أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أحفظ أخي المراهق من تحرش الآخرين به؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يا شيخ: نحن عائلة محافظة, ولله الحمد، أنا وإخوتي حفظة لكتاب الله, وأنا أكبرهم, وقد لاحظت على أخي المراهق بعض التصرفات الغريبة، اكتشفت مع مرور بعض المواقف أن هناك شابا أصغر منه يحبه، ويأتي التحفيظ من أجل أن يراه فقط.

مرة علمت أن هذا الشاب يقوم بممارسة بعض التصرفات الشبيهة بتصرفات الأزواج ( تقبيل الشفتين، التكريز بمعنى تقبيل مناطق الصدر والرقبة, وما إلى ذلك, مع المص, مما يؤدي إلى ظهور علامة حمراء في نفس المكان، وغيرها مما لا أعلمه) فأنا الآن جدا خائفة على أخي، ولا أريد له هذا الطريق, وهو حافظ لكتاب الله، ولكني في حيرة جدا من أمري, فلا أعلم كيف أتصرف في مثل هذا الموضوع.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شادية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك في موقعك إسلام ويب, وإننا سعداء بتواصلك معنا, ونسأل الله أن يحفظك, وأن يرعاك, وأن يقدر لك الخير حيث كان, وأن يرضيك به.

وبخصوص ما سألت عنه؛ فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: لا توجدُ مشكلةٌ في الحياةِ ليسَ لها أسبابٌ دافعة، وعلاجات نافعة، وهذا من رحمةِ الله بنا، وعلينا إذا أردنا أن نعالج أي ظاهرة سلبية أن نعرف أسبابها، فكما ذكر المختصون أنَّ معرفةَ الأسبابِ نصف العلاج، وأنَّ البحثَ عن العلاجات الطارئةِ لا يزيلُ المشلكةَ، وإنَّما قد يسكنُ بعض أعراضها ولفترةٍ قصيرة.

ثانياً: إذا بحثنا في الأسبابِ التي قد تكون سببا لهذا الفعل نجدها لن تخرج عن ثلاثة أسباب:

1- ضعف الثقافة التعليمية عند الطفل، فلعله لا يدري أبعاد ما يفعل، أو لم يخبره أحد منكم بخطورة هذا الأمر، وإلا لو كان يعلم فلماذا لم يخبركم بما حدث، أو يتخذ موقفا عدائيا ضد الطفل, أو على الأقل يبدي عدم الرغبة إلى الذهاب معه.

2- ضعفُ الرَّقابةِ والمتابعةِ, فلا شكَّ أنك كأخ له أكبر, وكذلك والداه تتحملون هذا، لأنه مسؤول منكم، ويجب عليكم إذا وجدتم ما يضره أن تمنعوه, يقولُ ابن القيم رحمه الله: (والصبي وإن لَم يكن مُكَلَّفًا، فوَليُّه مُكَلَّفٌ، لا يَحِلُّ له تمكينُه من المحرَّم؛ فإنه يَعتاده ويَعسر فطامُه عنه).

3- الخوف الشديد: قد يكون الولد على علم بهذا الخطأ, ولكن ربما يخاف من ردة الفعل.

وعلاجُ هذه الظاهرة يكمنُ في عدَّةِ أمور:

الحوارُ الدَّائم مع الطِّفلِ، وإشعارهُ بالأمانِ التَّام، وإظهارُ المحبةِ له والشَّفقةِ عليه، وعدمُ جرحِ مشاعرهِ بالإهمالِ عند الحديثِ عن المشاكلِ التي تتعرضْ له، حتى ولو كانت بسيطة وتافهة.

تنميةُ الثِّقةِ فيه عن طريقِ تشجيعهِ على الحديثِ، والثَّناءِ عليه عندَ الإصابة، وتكليفهِ ببعضِ الأمورِ الخاصَّةِ بالبيت، والاعتمادُ عليه بشكلٍ مباشرٍ في بعضِ التَّكاليف التي تُناسبُ عمره.

لا تخبروا الطفل المتحرش به بشيء؛ لأنَّه ساعتها سيُوقعُ ردَّ فعلٍ عنيفٍ أو قاسٍ، وقد يدفعهُ هذا إلى الحديثِ مع الناس عن المشكلة ملتمسا النجاة، فيُفشي الأمرَ وينشره، أو قد يتوقّع رداً قوياً، فيأتي الردُّ أضعفُ مما توقَّعَ هو، فيدفعه هذا إلى مزيدٍ من التَّحرشِ، ولكن يمكنكم التعاون مع المحفظ والحديث إليه.

استدراج الولد حتى يتحدث ثم التَّأكيدُ عليه ألا يخبرَ أحداً بما حدث، مع طمأنتهِ أنَّ الأمرَ سيتعالجُ، ولن يكونَ هناكَ أيّ ضررٍ يلحقُ به.

تعليم الولد أن يرد على البقال بقوة إذا عرض عليه المال، وأن يهدده بأنه سيخبركم إذا قال له هذا الكلام مرة أخرى.

لا ينبغي أن تمنعوه من الذهاب إلى التحفيظ حتى لا يشعر أنه ضعيف أمام هذا الطفل أو أنكم فقدتم الثقة فيه، بل بعد أن تطمئن تماما إلى فهم الولد وتدريبه على الرد بقوة أرسله وحده، وأخبره عن ثقتك فيه, وكن قريبا منه ومن الحدث.

تزامناً مع هذهِ الإجراءات ينبغي تحويلُ الطَّاقةِ السَّلبيةِ لدى الطِّفلِ إلى طاقةٍ إيجابية، تَصرفُ تفكيرهُ عن هذهِ المسالك الشنيعة، كشَغْلهِ بأنشطةٍ مُسَلِّية؛ لتطويرِ مهاراته وهواياته، ومن هذهِ الأنشطة:

- الذَّهابُ معك للتسوُّق، مع أعطائهِ بعض التَّكاليف التي تُناسبُ عمره.

- اللعبُ معه داخلَ وخارجَ المنزل.

- تدريبهُ على بعضِ البرامجِ التَّعليميَّةِ على الحاسوبِ.

- من المفيد هنا التَّركيزُ على صحبتك، والجلوس معك لفتراتٍ طويلة، والجلوس إلى أناسٍ أكبر منه سناً، وعلى خلقٍ ودينٍ حتى يتعلَّمَ منهم ضبطَ سلوكهِ، وطريقة حديثه.

- من المهم أن يتم التعامل مع الطفل على أنه ضحيَّةً وليس مُجرمًا أو جانيًا، ولكونهِ ضحيةً ولا ذنْبَ له فيما حدَث، فينبغي تجنُّبُ كلّ أساليبِ التخويفِ والتَّهديدِ، والعُنفِ اللفظي أو الجسدي.

- يجبُ توفيرُ بيئةٍ آمِنةٍ، ومُطمئنَّةٍ للطفلِ، ووَعْدهُ بالحمايةِ من أيِّ اعتداءٍ أو إيذاءٍ.

- لا ينبغي الخوفُ الزَّائدُ والهرعُ الذي قد يضرُّ الطِّفل في المستقبلِ، ولكنَّهُ الاتزانُ مع تعميقِ الحوارِ والأمانِ الذي معه سيخبرك بكلِّ شيءٍ دونَ خوف.

نسألُ الله أن يحفظك، وأن يُباركَ فيك، وأن يحفظَ أخاك من كل مكروهٍ.

والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...