أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل أكمل حفظ القرآن ثم دراستي العليا؟ وكيف أتخلص من الغرور بسبب الحفظ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله أتممت حفظ 20 جزءا من كتاب الله، ولكني أشعر أحيانا بالكبر والغرور، وأحيانا أشعر بالفرح بأن الله من علي بحفظ هذه الأجزاء من القرآن، وأمنيتي أن أختم كتاب الله حفظا، فكيف أتغلب على الشعور بالغرور أم هو وساوس من الشيطان؟

حفظت ال10 الأجزاء الأخيرة من القرآن قبل دراستي للماجستير وأثناء دراستي للماجستير أتمت حفظ العشرة الثانية -ولله الحمد- ولدي رغبة في حفظ 10 الأولى وتكملة دراستي العليا (الدكتوراة).

سؤالي: هل الأفضل أن أكمل حفظ 10 الأجزاء وبعد ذلك أكمل دراستي؟

وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatcomp حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وهنيئًا لك بهذه النعم العظيمة من الله تبارك وتعالى، ونحن سعداء بهذا السؤال الذي تريدين أن تختاري فيه بين خيارين، ولا يخفى عليك عظمة هذا الكتاب المجيد الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ومع ذلك فإننا نقترح عليك أن تُكملي الدراسات العليا، ثم بعد ذلك تحاولين أن تُكملي ما تبقى من حفظ كتاب الله المجيد، ولعل هذا يكون هو الأوفق والأنسب لك؛ لأنك تملكين الآن بعض الظروف التي قد تعينك على إكمال الدراسات العليا، أما كتاب الله فمثلك ممن يُحب هذا الكتاب لن تتخلى عنه، وستُكمل هذا الحفظ بحول الله وفضله ومنّه سبحانه وتعالى.

وكذلك لأننا في مجتمع يهتم بمسألة الشهادات، ونحن نريد لحافظة عشرين جزءًا أن تكون لها شهادة علمية تؤهلها وتأخذ موقعها في ساحات التربية والتعليم والتوجيه بهذه الشهادة، أفضل من أن تأخذ هذه الشهادة وتأخذ هذا المقام فتاة أخرى لا علاقة لها بالدين ولا علاقة لها بكتاب الله تبارك وتعالى.

وقد يُخفف أيضًا السير في هذا الاتجاه بعض الغرور الذي ربما يحصل، كما تتكلمين عنه الآن، ولكننا نريد أن نقول: هذا الغرور إذا كان شعورًا مستمرًا بهذه الطريقة فقد ندعوك إلى أن تتعوذي بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم، ونبيّن لك أن علاج العُجب والغرور إنما يكون بتذكر نعمة الله على الإنسان، فلو وُكل الواحد منا إلى نفسه ما استطاع أن يحفظ سطرًا كاملاً، ولو تفكرت حولك فستجدين هناك من هو أذكى، من هو عنده وقت أكثر، عنده إمكانيات أكبر، عنده فرص أكبر، لكنه لم يحفظ، لكنك حفظتِ، فهذا محض توفيق من الله تبارك وتعالى، ستجدين من هنَّ أكثر منك عافية وفراغًا ووقتًا وفرصًا وكذا، لكنها مع ذلك لم تحفظ جزءًا واحدًا، أو سورة من قصار السور.

إذن هذا محض توفيق ومحض تأييد من الله تبارك وتعالى؛ لأن العجب والغرور لا ينتج إلا عندما ينسى الإنسان نعمة الوهاب، يعني يرى الإنجاز –وهذا فعلاً إنجاز كبير– لكنه ينسى المُوفِّق، فتذكري دائمًا أن الله هو الموفق، إذا جاءك الشيطان فقال: (أنت ما شاء الله حفظت، من مثلك على وجه هذه الأرض؟) قولي: (الحمد لله الذي أيدني، الحمد لله الذي وفقني، ذلك من فضل الله عليَّ، لولا مِنَّة الله عليَّ ما استطعت، لو وكلنا الله إلى أنفسنا ما استطعنا أن نعطيها جرعة ماء) بمثل هذا الكلام يحارب الإنسان هذا الغرور، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام– يُبين لنا في درس عظيم -عليه صلاة الله وسلامه– وهو: أن الإنسان عندما يعلو يتواضع لله تبارك وتعالى، عندما ينجح يشكر الله تبارك وتعالى، ولذلك في أعلى لحظات العز والشرف والانتصار، يوم فتح مكة كان النبي -صلى الله عليه وسلم– مطأطئ الرأس، متواضعًا لله تبارك وتعالى، بل قال بعضهم من الأسرار البديعة في هذه الصلاة، أن الإنسان في أخفض أحواله وهو ساجد لله يقول: (سبحان ربي الأعلى) فالإنسان ينبغي أن يتذكر عظمة العظيم، وقدرة القدير، وهبة الوهاب، وفضل المنان عليه، حتى لا يجد الغرور مكانًا إلى صدره وإلى نفسه.

ومع ذلك فنحن نؤيد ونقترح عليك أن تصلي صلاة الاستخارة، والإنسان إذا احتار بين أمرين فإنه يُصلي لله صلاة يطلب فيها الخير ممن بيده الخير، وإن كنت ولله الحمد تسيرين في اتجاهين كلاهما من الخير وكلاهما من الأمور المفيدة، ونحن دائمًا –وأنا شخصيًا- حريصون جدًّا على أن تكون حافظة القرآن تملك شهادة، على أن يكون حافظ القرآن من المتفوقين في دراسته؛ لأننا نريد إخراج قادة من الحُفاظ، من الذين عندهم ولاء وحب وتعظيم لهذا الكتاب المجيد الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به؛ لأن أمثال هؤلاء الذين يحملون شهادات ويحفظون كتاب الله تبارك وتعالى يحصل بهم النفع الكبير، ويُشكل القدوة المطلوبة للناس، فإنا نريد للإنسان أن يملك شهادات الدنيا وقبلها يملك شهادات الآخرة، وشهادات الحفظ لكتاب الله تبارك وتعالى؛ لأن هذا هو المعنى الجميل الذي ينبغي أن يكون واضحًا في حياتنا حتى يأخذ القرآن مقامه ومكانه، والقرآن دائمًا يدفع بأهله إلى كل النجاحات.

ونقترح عليك مرة أخرى إكمال الدراسة، وأنت -إن شاء الله تعالى– تستطيعين كما فعلت في دراسة الماجستير أن تُكملي الحفظ وتُكملي رسالة الدكتوراه، وطبعًا إذا وصلت إلى هذا فإن هذا نموذج رائع، ولا أظن أن في الأمر صعوبة، وربما يحتاج الأمر إلى شيء من التنظيم في الوقت وحسن التوكل على الله تبارك وتعالى، والإكثار من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله) وحسن اللجوء والتضرع إلى الموفق سبحانه وتعالى، الذي يعطي الإنسان قدرات وطاقات.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ما سبب الشعور بالقشعريرة عند قراءة القرآن بصوت مرتفع؟ 17451 الأحد 15-03-2020 03:56 صـ
تركت حفظ القرآن خوفاً من نسيانه لكني أقرأه.. ما توجيهكم؟ 3017 الأربعاء 05-02-2020 04:44 صـ
رأسي يؤلمني عند سماعي للقرآن! 2604 الأربعاء 29-01-2020 02:52 صـ
أشعر بحاجز بيني وبين القرآن، كيف أزيل هذا الحاجز؟ 4013 الأربعاء 11-09-2019 04:49 صـ
أحتار ماذا أقرأ من القرآن، هل أقرأ بترتيب السور؟ 37431 الأربعاء 03-04-2019 07:15 صـ