أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أخي يعاني من خجل شديد وأفكار سوداوية، فما هو تشخيص حالته؟

مدة قراءة السؤال : 8 دقائق

السلام عليكم..

بداية أود أن أشكركم على موقعكم الأكثر من رائع، وأتمنى لكم مزيدا من التوفيق والتقدم والنجاح..

سأعرض لكم مشكلة أخي الصغير الذي أرى بأن حالته تزداد سوءا مع تقدم الوقت، ولا أعلم ما السبب؟ وأنا حزينة جدا من أجله.

عندي أخ يبلغ من العمر 13 سنة وبضع أشهر، لاحظت أنا وأمي عليه منذ صغره بعض الأشياء والتصرفات التي قد لا تبدو طبيعية:

فمنذ صغره وشخصيته مختلفة عن الأطفال الآخرين، وحتى أفكاره ونظرته للحياة، فأفكاره تبدو غريبة جدا، وهي تتعلق بأشياء لا معنى لها: كالألوان، والشخصيات الإلكترونية، والكرتونية، ويظل طول الوقت يمتدحها، وإذا خالفه أحد جن جنونه، ويستمر على هذه الحال بضعة أشهر، ثم ينتقل بعدها لشيء مادي آخر لا معنى له، وهذا التصرف كان مصحوبا بوسواس قهري، وأعتقد بأن التعلق الشديد بهذه الأشياء أدى إلى إصابته بالوسواس القهري، ومازال هذا الوضع مستمرا إلى وقتنا الحالي، ومازال التعلق الغير طبيعي بالأشياء مستمرا أيضا.

كما أن لديه أيضا بعض الصفات الأخرى: كالخجل الشديد الغير طبيعي، وازداد هذا الخجل، وبلغ حدته عندما بلغ تقريبا عامه الثانية عشر، ومازال مستمرا، ويزداد حدة مع الوقت لدرجة أنه يخجل من أبي، ومن بعض إخوتي الآخرين، بالإضافة إلى أن هذا الخجل أصبح منذ وقت ليس ببعيد مصحوبا برهاب اجتماعي شديد، لدرجة أنه ترك المدرسة، ولم يعد يقوم بزيارة الأقارب والأهل.

وفي الفترة الأخيرة أصبح يخجل من أبي بشدة، ومن بعد الخجل أصبح يكرهه من غير سبب، ويسبه ويشتمه أمامنا، أما أمام أبي فإنه يكون خجولا جدا، وينحي رأسه من شدة الخجل، مع أن أبي لم يقم بإزعاجه ولو بنصف كلمة، بل أن أبي يناديه بأحسن الألقاب وينفذ طلباته.

وعندما يقوم شخص ما بإزعاجه ولو بكلمة يكرهها، فإنه يحقد على هذا الشخص لمدة طويلة، ويكرهه بطريقة غريبة، فهو يكره أحد إخوتي كرها غير طبيعيا، مع العلم أن أخي لم يؤذه أبدا، لدرجة أنه يطلب منا بأن لا نكلم أخي الآخر، ولا نناديه باسمه، ويجبرنا على أن نشتمه ونسبه، وأن لا نكلمه، وإذا فعلنا غير ذلك جن جنونه، لدرجة أنه يضرب من لا يقوم بما يقوله.

وسوف أذكر لكم أحد المواقف الذي ربما قد يدل على شيء:
عندما كان يعود من مدرسته إلى البيت، فإنه يحكي لنا عن صديقه المخلص، وبأنه يحبه، وبأن صديقه يبادله هذا الحب، وكان دائما يمتدحه، ولا يخطئه بشيء، وكان يحكي عدة مواقف عنه، ويبين لنا أن صديقه شخص أكثر من رائع، واستمر هذا الوضع قرابة عدة أشهر، وفي يوم عندما كان يحكي لنا عن صديقه الرائع، قالت له أختي: "احلف أن صديقك هكذا، وبأنه شخص رائع" فسكت ولم يعد يعرف ماذا يقول، وسألته أختي هل كنت تكذب علينا طول هذه المدة؟ فقال: نعم، وعرفت حينها أختي بأنه يكذب، وقالت له لماذا يا حبيبي كنت تكذب؟ فرد وبشكل مفاجئ، وقال: أنا أكرهه بشدة، فهو يضربني، ويستخف بي، ويضحك الأولاد الآخرين علي، وكل ما قلته كان كذبا، فأنا وحيد، ولا أصدقاء لي، وجميع الأولاد يكرهونني، ولم يكن لي في يوم من الأيام أي صديق.

وصفاته بشكل عام:
عصبي جدا جدا منذ أن كان طفلا، وازدادت عصبيته حدة منذ سنتين تقريبا، هذا عدا عن أنه لا يصلي، ولا يقوم بأي واجب ديني، لأنه كسول جدا، بالإضافة إلى أنه لا يريد أن يستحم لشدة كسله، ومزاجه غالبا معكر لدرجة أنه لم يعد يقوم بأي من واجباته الدينية، أو الاجتماعية، أو اليومية، فهو فقط يأكل ويشرب ثم ينام، وأصبح مؤخرا لا يخرج من البيت على الإطلاق، وكثيرا ما تراه متشائما، حزينا، كئيبا، وينظر للحياة والوجود بنظرة كلها تشاؤم واستحقار.

وازداد وضعه سوءا لدرجة أنه يريد الموت، ويغضب من الله – تعالى الله –، ويسبه، ويشتمه، وعندما أسأله لماذا تفعل هكذا؟ يقول لي: لماذا خلقني الله تعيسا؟ لماذا لا يجعلني سعيدا وهو قادر على ذلك؟ ويقول أكثر من هذا أيضا لدرجة أني لا أستطيع الإجابة على أسئلته، وأقوم بإسكاته من دون أن أقنعه بشيء.

قمنا باصطحابه إلى دكتور نفسي عندما كان بالثانية عشرة من عمره، ووصف الطبيب مرضه بأنه وسواس قهري فقط، وقام بإعطائه هذا الدواء: risperdal 1mg، واستمر عليه لمدة 5 أشهر تقريبا، ولا أذكر حقيقة أي تحسن طرأ عليه، فالوسواس عاد إليه من جديد وبشدة أيضا.

ثم في السنة التالية، عندما بلغ عمره 13 عاما، صرف له الدكتور هذا الدواء من جديد، وهو: risperdal 1mg، بالإضافة إلى حبوب anafranil 25 novartis، وتناوله لمدة 5 أشهر، ولكن حالته تردت إلى الأسوأ بسبب هذا العلاج، فأصبح عصبيا ومكتئبا طوال الوقت، ومزاجه معكر جدا، وأصبح أكثر كسلا، وأكثر إهمالا لنفسه، وأصبح يريد الانتحار، وتترد عليه هذه الأفكار بشكل يومي تقريبا، وأصبح كثير النوم، ثم ذهبنا إلى الطبيب، وقال استمروا على هذا العلاج.

وذهبنا إليه مرة أخرى، وشرحنا له الوضع، وقال: أوقفوا العلاج، وقلنا له: هل نقطعه هكذا بشكل مفاجئ؟ ألا ينبغي لنا أن نقطعه بالتدريج؟ فقال: لا داع لذلك، فقط أوقفوه من غير تدريج، فأوقفناه، ومازال وضع أخي سيئا، والوسواس القهري أصبح أكثر حدة، ومازال عصبيا ومضطربا أغلب الوقت، وفي بعض الأوقات لا يستطيع أن يتصرف بشكل طبيعي بسبب الوسواس والحركات الغير إرادية التي يصدرها بسبب الوسواس، ومازال يتعلق بأشياء مادية، ولديه دمية دب اشتريناها له عندما كان صغيرا، ومازال متعلقا بها، مع أنه قد بلغ ولم يعد طفلا.

وللعلم: فهو يتميز بقدرة عقلية جيدة، ولن أبالغ إن قلت ممتازة، ولم يتعرض للعنف الأسري على الإطلاق.

وسوف أضيف شيئا آخر قد يكون له صلة بمرض أخي، فأنا لي أخ آخر يشبهه كثيرا من حيث التصرفات السلوكية، ولكن أخي الآخر هذا عمره قرابة الواحد والعشرون 21 سنة، ولا أستطيع وصف حالته بدقة، لأني كنت صغيرة عندما كان صغيرا، وأمي كانت آنذاك جاهلة بسلوكيات الأطفال الطبيعيين، ولكن سأذكر لكم بعضا من تصرفاته وهو كبير:

فهو يعاني من وسواس قهري، ومن خجل غير طبيعي، ويعاني من رهاب اجتماعي لدرجة أنه ترك المدرسة عندما كان عمره 12 عاما، ولم يعد يخرج لزيارة الأهل والأقارب، فقد ظل حبيس البيت في السنوات الأخيرة.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


هناك عدة محاور في حياة أخيك، فمن حيث الأعراض التي يعاني منها:

- أن الأمر بدأ معه بالتعلق بالأشياء التي لا معنى لها، وهذا ليس مستغربًا في حياة الطفل في بداياته، لأن الطفل يختلط لديه الخيال بالواقع، وكثير من الأطفال يدخلون فيما يمكن أن نسميه بأحلام اليقظة من حيث التفكير، ولكن في حالة أخيك هذا لم يتوقف الأمر عند هذا الحد.

- موضوع الخجل، وموضوع أنه قد سبَّ والده أمامكم، وتصرفاته الأخرى، وحركاته اللاإرادية، والتذبذب والتقلب المزاجي والوجداني، أعتقد أن هذا الطفل يحتاج بالفعل لتقييم نفسي حقيقي من جانب طبيب نفسي مختص في أمراض الأطفال واليافعين والشباب، وهذا التخصص موجود في مستشفيات الطب النفسي أو أقسام الطب النفسي الكبيرة، وهي متوفرة جدًّا في المملكة العربية السعودية - والحمد لله تعالى -.

أنا لا أعتقد أن مرضه الرئيسي هو الوسواس القهري، وربما تكون لديه أعراض وسواسية، ولكن أعتقد أن الأمر قد يكون أكثر من ذلك، والذي أود أن أنبه إليه: هو أن التدخل المبكر، والرعاية الطبية المنتظمة، دائمًا تحسن من فرص شفاء هؤلاء الأطفال أو استقرار حالتهم، فلا تتأخروا أبدًا في موضوعه، واذهبوا به إلى الطبيب المختص.

والعلاج الدوائي ربما يكون مهمًّا جدًّا في حالته، وبعض التوجيهات السلوكية والإرشادية أعتقد أيضًا أنها ضرورية.

حقيقةً أنا آسف جدًّا أنني لم أستطع أن أقدم الكثير له، لأن حالته لا تخلو من شيء من التداخل والتعقيد، ولا بد أن يتم توضيح التشخيص، والتشخيصات المفارقة – أي احتمالية التشخيصات الأخرى –، وهذا لن يتم أبدًا إلا بواسطة مقابلة مختص.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تعبت من الوسواس القهري الذي ينتابني وتظلم حياتي بسببه. 3344 الأربعاء 15-07-2020 04:30 صـ
كيف أصرف الوساوس عن نفسي وأحاربها؟ 1928 الأحد 28-06-2020 02:49 مـ
كيف أتخلص من وسواس الخوف والمرض بدون أدوية؟ 1901 الخميس 25-06-2020 05:38 صـ
أريد السيطرة على الوساوس والأفكار السيئة التي تهاجمني 2362 الخميس 25-06-2020 02:58 صـ
بسبب التشكيك في ديني في بلاد الغرب أتتني وساوس بالكفر، ما علاج ذلك؟ 1567 الأربعاء 24-06-2020 04:38 صـ