أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الاكتئاب دمر حياتي.. فماذا أفعل؟
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أعاني من اكتئاب شديد دمر حياتي بالكامل، أوشكت أن أفصل من الجامعة؛ لأني أرسب كل سنة، لا أستطيع المذاكرة على الإطلاق، والله تعالى قد تخلى، عني وتركني أعاني هكذا دون أن يرحمني حتى ولو قليلاً، أنا لا أطلب الكثير أنا فقط أتمنى أن أستطيع أعيش ما بقي لي في عمري.
أعاني من ذلك المرض منذ أكثر من خمس سنوات، ذهبت إلى كل الدكاترة جربت كل الأدوية ( لوستروال ـ ايفكسورـ فافرين - ايستيكان ـ سيمبالتا ـ انافرونيل ـ ريميرون ـ فالدوكسان .......وغيرهم الكثير ) حتى إني عملت 6 جلسات كهرباء على المخ دون أي فائدة تذكر أو أي تحسن، لا أدري ماذا أفعل؟ أين أذهب؟ لمن أذهب؟
دعوت الله كثيرا، ولكن الله لا يجيبني لا يساعدني بأي شيء، ولو بالقليل يريد إن يتركني أتعذب هكذا لا أعلم لماذا ماذا فعلت من أجل كل ذلك تركت الصلاة، وتركت المذاكرة، ولا آكل ولا أشرب، لا أدري ماذا أفعل؟
أشعر بأنه ليس لي مكان في هذه الدنيا، أريد إن أتركها حتى أتخلص من هذا الشعور، فكرت كثيرا في الانتحار حتى أرتاح من ذلك أخبروني ماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنحن نقدر الألم الذي قد يوقعه الاكتئاب بالناس في بعض الأحيان، لكن الامتعاض الشديد واليأس والسأم يجب ألا يكون سمة من سمات المسلم أبدًا، فالاكتئاب يُهزم من خلال تقوية الإرادة وتحسينها، والثقة بالله تعالى أولاً، ثم أن تثق في نفسك وفي مقدراتك.
أرجو أن تعيد النظر في أفكارك هذه، أنت محتاج لجلسة صادقة مع نفسك، جلسة تُشَرِّح فيها ذاتك، وتبحث عن الجوانب الإيجابية حتى وإن كانت من وجهة نظرك معدومة، أو بسيطة جدًّا، فأنا أؤكد لك أنها موجودة.
الاكتئاب النفسي يمكن أن يعالج، والاكتئاب النفسي يمكن أن يُهزم، ويجب أن يُهزم، العلاج ليس من الضروري أن يكون علاجًا دوائيًا فقط، العلاج يتطلب أولاً: إرادة التحسن، وإرادة التحسن يعني أن يفهم الإنسان أن الله تعالى قد كرمه، وأن الله قد أعطانا عقلاً ووجدانًا، يمكننا أن نبدل ما هو سلبي إلى ما هو إيجابي، ويمكن أن نغيّر من سلوكياتنا السالبة إلى سلوكيات إيجابية أفضل، وهذا جربه كثير من الناس، بل هذا هو المنهج الذي انتهجه الكثير من الذين قبض عليهم الاكتئاب لدرجة اليأس والسوداوية التامة، وبعد ذلك تحسنت أحوالهم وزالت همومهم وفُرجتْ كربهم بفضل الله تعالى.
الاكتئاب النفسي - أيها الفاضل الكريم – يتطلب أن يكون الإنسان مصرًّا على التغيير، أن يكون الإنسان مُصرًّا على التحسن، الاكتئاب النفسي - أيها الفاضل الكريم – يتطلب أن نعامله من خلال تغيير أفكارنا، وبناء أفكار جديدة أكثر إيجابية.
الذي أقوله لك ربما يكون بسيطًا في محتواه، لكنه هو العلاج وهو الوسيلة الصحيحة؛ حيث إن معظم علماء النفس الآن يتفقون أن مشكلة الاكتئاب ليس في المزاج، إنما الأفكار، فأنت مثلاً - أيها الفاضل الكريم – لديك هذه الأفكار السلبية جدًّا، مثلاً حين ذكرت أن الله تعالى قد تخلى عنك وأنك تريد أن تترك هذه الدنيا، هذه أفكار إذا لم تتخلص منها وتحقرها سيظل الاكتئاب معك.
الدنيا أرحب وأوسع وأجمل من هذا، ورحمة الله تعالى لا سقف لها أبدًا، نعم الطب فيه محدودية، لكن رحمة الله لا محدودية لها.
أنت تحتاج للمتابعة مع طبيب تثق فيه؛ لأن الجلسات التدعيمية مهمة جدًّا لحالتك، ويمكن أن تجد تدعيمًا علاجيًا فاعلاً من الأصدقاء، خاصة الصالحين منهم، إمام مسجدك، معلمك، والديك، وكل من تثق به يمكن أن يقدم لك دعمًا نفسيًا فاعلاً، فقدم نفسك لهؤلاء، لا تعش وحدك مع ظلمات الاكتئاب.
بالنسبة لذهابك إلى الطبيب: أنا أرى أنه ذو أهمية كبيرة؛ لأنه من المفترض أن يعاد النظر في تشخيص حالتك، لماذا لم تستفد من كل هذه الأدوية الفعالة؟ هذا سؤال يطرح نفسه الآن بشدة، في كل المؤتمرات العلمية التي نذهب إليها من لا يستجيب العلاج يجب أن يُعاد النظر في تشخيصه؛ لأن كثيرًا من الذين يُشَخَّصون كاكتئاب نفسي كانوا في الأصل يعانون من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، وهذا علاجه يختلف تمامًا، حيث إن الذين يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية قد تضطرب أحوالهم أكثر وتتدهور عندما يتناولون الأدوية المضادة للاكتئاب وحدها؛ لأن خط العلاج الأساسي في حالتهم هو الأدوية المثبتة للمزاج مثل عقار (ليثيوم) مثل (السوركويل) مثل عقار (دباكين) مثل عقار (لامكتال).
فأنت (حقيقة) محتاج لأن يعاد النظر في تشخيصك، وهذا الكلام الذي ذكرته لك يجب أن يكون بشارة بالنسبة لك؛ لأنني أشعر تمامًا أن اكتئابك ليس اكتئابًا آحادي القطب، لذا لم تستجب لكل الأدوية الفاعلة التي قد تناولتها.
فيا أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تذهب إلى الطبيب، وتطرح عليه ما ذكرناه لك، وأنا على ثقة تامة أن أمورك سوف تتحسن، وأبشرك أن العلم يسير بخطىً متسارعة نحو اكتشاف وسائل علاجية أفضل، هنالك الآن نوع من الاستشعار الدماغي الذي يعالج الاكتئاب، هذا بخلاف العلاج الكهربائي، لا، هذا أفضل، هناك أدوية بسيطة مثل عقار (الكتامين) يمكن أن يُعطى بجرعة واحدة أو جرعتين في الأسبوع، يزيل الاكتئاب.
إذن هنالك وسائل كثيرة وكثيرة جدا؛ لأن يزول ما بك، أرجو أن تدخل من بوابة الأمل والرجاء هذه، وأنا أؤكد لك أنك سوف تجد خيرًا عظيمًا أمامك، أنا لا أبعث لك كلمات من أجل أن أطمئنك، الذي أقوله لك هو عين الحق، والمسلم يجب أن يتناصح مع أخيه المسلم، فأرجو أن تذهب إلى الطبيب، وأرجو أن تتواصل معي، فأنا على أتم الاستعداد لأن أقدم كل ما أستطيع، لأني أريد أن أراك أسعد مما أنت عليه الآن، وهذا ممكن وممكن جدّا بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
مصاب باضطراب ثنائي القطب ومؤخرا ظهر علي مرض جديد! | 907 | الاثنين 10-08-2020 03:53 صـ |
أعاني من حالة قلق واكتئاب وأخشى على مستقبلي مما أنا فيه. | 1970 | الخميس 09-07-2020 06:31 صـ |
أشكو من النسيان والسهو في صلاتي وأمور أخرى. | 1577 | الخميس 09-07-2020 05:53 صـ |
تعبت من كثرة الأدوية النفسية فماذا أفعل؟ | 1764 | الثلاثاء 30-06-2020 05:20 صـ |
أضحك بدون سبب وأتحدث مع نفسي، فهل السبب الاكتئاب؟ | 2347 | الأحد 31-05-2020 02:57 صـ |