أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أتخلص من ممارسة العادة السرية للأبد؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذي الفاضل: أنا فتاة عمري 25 سنة، تعرضت في صغري لاعتداءات وتحرشات من جارنا ومن أشخاص آخرين، علمت مؤخراً أنها أفقدتني عذريتي، ما زال الأمر يؤثر على شخصيتي وكل جوانب حياتي، مارست العادة السرية قبل البلوغ، وما زلت أمارسها على فترات متقطعة رغم علمي بحرمتها، أحاول اﻻبتعاد عنها وأنقطع لفترات طويلة وألزم التوبة والاستغفار، ولكنني أضعف بين حين وآخر فأعود لها.


ما زلت أتردد بين التوبة والمعصية، وأريد منكم موعظة تردعني حتى أتركها، ولا يهمني إن تزوجت أو لا، المهم أن ألقى الله -عز وجل- وهو راض عني.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفصة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يستر عليك بستره الذي لا ينكشف في الدنيا ولا في الآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فأحب أن أبيِّن لك أولاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا فيما يرويه عن ربِّ العزة والجلال قائلاً: (أنا عند ظن عبدي بي)، وفي رواية (فلا يظنّ عبدي بي إلا خيرًا)، فإذا أحسن العبد الظن بالله -تبارك وتعالى- أعطاه الله -تبارك وتعالى- على قدر حُسن ظنه.

فهذا الأمر الذي حدث لك في صغرك لم يكن لك دخلاً فيه، كما فهمتُ من رسالتك، وكنت لا تعرفين عمَّا يحدث شيئًا، حتى وإن فقدت عُذريتك -كما ذكرت- إلا أن هذه الأمور كلها كانت في مرحلة دون التكليف الشرعي، وبالتالي دون البلوغ، وهذه الأمور الآن أصبحت في علم الله تعالى.

فأول شيءٍ أتمناه أن تُحسني الظن بالله، وتعلمي أن الله -تبارك وتعالى- سِتِّير، وأنه -جل جلاله- لا يفضح عبده أو أمته إذا كان صادقًا في توبته، فاتركي هذا الأمر لله -تبارك وتعالى-، وأنا سعيد حقيقةً بطرحك بأن هذا الأمر لا يعنيك تزوجتِ أم لم تتزوجي، المهم أن يرضى عنك الله، ولكن أحب أن أبشرك بأن صدقك مع الله -تبارك وتعالى-، وحُسن ظنك بالله، كفيل بأن يستر الله عليك في ليلة الزواج، ولا يعرف الزوج ماذا حدث، خاصة وأنا أظن أن الأمر ليس بالصورة التي تكون إذا كانت الفتاة بالغة، لأنه إذا كانت بالغة، وكانت كبيرة فإن الأمر يكون أبلغ وأشد، أما في مرحلة الطفولة غالبًا يكون التهتُّك للغشاء موجود، ولكن بفضل الله تعالى ربما يتمَّ التئامه، أو ألا يكون التهتُّك كبيرًا، فتكون الأمور بسلامة، خاصة إذا أحسنت الظن بالله تعالى.

وحتى تُقدمي لله -تبارك وتعالى- وسيلة تجعلك أهلاً لإكرامه لك ومغفرته لك، فعليك -بارك الله فيك- بالتوقف عن هذه المعاصي كلها، وقرار المعاصي قرارك أنت، فأنت التي تفعلين هذه المعصية بنفسك، ولا يُوجد أحد في الأرض كلها يستطيع أن يمنعك من فعل هذه المعصية، لأنها معصية سريَّة -كما تعلمين- فينبغي عليك أن تستحي من الله -تبارك وتعالى-، وأن تستحي من نفسك، لأن الله سترك ولم يفضحك، كان من الممكن أن يتم ضبطك وأنت تمارسين الفاحشة مع هؤلاء الناس، فتكون صورتك سيئة، ولكنَّ الله ستر عليك بفضله ورحمته، فينبغي عليك أن تستحي من الله، أن الله لم يفضحك، ولم يُسلط عليك أحد، وأن هؤلاء الناس الذين فعلوا معك هذه المعصية لم يُخبروا أحدًا بذلك، لأنك الآن كبيرة، وكلمة واحدة تُوقف مستقبلك كله بالكامل.

فإذًا عليك -بارك الله فيك- ألا تزيدي الطين بِلَّة، وألا تزيدي المرض علَّة، وألا تزيدي المعاصي معاصي، وألا تزيدي الوحل أوحال، فينبغي عليك أن تستحي، وأن تتوقفي تمامًا وتقولي: (يا ربِّ أعني) لأنه هل هذا هو جزاء الله -تبارك وتعالى- الذي تقدمينه له بعد هذه النعم العظيمة التي أكرمك بها، نعمة الصحة، ونعمة القدرة على الحركة، ونعمة القدرة على التعلم، ونعمة القدرة على التأقلم، ونعمة القدرة على الطاعة، ونعمة السِّتر العظيم الذي سترك به، هل هذا هو جزاء الإحسان؟ الله تعالى يقول: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، هل معقولاً أن الله أحسن إليك هذا الإحسان كله ثم بعد ذلك تُسيئين أنت هذه الإساءة -يا ابنتِي-؟

اتق الله يا حفصة، وقفي مع نفسك هذه النفس الأمَّارة بالسوء، وقولي: (إلى متى سأظلُّ عاصيةً لله تعالى؟ أنا مُصِرَّةٌ على أن أتوب ليرضى عني الله تعالى، أنا لا أقبل لنفسي هذا الهوان، أتوب إليك يا رب، فاقبل توبتي، واغسل حوبتي، وتجاوز عن سيئاتي، واجعلني أَمَةً صالحةً، واجعلني من عبادك الصالحين، ومن أولياءك المقربين).

وخذي قرارًا قويًّا، وارفعي صوتك بينك وبين نفسك، وقولي: (العادة السرية حرام، ولن أفعل ما يُغضب الله -تبارك وتعالى- بعد هذا اليوم)، وكلما تأتيك هذه الأفكار، ويُزيِّنها الشيطان لك فحاولي تشتيت هذه الأفكار، فلا تُطيلي الجلوس وحدك، إذا كنت في دورة المياه أو كنت في الغرفة، خاصة إذا كنت تضعفين في إطالة الجلوس وحدك، إذا كنت تدخلين على بعض المواقع التي تُثير شهوتك فلا تدخلي إليها، إذا كنت تستمعي إلى بعض الكلمات التي تُثير شهوتك فلا تستمعي إليها، إذا كان جلوسك في الغرفة وحدك فاخرجي من الغرفة، واجلسي في دورة المياه على قدر الحاجة فقط، واصبري حتى يمُنَّ الله تعالى عليك بزواج صالح، واتق الله، واعلمي قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وأبشري بفرج من الله قريب، هذا وبالله التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الشيخ: موافي عزب، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة الدكتورة: منار الغمراوي - مستشارة تربوية ونفسية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أختي الحبيبة حفصة: سعيدة جدا بتواصلك معنا وطلبك للاستشارة، وأتمنى أن تحذو الأخوات حذوك في ذلك، فللأسف أصبحت ثقافتنا اليوم تجاه الاستشارة بأنها للطوارئ، إذا وقعت المشكلة هرعوا لطلب الاستشارة، ولم تنتشر في مجتمعاتنا للآن فكرة أن الاستشارة وقاية، فطلب الاستشارة يكون مسبقا قبل وقوع المشكلة، لنتعلم كيف ننمي ذواتنا ونقويها، -وأنت منهم-، فأمر المؤمن كله خير، وما تعرضتِ له إنما سيكون -بإذن الله- دافعاً لك للتغيير للأفضل، وثقي تماما بأن الله تعالى سيكون في عونك دوما.

وأريد أن أشيد بحرصك على تطوير ذاتك، وبتلك الروح النقية التي لا ترضَ إلا أن تكون دوما في طاعة الله تعالى، وتجلى ذلك في حرصك على طلب الاستشارة، لتدربي ذاتك على التخلص من ممارسة هذه العادة السيئة، نعم إنها سيئة بكل المقاييس، فمن الجانب الصحي: نرى أنها تؤثر على كفاءة الأعصاب وترهق البدن، ومن الجانب الديني: فنجد حديث الأثير سلبياً علينا من جميع الجهات، وهذه أول رسالة توجهيها لعقلك ليساعدك على التغيير، والتخلص من هذه العادة.

اعلمي أن الفراغ هو ما يسبب الاستمرار في مثل هذه العادات، فاشغلي نفسك، بحيث لا يكون لديك أي وقت للتفكير في ممارسة هذه العادة، واستثمري وقتك بما هو مفيد، صاحبي الأخوات التقيات، فالصاحب ساحب، وبمصاحبتهن ستزداد صلتك بالله تعالى، ومن ثم الانشغال بالطاعة عن هذه العادة، واللجوء إلى الله بالدعاء بأن يعينك على التخلص منها، وحاولي عدم النوم إلا في الليل، ولا تجلسي بمفردك كثيرا، وعندما توسوس لك نفسك لممارسة العادة السرية، تخيلي أن هذه العادة تملأ قلبك وعقلك بالعفن، وكبري هذه الصورة في ذهنك يوميا، ثم استحضري هذه الصورة كلما هممتي بممارسة العادة السرية، وكذلك أكثري من حرصك على الطهارة، لتصعب عليك ممارستها، ويشق عليك التطهر للصلاة دوما، قتقلعي عنها وتكريها، وأخيرا: تذكري أن كل ممارسة للعادة السرية في شبابك، تعطل استمتاعك عند الزواج، وتضعف قدراتك الجنسية، ولا تحدثي نفسك بأنك لن تتزوجي، ولكن تفاءلي بالخير، وادعي الله بالتوفيق، وبأن يزوجك الزوج الصالح الذي يحبك ويعوضك خيرا.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...