمله شيئاً، فأكثري من قراءة ( صفة الصفوة ) و( حلية الأولياء ) و( سير أعلام النبلاء ) مع قراءة أبواب الإخلاص؛ لمعرفة مداخل الشيطان إلى النفس، وإغلاقها في وجهه.

وأما تقصيرك في توجيه أبنائك مع دعوتك لغيرك بذلك، فهذا أيضاً مما يعاني منه الكثير من الدعاة، والمهم سددوا وقاربوا، ولا يمنعك هذا عن التوقف أبدا؛ لأنه ـ كما ذكر العلماء ـ لو أن كل واحد يقع في خطأ، أو معصية، أو تقصير، لم يأمر بمعروف، أو ينهى عن منكر بسبب ذلك، ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر؛ لذا عليك الاجتهاد في الاهتمام بأولادك؛ حتى تكوني قدوة صادقة! ولا تتوقفي عن الدعوة لأي تقصير، ما دمت حريصة على الطاعة في نفسك، وهداية غيرك إليها.

مع تمنياتنا لك بمزيد من التوفيق، وأن يجعلك مولانا من الدعاة إليه على بصيرة.
وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
هل سعي الإنسان لتحقيق طموحه يتعارض مع الإخلاص؟ 1792 الأربعاء 10-06-2020 05:22 مـ
كيف أقلع عن ارتكاب المعاصي وأخشى عقاب الله؟ 3084 الاثنين 06-04-2020 06:00 صـ
وسواس الرياء يثبط عزيمتي في تلاوة القرآن وحفظه، فما الحل؟ 1761 الاثنين 21-10-2019 01:26 صـ