أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : نزواتي تراودني وتعيقني عن دراستي.. ما توجيهكم؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

بسم الله الرحمن الرحيم
تحية عطرة لكل من يساهم في نشر الوعي والثبات بين صفوف أمتنا العربية.

لا أعرف من أين سأبدأ مشكلتي التي تزعجني وتضايقني، في الأسابيع الماضية أحسست أني ابتعدت عن الله عز وجل، وأصبحت أنجر وراء نزواتي التي لا حدود لها، أصبحت لا أغض من بصري، وأقنع نفسي أني يجب أن أعيش قصة حب قبل الزواج، وإلا لن أتزوج في المستقبل، وكلما رأيت شابا وسيما أعجب به.

للعلم أنا طالبة سنة أولى كلية هندسة، طموحي منذ صغري أن أكون مهندسة، أخشى أن تبعدني نزواتي عن هدفي.

أصبحت لا أخشع في صلاتي، وعندما أبدأ المذاكرة تأتيني أفكار تشتت تركيزي، وتبعدني عن جو الدراسة, فعلا إني حائرة!

أريد أن أقوي علاقتي بالله سبحانه وتعالى الذي لم يحرمني من شيء، رزقني بوالدين رائعين وبمستوى دراسي جيد.

أرجوكم ساعدوني، جزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الثبات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بابنتنا التي منّ الله عليها بالتفوق، وبالوالدين الرائعين والخيرات في موقعها، ونسأل الله لها الثبات والسداد، ونذكرها بأن نعمة الله تُقيد بالشكر، فالشكر هو الذي يُقيد النعم، وهو الحافظ للنعم، وبالشكر تنال المزيد من الله الكريم، وبالشكر تنال النعم، {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.

فاحمدي الله على ما أولاك من النعم وعلى ما هيأ لك من سبل التوفيق، واجعلي شكرك لله عملاً بطاعته، {اعملوا آل داود شُكرًا وقليل من عباديَ الشكور} واعلمي أن صاحب النعمة إذا تمادى في العصيان تُسلب منه النعمة، ويُسلب منه الاستقرار والخير، قالت أُمنا عائشة – رضي الله عنها وأرضاها - : (إن أول ما يجب على مَن أنعم الله عليه بنعمة ألا يستخدم نعمة الله في معاصيه) ومن النعم الكبرى علينا نعمة البصر، فالإنسان إذا استخدم هذه النعمة فيما يُغضب الله جلب لنفسه المتاعب، قال ابن القيم – رحمة الله عليه – وكان دائمًا يُردد

فإنك متى ما أرسلت طرفك رائدًا**** لقلبك أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت عليه قادرٌ**** ولا عن بعضه أنت صابرٌ.

والقرآن قد أوصى بغض البصر، والمتأمل في الآيات يجد أن القرآن أوصى المرأة بغض البصر مرتين، لأن الآية الأولى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} وهذا للنساء وللرجال، هذه نتائج طبيعية، ثم قال: {ذلك أزكى لهم} أطهر لنفوسهم وأكثر اطمئنانًا وراحة وسعادة واستقرارًا وثباتًا، ثم هدد المقصرين فقال: {إن الله خبيرٌ بما يصنعون، ثم أعاد التوجيه المخصص للمؤمنات: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظن فروجهنَّ}.

وما من إنسان أطلق لبصره العنان إلا وجاءه هذا التشتت، وهذا الضياع.

شكوتُ إلى وكيع سوء حفظي**** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال: اعلم بأن العلم نور **** ونور الله لا يُعطى لعاصي

فأنت (بنيتي) أدركت مصدر الخطر، وأشرت إلى السبب الحقيقي ووضعت يدك عنده، فتجنبي النظر للشباب، وابتعدي عن مواطن الرجال، واتقي مَن لا يغفل ولا ينام، سبحانه وتعالى، واعلمي أن نظر الله إليك أسرع من نظرك للشاب، ونؤكد لك أن هذا وهم، وأن من تعيش قصة حب حتى لو عاشتها مع من ستتزوج به فإن هذا خصم على سعادتهم، خصم على راحتهم، خصم على نجاحهم ودراستهم؛ لأن هذه معصية لله تبارك وتعالى، فالإسلام لا يعترف إلا بالحب الحلال، والحب الحلال هو الذي يبدأ بالرباط الشرعي، ويزداد بالتعاون على البر والتقوى ثباتًا ورسوخًا وخيرًا.

فلذلك توجهي إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يُمهل ولا يُهمل، وأنه يستر على الإنسان العاصي، ويستر عليه، فإذا تمادى واستمر ولبس للمعصية لبوسها، وبارز الله بالعصيان هتكه وفضحه وخذله، فنحذرك من غضب الله تبارك وتعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}، وندعوك إلى أن تعودي إلى الله، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، ونشكر لك هذا التواصل، ونشكر لك هذا الشعور المبكر بأثر المعصية، وأرجو أن يكون في هذا دافع لك من أجل أن تعودي وتتوبي إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن ما قدّره الله لك سيأتيك، فلا تفكري في مثل هذه العلاقات، واعلمي أن الإسلام أراد لفتاته الفاضلة من أمثالك أن تكون مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، وسيأتيك الرزق الذي قدره الله، والرجال ليسوا بالمظاهر ولا بالمناظر ولا بالكلمات التي تخرج من أفواههم، وفي الشباب ذئاب، وطبع الحَمَل أن يخشى الذئاب، واعلمي أن الفتاة كالثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، تظهر عليه أقل الأوساخ، فحافظي على طاعتك لربك، وحافظي على ثقة أهلك فيك، واعلمي أن الفتاة تزداد ثقة حتى في الشباب ببعدها عنهم، عندما تلوذ بإيمانها وبحجابها، وتلوذ بعفتها بعد إيمانها بالله تبارك وتعالى.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...