أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل أتزوج من عُرضت علي مع كبر سنها وقلة جمالها؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيكم, وجزاكم خيرا.

أنا شاب, أبلغ من العمر 28 عاما, طالب جامعي، أريد أنا أتزوج, وحالتي المادية متوسطة، تقدمت لخطبة بعض الفتيات, ولكن أهلهن غالوا في الطلبات, وقدرا عرض علي صديق لي الزواج من أخته, وهو من مدينة بعيدة عن مدينتنا كثيرا, وهذه الفتاة تكبرني في العمر بعام, أي أن عمرها 29 عاما, وحاصلة على دبلوم تجارة.

وبالفعل ذهبت لرؤيتها, وجلست معها, ومع والدتها ووالدها, ورأيت أنها على نسبة بسيطة من الجمال, ولكن أهلها تساهلوا معي في أمور كثيرة؛ لأنهم ميسورو الحال.

قمت بأداء صلاة الاستخارة, ولكن إحساسي لم يتغير كثيرا، تغير بنسبة ضعيفة لإتمام زواجي منها, وما يؤرقني هو عمرها, وأنها أكبر مني, وتعليمها المتوسط, وأيضا شكلها فلم أنجذب لها, ولكني أحس بشيء بسيط من الارتياح تجاه هذه الأسرة, وهذا الزواج.

ما تعليقكم ورأيكم؟ وهل أقدم على هذه الفتاة؟ أم أنتظر فرصة أفضل؟

جزاكم الله كل خير.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمُنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة، تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن الجمال في الحياة الزوجية مطلوب، ولقد حثنا عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو هدف وغاية لمعظم الأنفس الطبيعية، فإن المرأة التي تتمتع بقدر من الجمال -خاصة إذا لم يكن جمالها أيضًا مُلفتًا يُزعج زوجها- فإنها تسر زوجها إذا نظر إليها، إلا أن الجمال في حد ذاته وحده غير كافٍ لاستقرار الأسرة، فكم من امرأة على قدر من الجمال إلا أنها لا تستطيع أن تُدير نفسها شخصيًا، وبالتالي لا تستطيع أن تُدير أسرة, ولا أن تكون أُمًّا ولا أن تكون زوجة.

إلا أنني أقول بأن قضية الجمال بالنسبة لهذه الأخت إذا فعلاً كانت مفتقرة إليها, ونسبة -كما ذكرت- بسيطة, ولا تشفي غليلك, ولا تُمتعك حقًّا؛ فأرى أن تعتذر لهم، حتى لا تشعر بعد ذلك بنوع من الألم النفسي عندما تقارن بينها وبين غيرها، لأن المرأة إذا لم تكن بها مسحة من الجمال؛ فإن الإنسان سيظلُّ كالجائع الذي كلما شمَّ رائحة طعام سال لعابه، وكلما رآه مما لا شك فيه فقد صوابه، وبالتالي كلما رأيت امرأة جميلة تمنيت أن تكون زوجة لك.

فأنا أقول: إذا كان فعلاً جمالها متواضعا لهذه الدرجة؛ فأنا أنصح ألا تتعجل في الارتباط بها، حتى لا تعض أصابع الندم ولات حينَ مناص.

أما فيما يتعلق بقضية السن فأعتقد أن فرق سنة ليس مشكلة، لأن هذا فارق غير معتبر أصلاً ولا قيمة له، وحتى أكثر من ذلك، إذا كانت المرأة تتمتع بعقل راجح، وإذا كان الزوج كذلك، لا أعتقد أن قضية السن ستكون عقبة.

وكذلك أيضًا موضوع المؤهل أيضًا أنا أعتقد أنه عقبة ومشكلة ما دامت الأخت قد رُبيت في بيت فيه حوار وفيه تفاهم وفيه أب بمعنى الكلمة، أب رجل، وأُمّ أم، ليست هناك انتكاسة في ترتيب الأسرة، فإنا نعرف أن هناك أسرا تجد أن الأب طفل متصابي وأن الأم هي امرأة مسترجلة، فتخرج البنت وهي متمردة ويصعب حقيقة التفاعل معها أو التعاون معها؛ خاصة إذا كان حظها من العلم الدنيوي أيضًا قليلا، ولكن إذا كان البيت محترما، وإذا كان الأب فعلاً يملأ مكانه ويقوم بدوره الشرعي من القِوامة والريادة، والأم تقوم بدورها أيضًا بالشرع الذي حدده الله لها، فأرى أن مسألة المؤهل العلمي لا قيمة لها، وكذلك السن.

إلا أني أقول: إذا كانت ليست دميمة فأرى أن تصلي صلاة استخارة مرة أخرى وأن تتوكل على الله، فهناك فرق بين أن تكون بسيطة الجمال وأن تكون قبيحة وغير مقبولة؛ فإذا كانت قبيحة وغير مقبولة أرى أن تتركها وأن تعتذر لهم، أما إذا كان بها مسحة جمال وإذا لم تكن عالية ولكن تتمتع بصفات الرزانة والعقل والحكمة والتربية الصالحة الصحيحة، وذاتُ دينٍ، فأرى -إن شاء الله تعالى- أنك ستكون سعيدًا معها.

إذا كنت من النوع الذي يهتم بالجمال كثيرًا فأرى أنها لا تصلح لك، لأنها –كما ذكرت لك– ستظلُّ غير مقتنع بها، وتظلُّ تعاني أيضًا من النظر المحرم، وإلا فقضية الجمال قضية نسبيَّة، وقد يكون جمال المرأة ليس في وجهها، إنما في حسن أخلاقها، وهذا هو الذي عليه العمل، لأن البيوت لا تُبنى على الحب وحده، وكذلك لا تُبنى على الجمال وحده، وإنما تُبنى على التفاهم والاحترام المتبادل وعلى حريَّة الرأي، وعلى تقدير المشاعر، وعلى أن كل واحد يضع نفسه مكان الطرف الآخر ويلتمس له الأعذار إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، بهذا تقوم الحياة الزوجية السعيدة.

فإذًا انظر إلى قضية الجمال كما ذكرت لك، إذا كانت المرأة دميمة أو قبيحة فلا داعي منها، وإذا كانت مسحة الجمال لا تشفي غليلك فأرى أيضًا أن تعتذر لهم وأن تبحث عن غيرها، وإن كنت أرى أنها مناسبة في سِنِّها، وحتى مؤهلها العلمي إذا كانت رُبيتْ بطريقة صحيحة.

هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...