أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : ما أول خطوة عملية في طريق التغيير؟

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا من القراء الأوفياء لموقع إسلام ويب، وأعتبر ما تؤدونه خدمةً جليلةً جدًا للناس والدين، وأنا اليوم أعرض عليكم مشكلتي، راجيةً أن أجد عندكم حلًا لها.

أنا عمري اثنان وأربعون عامًا، ومشكلتي تكمن في شخصيتي الضعيفة، وخجلي، واستسلامي لأحلام اليقظة، وكثرة النسيان.

أنا أدرك أن حالتي هذه ما هي إلا نتيجة للتربية التي تلقيتها في طفولتي، والمحيط الذي كبرت فيه، والآن أصبحت شخصيتي تشكل عائقًا حقيقيًا لي في تحقيق طموحاتي.

أنا على يقين أنني بذكائي وطموحي لو كنت بشخصية أقوى، لكنت بلغت مستوى أعلى بكثير مما أنا عليه الآن، سواء على الصعيد المهني أو الشخصي.

أنا أصغر إخوتي، نشأت في عائلة أفرادها لا يتواصلون مع بعضهم البعض، كل منا منعزل في ركنه، خارج البيت لنا أصدقاؤنا، وعندما ندخل إلى البيت لا نتحدث مع بعضنا إلا لحاجة، وكنت أشعر بالحزن من هذا الوضع، كان أخي الكبير ينتقصني كثيرًا، وكذلك بعض أقاربي، ربما بسبب الغيرة، ما عدا بعض الصداقات العابرة التي كنت أكونها مع زميلاتي في الدراسة، فقد كنت منطويةً وخجولةً وقليلة الكلام.

كنت أحس بالوحدة إلى درجة أنني كونت لي عالمًا خاصًا أعيش فيه مع شخصياتي التي كنت أختلقها في ذهني، وخلال كل فترة طفولتي ومراهقتي وبداية شبابي كنت أعيش في عالمي طوال الوقت، حتى وأنا أدرس، أو أتحدث مع الناس، أو منهمكة في عمل ما، يكون ذهني منشغلًا بالعيش في عالم آخر أكون أنا تركته، دون أن يبدو علي شيء.

حينما يحدث لي موقف يزعجني أو يحرجني أظل أفكر فيه، وأتخيل نفسي وقد تصرفت بطريقة مغايرة لما تصرفت بها في الواقع، والآن خفت هذه الحالة عندي قليلًا، لكن لم أتغلب عليها تمامًا.

كنت دائمًا متفوقةً في دراستي، تخرجت من الجامعة، وتحصلت على الليسانس، وتوظفت في شركة كبيرة عن طريق المسابقة، وبدون وساطة من أحد، وأنا الآن رئيسة مصلحة.

مع بداية حياتي المهنية بدأت أكتشف ضعف شخصيتي، أقول أكتشف؛ لأن أحلام اليقظة كانت تحجب عني شخصيتي الحقيقية.

لما كنت أحضر اجتماعًا, وكان علي الكلام، كانت نبضات قلبي تتسارع إلى درجة أنني عندما أبدا بالكلام أحس أن نفسي سينقطع، وتتشتت أفكاري، وأتلعثم, ومع مرور الوقت استطعت أن أتغلب بعض الشيء على هذه الحالة، لكن ليس تمامًا؛ فأنا لا أتخيل نفسي ألقي محاضرةً، أو حتى كلمةً أمام جمع كبير.

كل رؤسائي الذين عملت معهم كانوا يثنون عملي، بل لا أبالغ لو قلت أنني كنت دائمًا من الكفاءات البارزة في مؤسستي، لكن هذا على المستوى المهني، أما على المستوى الشخصي فأنا امرأة ضعيفة، إذا قال لي أحد كلمةً تجرحني لا أرد عليه؛ لأنني أخجل، وحتى لو لم أكن أخجل فأنا لا أملك سرعة البديهة، ولا أجد الكلمات لأرد بها.

عندما أسمع أن شخصًا ما اغتابني، أقرر أن أواجهه وأحضر ما سأقوله، لكن عندما أكون أمامه لا أملك الجرأة لقول ما أريد.

إذا احتجت مساعدةً من أحد لا أستطيع أن أطلبها؛ لأنني أخجل، كما أنني أخجل أن أرفض طلبًا من أحد، حتى عندما أرى منكرًا لا أغيره؛ لأنه ليست لي الجرأة أن أقول ما أريد.

أنا متدينة، ومواظبة على صلاتي، وقراءة القرآن، والصيام، وأحب عمل الخير، وهذا يعطيني نوعًا من الطمأنينة، لكن تنقصني العزيمة والإصرار على مواصلة ما أبدأ، كلما بدأت شيئًا لا أكمله، أميل كثيرًا إلى النوم؛ لأنه بمثابة فرار من واقعي.

عشت الكثير من المواقف المحبطة والمحرجة بسبب ما أنا عليه من ضعف في شخصيتي.

مشكلتي الأخرى هي النسيان، فذاكرتي تضعف يومًا بعد يوم، أنا أظن أن حالتي النفسية المزرية تزيد من حالة النسيان عندي، أجد صعوبةً كبيرةً في التركيز عندما أدرس ملفًا ما، مع أنني كنت سريعة الفهم في الماضي.

أصبحت أفقد المتعة في حياتي، لا شيء يسعدني، أملت لسنوات أن ألتقي رجلًا أحبه ويتقدم لخطبتي، وكنت أحلم أن يكون لي أولاد، لكن هذا لم يحدث رغم أنني جميلة، أظن أن الرجال لا ينجذبون للمرأة الضعيفة والخجولة.

في الماضي كنت أعتقد أنني لما أتجاوز سنًا معينًا، ومع ما سأعيشه من تجارب في الحياة، ستتطور شخصيتي للأحسن، لكن هذا لم يحدث، والحقيقة أنني لم أفعل شيئًا لأغير من شخصيتي، لكني الآن مصممة على التغير؛ فعندي مشاريع كثيرة أود تحقيقها، ولن أستطيع أداءها بضعفي هذا وخجلي.

أول خطوة عملية في طريق التغيير هي هذه الرسالة التي أكتبها لكم؛ لأطلب منكم النصيحة؛ ولكي ترشدوني للطريقة التي أستطيع بها أن أغير من شخصيتي، وأتخلص من أحلام اليقظة، ومن الخجل.

فهل لو زرت طبيبًا نفسانيًا يستطيع أن يساعدني على التغير؟ وهل يستطيع من هم في سني أن تكون لهم شخصية قوية بعد كل هذا العمر؟ لكن أرجوكم لا تصفوا لي دواءً، فقط انصحوني بما علي فعله، فأملي في مساعدتكم لي كبير.

شكرًا جزيلًا لكم.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دليلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: نثني عليك في طريقة سردك وتحليلك لمشكلتك بصورة جيدة، وهذا يدل على وعيك وقدرتك على ترجمة ما تشعرين به، وما تعانين منه، فنقول لك -ما شاء الله– وأنت في هذا العمر على هذا المستوى من التفكير، مما يبشر بمستقبل زاهر -إن شاء الله- وهذا في حد ذاته خطوة من خطوات العلاج، بل هو نصف حل المشكلة.

ثانياً: أسلوب المعاملة الذي تعرضت له في طفولتك ربما يكون أثر في صورتك الذهنية عن نفسك، وتقديرك الذاتي عنها، ورسخ ذلك في عقلك الباطن بأنك أقل من الآخرين.

وكما تعلمين -أختى الكريمة- أن بعض الأفراد ينزعون إلى بلوغ الكمال، ولا يرضون بأي شيء يخدش كرامتهم وسمعتهم، ويحاسبهم ضميرهم على كل صغيرة وكبيرة، والبعض الآخر عكس ذلك، فالمسألة مرتبطة بالضمير الذي تربى وفقا للمعايير والقيم والمعتقدات السائدة في ذلك المجتمع الذي يعيش فيه هؤلاء الأفراد.

ثالثاً: حديث النفس إلى النفس وسيلة بديلة للتواصل مع الذات، يستخدمه بعض الناس في حالة تعسر تواصلهم مع الغير لسبب ما، وعن طريقه يمكن للإنسان أن يقوم بتحليل موقف ما، حدث خلال اليوم، أو يخطط لحل مشكلة ما، قد تواجهه في المستقبل.

فإذا توصل إلى التحليل المناسب للموقف أو الحل المناسب للمشكلة وفقاً لمعطيات الواقع، وقام بالتطبيق الفعلي لذلك، نقول إنه استخدم عقله بطريقة صحيحة، فالعقل نعمة من نعم الله علينا نستفيد منه كثيراً إذا وجّهناه التوجيه الصحيح في حل مشاكلنا، والتخطيط لتحقيق أهدافنا في هذه الحياة.

هناك بعض الاكتشافات والاختراعات العلمية تكون نتيجةً لاستخدام خيالنا، وتصوراتنا المسبقة للأمور, أما إذا كان الخيال مجرد أحلام يقظة دون التوصل إلى حلول أو نتائج واقعية، فيكون ذلك وسيلةً نفسيةً للتخلص من مشاعر القلق والتوتر والإحباط؛ لعدم تمكننا من إشباع دوافعنا، وتحقيق أمنياتنا بطريقة واقعية.

وإذا استغرقنا في هذا الخيال بشدة فيصعب علينا التمييز بين الواقع والخيال, فنرشدك بتعلم مهارات حل المشكلات، وكيفية اتخاذ القرارات، وحاولي الاستعانة بالله أولاً، ثم الآخرين، واعرضي عليهم آرائك ومقترحاتك، وناقشيهم في آرائهم ومقترحاتهم، فستخرجين -إن شاء الله- بحلول واقعية لمشاكلك، وبتخطيط سليم يمكنك من تحقيق أهدافك, وإليك بعض الإرشادات لتساعدك في التغلب على المشكلة:

1- الثقة بالنفس تزداد بالتركيز على الإيجابيات والصفات التي تمتلكينها في شخصيتك، وتجنبي مقارنة نفسك بالفتيات الأخريات اللاتي في سنك، فهناك فروق فردية بين الناس، فما عندك من الصفات قد لا يكون عندهم، والعكس صحيح، وهذه سنة الله في خلقه، فاقتنعي بما قسمه الله لك من النعم والقدرات والمهارات الشخصية.

2- استفيدي من وقت الفراغ في ما هو مفيد ومجلب للمصلحة، حتى لا تدعي فرصةً للأفكار السلبية، وهذا يساعدك في التغلب على الانعزال، وأيضاً: عدم التفكير في أحداث الماضي؛ فهي مضت وولت، وينبغي الاستفادة منها في تصحيح المسار، واحفظي الله يحفظك مما تخافين منه.

3- ضعي لك أهدافًا واضحةً في حياتك، واجتهدي في تحقيقها بالوسائل المتاحة لك، واستشيري في ذلك ذوي الاختصاص من المربين والمعلمين.

4- لسهولة اتخاذ القرارات ومواجهة الواقع، فكري أولاً في الخيارات الموجودة والمتاحة، وحاولي دراسة كل خيار على حدة، من حيث عدد الإيجابيات والسلبيات الموجودة فيه، ثم اختاري الأكثر من حيث عدد الإيجابيات، والأقل في السلبيات، مع التركيز على ترتيب الأولويات.

ولا تنسي أيضاً صلاة ودعاء الاستخارة، فهما من أعظم الوسائل المساعدة في اتخاذ القرارات.

5- ممارسة تمارين الاسترخاء بشكل يومي، للتخلص من القلق والتوتر الذي يهيج القولون العصبي، وخطواتها في الاستشارة رقم: (2136015).

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أكون قوية، وأتخلص من الخجل؟ 1729 الأربعاء 12-08-2020 05:25 صـ
أشكو من انعدام التوفيق والنجاح في حياتي، فهل سببها المعاصي الماضية؟ 2661 الأربعاء 12-08-2020 04:07 صـ
كم أحتاج من الوقت للتشافي من آثار العادة السيئة؟ 13402 الخميس 16-07-2020 04:13 صـ
لا أرغب في الحياة بسبب مشاكلنا الأسرية. 1355 الأحد 12-07-2020 07:22 صـ
كيف أتخلص من الشعور بالحزن؟ 1503 الأحد 12-07-2020 03:30 صـ