أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أتعامل مع العالم المادي الذي طغى حتى على حق الجيرة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم

اغتربت عن بلدي لبلد عربي مجاور، وسكنت في شقة في عمارة كبيرة تضم عوائل من جميع البلدان العربية، لكن عاداتهم تختلف عن عاداتنا في التعرف على الجيران ورعاية حقوق الجار، بحيث لا زيارات؛ ويكتفون بالسلام إذا قابلتهم في المصعد أو الدرج، وعندما أستلطفهم وأتحدث معهم يستغربون!

أحسست بأن العلاقات بين الجيران جامدة لا تتعدى السلام والتبسم وإلى اللقاء، لزمت داري وامتنعت عن تكرار محاولات التعرف بهم أو التودد إليهم، لأني أحسست منهم أني متطفلة أريد أن أدخل معهم بالقوة، وأشعر بالحزن عندما أتذكر قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).

أرجو إفادتي بكيفية التعامل مع هذا العالم المادي، الذي أصبحنا نخلو فيه من كل قيمنا الإسلامية وعاداتنا العربية، وتمسكنا بقيم الغرب الجامدة.

وبارك الله جهودكم.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ azal saleh حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بالطبيبة في موقعها، ونشكر لها الاهتمام بهذا الجانب الاجتماعي، وبرعاية حقوق الجار.

الحقيقة الإسلام عندما جعل هذه الحقوق –حقوق الأخوة والجوار، وحق الرحم وغيرها– إنما يضع قاعدة البناء وقاعدة الإصلاح، فإنا لا نستطيع أن ننصح الجار أو ننصح القريب، ولا نستطيع أن ننصح الصديق إلا إذا كانت بيننا أرضية مشتركة، والبناء الاجتماعي من أهم ما اهتم به الإسلام، ولذلك أول ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم– بعد هجرته إلى المدينة كانت المؤاخاة بين المهاجرين، ثم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ثم حصل الاهتمام الكبير بالجوار، وبدأ النبي -صلى الله عليه وسلم– تطبيق هذا المعنى بنفسه، فكان يهتم بجيرانه، والإسلام جعل لجارٍ حقا واحدا، وهو الجار غير المسلم وهو حق الجيرة، وجار له حقان وهو حق الإسلام وحق الجيرة، وجار له ثلاثة حقوق، وهو حق الإسلام والجيرة وحق القرابة.

فالإسلام اهتم بهذه المسألة غاية الاهتمام، والحديث الذي ذكر في السؤال (ما زال جبريل يوصيني بالجار) دليل على الاهتمام العظيم جدًّا بأمر الجار، ومهما ابتعد الناس فإن دورنا هو أن ننصح ونوجه ونبيّن ونتعاون، وأن نتعامل مع الجيران حتى نُجلي لهم ونوضح لهم هذه الحقائق الشرعية، وبالاستمرار وتكرار المحاولة سيجد الإنسان من يستجيب وإن كان بمقدار يسير، ولذلك أرجو ألا تتوقفي، فلا يُعد متطفلاً مَن دعا إلى خير، فأنت لا تريدين منهم شيئًا، وإنما تريدين أن تتعرفي إليهم وتتواصلي معهم، واعلمي أن لكل أسرة نمط من التواصل.

صحيح أن الحياة المادية شغلتنا كثيرًا، لكن إذا تدبر الإنسان فإنه سيلاحظ أن ثمة أنماطاً من التواصل، لكن ليس من الضرورة أن يكون منها الدخول في البيوت، ومنها –مثلاً- الالتقاء في مواطن عامة، والالتقاء في المصلى في بعض المناسبات، أو الجلسات التي تكون في حديقة من الحدائق، مع أننا نتحفظ على ما يحصل من تجاوزات، إلا أن هناك أنماطاً جديدة لهذا التواصل بدأت تظهر، ونحن بحاجة فعلاً إلى أن نتعرف على أحوال الجيران وأحوال بعضنا، لأن في هذا مصلحة للجميع، وحماية لأمن الجميع، والإنسان ضعيف بنفسه لكنه قوي بإخوانه، والواحد منا إذا خرج إلى وظيفته مَنْ لأطفاله؟ مَن لزوجته إذا تعرضوا لشيء؟ إذا لم يكن هناك جيران، إذا لم يكن هناك من يقف معهم عند الملمَّات وعند الصعاب.

ولذلك أرجو أن تستمري في هذا البرنامج، وتجتهدي في التعرف عليهم وعلى وظائفهم وجنسياتهم وطبائعهم، لأن هذا سيسهل عليك المهمة.

ونسأل الله أن يلهمك السداد، وأن يُكثِّر من أمثالك، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...