أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كنت أنصح أصدقائي بالبعد عن الفتن والآن أريد من ينصحني!!

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم.

فضيلة الشيخ: أنا شاب مغربي، عمري 24 سنة، وطالب جامعي، لدي مشكل أرق حياتي، حتى أصبحت أبكي أحيانا، كنت من المتفوقين بالصف، فأصبح مستواي أسوأ، ما عدت أستيقظ لصلاة الصبح؛ بسبب أني تعلقت بفتاة تدرس معي، وكنت أتحدث معها عبر الرسائل والفايسبوك لمدة سنة، وذات يوم أخبرتها بنيتي بالزواج منها حالما أتمم مشواري الدراسي، وبعد ذلك ما عدت أتكلم معها، وبالمقابل أصبحت أغار عليها؛ لأنها كانت جميلة، إلا أن خلقها ليس بالجيد، ومنذ حوالي أسبوعين أخبرتني بأنني لا أعجبها منذ البداية وأنني غامض، فأصبت بصدمة قوية، وكانت ثاني مرة لم أنم فيها بعد وفاة والدتي رحمها الله، ولحد الآن ما زال يؤنبني ضميري؛ لأنني أعلم بأن ما فعلته كان حراما، وأنا من كنت أنصح أصدقائي الذين كانوا يقعون في مثل هذه الحالة. أشعر بأني منافق، كلما أرى تلك الفتاة بالقسم وهي تضحك أشعر تارة بالحقد على نفسي، وتارة أخرى بالندم الشديد؛ لأنني كم من مرة حاولت أن أخبرها بأن لا تراسلني وأن تبتعد عني، إلا أنه كان ينتابني خوف من المستقبل، حيث تخبرني نفسي بأنني لن أجد أفضل من هذه الفتاة، فحتى لو فكرت في الزواج فأنا لست مستعدا، مع العلم أنني حاولت مراسلتكم أكثر من مرة لكن لم أوفق، أرجو إجابتي، فقد مللت نفسي كثيراً، ولا أعرف ماذا أفعل!؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طالب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نعتذر لك أولاً عن عجزك عن التواصل للازدحام على إخوانك وأحبابك في الموقع، ونحن -حقيقة- سعداء بأمثالك من الشباب الحريصين، نسأل الله أن يزيدك حرصًا وثباتًا، وأن يزيل عنك الغموم والهموم، ونبيّن لك أن مفتاح العلاج في حالتك هي العودة إلى الله تبارك وتعالى، وعمارة هذا القلب الغالي جدًّا عند الله بتوحيده وبمراقبته، واستخدام هذا اللسان وعمارته في ذكر ربنا وفي شكره سبحانه وتعالى، فإن الطمأنينة لا تنال إلا بطاعة الله {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

فالطمأنينة وسيلتها الذكر، ومكانها قلب هذا الإنسان الذي ينبغي أن يعمر بحب الله تبارك وتعالى، ولا يخفى عليك – وقد أشرت إلى هذا – إلى أن العلاقة لم تكن صحيحة، فالصواب إذن في التوقف، واحمد الله أن هذا الرفض وهذا الموقف كان سببًا في أن تُوقف العلاقة، فلا تلتفت لتلك الفتاة، وأنت لم تسعد معها، لأنك غيور ولله الحمد، ولأنها هي متوسعة، وهي تضاحك الشباب، وكل هذا مصدر إزعاج لك، فهي لا تصلح لك، فتذكر عيوبها، واجتهد في أن تبتعد عنها، وأشغل نفسك بدراستك وبطاعة ربك تبارك وتعالى، واعلم أن الجمال وحده لا يكفي، فربما كان الجمال سببًا للبلاء، كما أن المال وحده لا يكفي فربما يكون سببًا للغرور، كما أن الحسب والنسب كذلك، ولكنّ النبي - صلى الله عليه وسلم – أمرنا أن نقدم الدين (فاظفر الدين تربت يداك) وليس معنى هذا أن الدين يرفض الجمال، لكن الإنسان سيجد متدينة وجميلة وحسيبة ونسيبة.

ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا *** وأقبح الكفر والإفلاس بالرجلِ

إلا أن التوجيه الشرعي هو أن نقدم الدين، وأن نقدم الأخلاق، وأن نقدم الأمانة؛ هذه هي المعاني التي نقدمها، فإن وجد الدين فبعد ذلك أي خلل يمكن أن يصلح بالدين، ولكن إذا غاب الدين فكيف يصلح الخلل؟ كيف يُشفى المريض من مرضه وهو لا يجد الدواء، وهو محروم من الدواء؟

وكل عيب فإن الدين يجبره***وما لكسر قناة الدين جُبرانُ

واجتهد في غض بصرك، وفي البعد عن مواطن النساء، فإن مثل هذه الأشياء لا تجلب سوى الآهات والشقاء والتعاسة.

فإنك متى أرسلت طرفك رائدًا *** لقلبك يوماً أتعبتك المناظرُ
رأيت الذي لا كله أنت قادرٌ *** عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ

ونحن بالنسبة للغيورين أمثالك لا ننصحهم بالزواج حتى من الزميلات، لأنه بعد ذلك يتذكر أنها ربما ضاحكت زميله، وأنها شربت القهوة مع الزميل الثاني، وأنها خرجت مع الزميل الثالث، لذلك تنتابه مشاعر الغيرة، والغيرة علامة جيدة ومؤشر طيب، لأن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله تبارك وتعالى، والغيرة هي أن يكره الإنسان مزاحمة من الآخرين في خصوصياته، ولذلك هي معنى جميل، معنى مطلوب من الناحية الشرعية.

فاصرف نظرك عن هذه الفتاة، وأقبل على دراستك، وتشاغل عن أماكن وجودها، وتجنب وجود النساء، ونحن نوقن أننا بُلينا بهذا الاختلاط، ولكن الذي يريد أن يبتعد يجد أيضًا من الصالحين، ويجد أيضًا من يؤنس وحشته من الصالحين، فإذا أراد أن يتزوج فسيجد من الصالحات أيضًا مَن تُغنيه بجمالها، وقبل ذلك بجمالها الفعلي الداخلي، وهو جميل الأخلاق والدين، فإن جمال الجسد عمره محدود، لكنّ جمال الروح وجمال الأخلاق بلا حدود.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تعط الموضوع أكبر من حجمه، واعلم أن الشيطان يريد أن يذكرك بذلك الماضي ليُحزنك، ومن أجل أن يرديك، فإذا ذكرك الشيطان بالفتاة وذكرياتها فتعوذ بالله من الشيطان، واستغفر، وجدد التوبة، عندها سيحزن العدو ويندم، ثم إذا صليت لله فسيبكي عند ذلك هذا العدو، الذي أمرنا الله أن نتخذه عدوًّا {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًّا} ولستَ أول من يخطب فتاة ويتركها، أو يميل إلى فتاة ثم يبتعد عنها، ولكن الإنسان ينبغي ألا يجري وراء السراب، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وستجد من الصالحات من هنَّ أجمل وأكمل وأبعد عن الريبة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...