أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أتفهم معاناتك -أيتها الابنة العزيزة-، ما تعانين منه يعتبر حالة من الوسواس القهري قد تصيب أي جانب من جوانب حياة الإنسان، فإن كانت الحالة شديدة بحيث بدأت تؤثر على حياتك بشكل سلبي كبير وواضح، فتجلب لك المشاكل مثلاً، أو بدأت بالتأثير على تحصيلك العلمي، أو على علاقاتك بالآخرين فهنا يصبح من الضروري جداً أن تتناولي علاجاً دوائياً، وفي مثل هذه الحالة فإني أنصحك بمراجعة طبيبة أو طبيب نفسي لاختيار نوع الدواء الأنسب لجسمك وعمرك، ولتحديد الجرعة الملائمة، وهنالك الكثير من الأدوية الفعالة -إن شاء الله- والتي يتم تناولها لفترة مؤقتة فقط فتؤدي إلى تحسين الحالة أو حتى الشفاء التام منها -إن شاء الله تعالى- إن كانت هذه الوساوس لا تؤثر سلباُ على مسار حياتك وتحصيلك، فهنا يمكن بالعلاج السلوكي فقط السيطرة عليها.

والمبدأ هو: أن تتعرفي بدقة على الظرف الذي يثير وساوسك أو يغذيها، وتعملي على تغيير هذا الظرف بأي طريقة ممكنة، فلعلك مثلاً تلاحظين بأن هذه الوساوس تكثر عندك عندما تكونين وحيدة، أو بعد تعرضك لمشكلة أو لموقف ما أو أي ظرف آخر، فهنا تكون الوساوس عندك كوسيلة دفاع نفسية أو كرد فعل غير إرادي على هذه الظروف الصعبة، أو المواقف التي لم تستطيعي التعامل معها في حينها، وللتخلص منها عليك بالتعامل مع هذه الظروف أو المواقف بشكل مباشر وصريح.

أما إن كانت الوساوس تأتي في ظروف غير محددة، وهي دائمة الحدوث وبشكل مستمر، فإن الحل يكمن في أن تتحايلي على نفسك، مثلاً حاولي قدر الإمكان أن يكون توقيت دخول الخلاء مباشرة قبل عمل أمر محبب أو هام جداً لك، بحيث يتوجب عليك عمله بسرعة، فبهذا سيكون ذهنك مشغولاً بهذا العمل الهام حتى وأنت في الخلاء، فتسرعين لمغادرة الحمام للقيام بهذا العمل فور الانتهاء.

كما عليك اتباع مبدأ مكافأة النفس بحيث تكافئين نفسك بشيء تحبينه كثيراً، وذلك في كل مرة تنجحين فيها في السيطرة على نفسك.

في الوقت نفسه أنصحك بوضع جدول خاص، وفي كل مرة تنجحين فيها بالسيطرة على نفسك ومنع هذه الوساوس قومي بوضع إشارة (صح)، فعندما تتكرر هذه الإشارة لبضع مرات ستتشكل سلسلة من (إشارة الصح) أمامك، وضعي منها نسخة في المكان الذي تنتابك فيه الوساوس، وانظري إليها عندما تراودك هذه الوساوس فستكون دافعاً قوياً وحافزاً لك للاستمرار، وإكمال هذه السلسلة وعدم قطعها، وفي كل مرة تنظرين إليها وتجدينها قد طالت ولم تنقطع ستشعرين كم أنت قوية، وكيف أنك استطعت السيطرة على نفسك، فتزداد ثقتك بنفسك وتتضاعف عزيمتك للمضي قدماً في هذا الطريق.

بهذه الطرق البسيطة، أي ربط الحدث بأمر هام بعده، ومكافأة النفس، ووضع جدول للمتابعة ستنجحين -إن شاء الله- في السيطرة على الحالة إن كانت خفيفة أو متوسطة، لكن في حال كانت شديدة فكما سبق وذكرت سيلزمك تناول الأدوية تحت الإشراف الطبي.

أسأل الله العلي القدير أن يمن عليك بثوب الصحة والعافية دائماً.