أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف نربي الطفل على الدفاع عن نفسه؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم

أود أن أشكر موقعكم الرائع الذي ساعد الكثير.

المشكلة باختصار، لدي ابن أخ عمره سنتان، لديه سرعة الانتباه وذكي، والداه لا يستخدمان معه أسلوب الضرب، وهذا شيء جيد، والدته قليلاً ما تخرج من المنزل، وربما هذا أحد أسباب مشكلته، لكنه يخرج بشكل أسبوعي إلى المنتزهات أو إلى بيت جده منزل أهل والدته، في منطقة بعيدة، ولهذا لا يذهب كثيراً، ولكنه حين يذهب يلعب ويفرح مع الأطفال، ولا يتعرض للضرب منهم، ولا يضربهم، طبيعتهم هكذا لا يتشاجرون، فقط يستمرون باللعب.

ربما كل هذه العوامل ساهمت في أنه لا يدافع عن نفسه، ففي بيت أحد أقربائه تعرض للضرب من طفل في مثل سنه، ووقف مذهولاً صامتاً مندهشاً، فكأنه يرى الضرب لأول مرة في حياته، وحتى عندما يحاول أحدهم أخذ شيء من عنده بالقوة لا يحاول منعه، وفي نفس الليلة التي تعرض فيها للضرب من الطفل تقيأ، وشككنا أنه من خوفه، وكان يرجف بعد التقيؤ، وعندما عاد للمنزل تقريباً رجع إلى طبيعته، وقام باللعب.

سؤالي هو: كيف نعلمه أن يدافع عن نفسه، وأن لا يكون فريسة لأحد؟

والسلام خير الختام.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رويدا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بكم ونشكر لكم هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يعيننا على الإجابة، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

قد أحسنت هذه الأسرة التي لا تستخدم الضرب كوسيلة في تربيتها لأبنائها، فإن الضرب لا يُخرّج قادة ولا يُخرج رجالاً، والضرب لم يكن هديًا للنبي - صلى الله عليه وسلم – الذي ربّى أمة فيها الكبير وفيها الصغير، فيها الرجل وفيها المرأة، ومع ذلك ما ضرب بيده رجلاً ولا امرأة ولا طفلاً ولا خادمًا، - عليه صلاة الله وسلامه – وظهر من هذا أن الكمال هو عدم الضرب وعدم استخدام هذه الوسيلة.

كذلك أعجبني وأسعدني هذا الهدوء لهذا الطفل، ونتمنى أن تُتاح له فرص أكثر في الاختلاط مع الأطفال الآخرين، الذين ينبغي أن نراقبهم ونحجزهم عن بعضهم، ونوقف المخطئ عند حده برفق ولطف، ونفرق بينهم، ومن خلال اللعب سيتعلم الدفاع عن نفسه، ولذلك لا مانع في مناسبات أخرى أن نبين له أن الإنسان لا يمد يده إلى ممتلكات الآخرين، ولا يعطي الآخرين ممتلكاته إلا عن طيب نفس منه.

ليس هناك داعٍ للانزعاج من هذه المسألة، ولا بد أن نعلم أن مسألة الدفاع عن الأطفال يتعلمونها من خلال اللعب، ومن خلال ما يحصل بينهم من مشاجرات ومن مشاحنات، وهذا الطفل بحاجة إلى أن يكون إلى جوار مجموعات من الأطفال دائمًا حتى يتعلم منهم كثيرًا من هذه الأشياء، وإذا ضُرب الطفل من طفل آخر فإنا عند ذلك ينبغي أن نعلمه أولاً أن يدافع عن نفسه، ونعلمه ثانيًا أن المسلم منظم ولا يأخذ حقه بيده، وإنما يرفض الضرب ويرفض العدوان عليه ويحاول دائمًا أن يتواصل مع كبار السن، - إن كان في المدرسة أو في روضة – حتى نبين له أن الإنسان يأخذ حقه لكن بالأسلوب الصحيح.

إذا كان هذا العدوان خفيفًاً وأراد أن يعفوَ ويصفح فهذا الأمر له، لكن إذا تكرر عليه العدوان نبين له هذه الأمور بمنتهى البساطة، والمهم هو عدم الانزعاج مما حصل، وعدم تهويل هذا الذي حدث، لأن هذا الذي حصل معلوم أن التقيؤ وهذه المسائل تصحبها رعشة وخوف وهذه الأمور، فلا تقفوا معه إلا إذا ظهر لكم أنه منزعج من ذلك الذي حصل، دائمًا الطفل الذي عندما يتكلم عن الأشياء التي تضايقه ويتكلم عن مشاعره وأحاسيسه ويقول (لماذا ضربوني؟) هذا يعطي فرصة كبيرة للمربين، وهو الأفيد بالنسبة للطفل أن يعبر عن مشاعره، وأن يعبر عن المواجهات أو الصعوبات التي تواجهه.

على كل حال فإن هذه التربية تربية نموذجية، فقط نحن نحتاج إلى أن يختلط مع الآخرين، وعند ذلك نراقب سلوكيات هؤلاء الصغار، فإذا تشاجروا تركناهم يتشاجرون؛ لأن الشجار مفيد، ومن خلال الشجار يتعلم الطفل الدفاع عن نفسه، ومعرفة حقوقه، ومعرفة حقوق الملكية، ومعرفة الروح الرياضية، ونتدخل عندما يتجاوز هذا العدوان حده، فنرد المعتدي، ونحاول أن نوقفه عند حده بطلف ورفق، ونبين له أن الطفل يُحب إخوانه ولا يُحب أذيتهم، بهذه الطريقة وبهذا التوازن نستطيع - إن شاء الله تعالى – أن نربيه على مشاعر الدفاع عن النفس ومشاعر عدم العدوان على الآخرين، ومشاعر العفو والصفح.

هذه المشاعر جميعًا لا بد أن نربي عليها الأبناء، وأعتقد أن عدم ربطها بالمناسبات مطلوب، يعني لا نقول (مثل ما ضرب اذهب اضربه الآن، مثل ما اعتدى عليك اعتد عليه) نحن نقول (الاعتداء غلط، والمسلم لا يعتدي، والطفل الذي يعتدي هو المخطئ) ونحاول أن نجعل المخطئ يعتذر، وفي يوم آخر نبين له أن الإنسان ينبغي أن يدافع عن نفسه، ولا يكن هيّنًا، لا يكن ليِّنًا فيُعصر، ولا يكن يابسًا فيُكسر، وإنما يتعامل بمستوى راقٍ وبتعامل جيد، ويكون عنده شيء من الحزم إذا تجاوز أحد حدوده معه.

نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ضعف الشخصية عند الأبناء كيف أعالجه؟ 1131 الاثنين 29-06-2020 12:45 صـ
أريد حلا لعصبيتي التي تهدد حياتي وأعصابي. 3126 الأربعاء 12-02-2020 12:52 صـ
طفلي لديه سلوك غير سوي، فكيف أتصرف حيال ذلك؟ 4354 الخميس 24-10-2019 03:34 صـ
كيف أربي أولادي التربية السوية والمفيدة؟ 2837 الاثنين 08-04-2019 05:16 صـ
ما هي الكتب التربوية التي تفيد الطفل وتؤثر عليه؟ 2777 الأربعاء 27-02-2019 04:42 صـ