أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : ما علاج الهلع الشديد المصاحب للقنوط من رحمة الله؟

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

عمري 19 عاما, ووزني 72 كيلو, والأمراض التي أعاني منها -غير الهلع والوساوس- هي:

1- الصرع, فأنا أعاني منه منذ 11 سنة, لكنه يستقر ثلاث سنوات أو أكثر ثم يعود حسب الانتظام على الدواء.

2 - مرض الكرونز: وهو مستقر - بإذن الله -.

أعاني منذ أربعة أشهر تقريبًا -حسب ما أذكر- من هلع مفاجئ, تبعه اختلال الآنية, ووسوسة بالنظافة نتيجة فكرة تعجبية, وهي أني كنت أقرأ كتابًا عن الثقة بالنفس, وكانت هناك تقنية في الكتاب, وهي أن الإنسان إذا أراد الثقة بنفسه فيجب أن يضع في ذهنه أنه واثق من نفسه, وأنه شجاع - أن يتصنع في مخيلته؛ لكي يصبح الأمر حقيقة -, ثم أتتني فكرة وسواسية بأني أصبحت شجاعًا بسرعة من فكرة, ونظرتي لنفسي تغيرت بهذه البساطة, فحدثت نفسي وقلت: " لا, فمن المؤكد أن هذا وهم أو وسوسة" ثم أصبت بقلق, وزاد القلق, ثم شعرت بالانفصال عن الذات, ثم عن الواقع.

عندما نمت تلك الليلة استيقظت فجأة على شعور غريب مخيف, وقلق وانفصال عن الواقع, وتشتت ذهني, وشعرت أني إنسان آلي - أسمع الأصوات كأني مسجل صوت فقط, ولست إنسانًا -.

قبل أن أدخل في دوامة القلق والوسوسة والانفصال كانت هناك ضغوط سببت الفكرة التعجبية وتبعاتها؛ لأني قبل الفكرة التعجبية والهلع كنت أقضي أغلب وقتي على الإنترنت, وكنت في فراغ دائم؛ لأني لا أذهب إلى المدرسة إلا في وقت الاختبارات النهائية – منازل – بسبب الوضع, والضغوط التي هي: قلق أهلي من الشباب المتحرشين عند خروجهم من المنزل, وعندما أتابع أحداث سوريا أشعر دائمًا أني مذنب إذا رفّهت عن نفسي, والسوريون في همٍّ ومصائب.

ذهبت إلى الطبيب النفسي في الصباح دون علم أهلي - بالسر- ووصفت له الشعور بالانفصال والهلع والوساوس, وشخَّص حالتي أنها قلق نفسي, فوصف لي (باروكسات 30) حبة بعد الإفطار.

بعد استعمال أول حبة انتظرت المفعول 3 أو 5 دقائق بعدها شعرت براحة عجيبة, فذهب القلق, وعسر المزاج, ووسوسة النظافة, وشعرت بانشراح رائع, فذهبت للنوم وأنا مبتسم منشرح الصدر.

لكني - لحسن الحظ - استيقظت على مقدمات الصرع - ألا وهو الاكتئاب – مع ألم غريب خلف الرأس, وقلق, وزاد القلق والألم تدريجيًا, إلى أن دخلت في نوبة الصرع, ولم أدخل في إغماء ولم أسقط, فقد كنت في النوبة واقفًا أمسك رأسي وأصرخ, وشعرت وأنا في النوبة بهلع شديد وغريب, وشعور كأني في عقاب من الله, وأني في سكرات الموت.

دخلت في نوبة الصرع لأني استخدمت باروكسات وأهملت مضاد الصرع الذي استخدمه (تجريتول 200 CR) فتركت الباروكسات خوفًا من أن يدخلني في نوبة الصرع إلى أن ذهبت إلى الطبيب وطلبت منه أن يعطيني لوسترال؛ لأنه بطيء المفعول, وبذلك سيكون أكثر أمانًا على مرضى الصرع من مضادات الاكتئاب سريعة المفعول.

فوافق الطبيب ووصف لي (لوسترال 50 ملجرامًا) حبة ليلًا, واستخدمته لمدة شهر فظهر مفعوله بشكل بسيط جدًّا بعد 6 أو 7 أيام, ولكن فعاليته الكاملة بعلاج القلق ظهرت بعد شهر كامل, فذهب الهلع نهائيًا, وأعطاني جرأة, لكن الوسواس القهري بالنظافة لم يذهب بشكل كامل - قد تكون خفت حدته فقط -, فذهبت لموعدي مع الطبيب, فقلت له: إن الوسواس لم يذهب, فوصف لي (ridon 2m مضادًا للذهان) على أن أستخدمه مدعمًا للوسترال لمدة شهر, فخف الوسواس القهري بالنظافة تدريجيًا لدرجة كبيرة - والحمد لله - لكن عيب المدعم أنه يسبب نعاسًا شديدًا.

تحسنت حالتي يومًا من الأيام فجأة, واقتربت من الشعور بالواقع, وشعرت بالأمل والتفاؤل, لكني لم أتناول الريدون في أحد الأيام فانتكست حالتي, ورجعت شدة اختلال الآنية, فندمت على تركه.

لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك عليك - يا دكتورنا الفاضل - فبعد مرور الأيام وتعود جسمي على ترك اللوسترال والريدون؛ كنت أفكر كيف كنت أشعر بالهلع, فشعرت فجأة بالهلع مرتين, وفي المرة الثانية شعرت بهلع غريب حاد مصاحب لاكتئاب, وقنوط شديد من رحمة الله, وشعور بأنه عقاب من الله, وشعور بالهلاك, وأني سأذهب إلى الجحيم مهما فعلت لله.

والله لم أستطع الاستبصار بهذا الهلع كالهلع العادي؛ لأني أشعر بأني سأهلك, وأني سأذهب إلى جهنم - أنا لا أريد أن أتشاءم على نفسي بجهنم -أعوذ بالله- لكن هذا هو جو الهلع الأخير -.

لذلك أريد منك أن تحلل هذا الهلع الغريب, فلم أستطع معرفته أو تحليله, وأريد من شخصك الكريم أن تصف لي دواء آمنًا على مرضى الصرع يزيل الهلع, ويحسن المزاج.

جزاك الله خيرًا, وأدخلك الجنة.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ العابر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب, وثقتك فيه، وأقول لك: إن نوبة الهلع والخوف التي أتتك من النوبات التي أصبحت منتشرة، وفي حالتك لا بدَّ أن نربط هذه الحالة بمرض الصرع؛ حيث إنه يعرف تمامًا أن البؤر الصرعية إذا كانت في الفص الصدغي – وهو جزء مهم في الدماغ يتحكم في عواطف الإنسان وذاكرته – بأن كان منشأ البؤر الصرعية في هذا الجزء من المخ؛ فإن الإنسان يكون قابلًا لنوبات الوساوس والخوف والهلع, وفي بعض الأحيان الاكتئاب.

فأيها الفاضل الكريم: أعتقد أن هذا الربط هو الذي يمكن أن يفسّر حالتك، وهذه الحالات نعتبرها حالات بسيطة؛ لأن سببها معروف، ويعرف في الطب النفسي أنه إذا عُرف السبب وتمت إزالته فهذا في حد ذاته يعتبر علاجًا أساسيًا؛ لذا أريدك أن تكون ملتزمًا، بل ملتصقًا التصاقًا تامًا بعلاج الصرع، فلا تفرط فيه أبدًا، ولا تتهاون فيه أبدًا.

والتجراتول من الأدوية الممتازة الفاعلة جدًّا، والجرعة في مثل حالتك يمكن أن تكون حتى ثمانمائة مليجرام في اليوم, وأنا لا أقول لك: ارفع الجرعة مباشرة، لكني أعتقد أن جرعة المائتي مليجرام يوميًا غير كافية، فأقل جرعة مقبولة معقولة هي مائتا مليجرام صباحًا ومساءً، ولا شك أن طبيبك مدرك لهذا الأمر إدراكًا تامًا.

التجراتول يتميز أيضًا بأنه مثبت ومحسن للمزاج، ويزيل القلق والتوتر، فهو دواء مفيد جدًّا من هذه الناحية.

بقي أن أقول لك: إن اللسترال دواء ممتاز وفاعل وسليم جدًّا، وأنا أرى أن تكون الجرعة مائة مليجرام في اليوم - ما دمت تتناول التجراتول أربعمائة مليجرام في اليوم على الأقل - ومائة مليجرام – أي حبتين في اليوم من اللسترال – ليست جرعة كبيرة، وإنما هي جرعة وسطية ممتازة، ولن تُثير البؤر الصرعية - إن شاء الله تعالى – ما دمت تتناول التجراتول بجرعة كافية.

الاستمرار على اللسترال بهذه الجرعة – أي مائة مليجرام في اليوم – يجب ألا يقل عن أربعة أشهر، وبعد ذلك تنتظم على الجرعة الوقائية، وهي حبة واحدة في اليوم لمدة سنة على الأقل، ثم بعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين أو ثلاثة - وأنت سوف تظل – بالطبع - تحت ملاحظة طبيبك الذي يمكن أن يوجهك نحو الترتيبات الدوائية الصحيحة -.

عقار الرزبريادون - الذي يعرف باسم (ريدون) - إضافة ممتازة جدًّا من جانب الطبيب؛ لأن هذا الدواء بالرغم من أنه دواء مضاد للذهان إلا أن له خاصية في أنه يفعل من فعالية الأدوية المضادة للوساوس، وأبحاث كثيرة أشارت إلى ذلك، ويمكن أن تكون الجرعة واحد مليجرام - فلا بأس بذلك أبدًا - وواحد مليجرام ليلًا ربما تكون كافية، وإن وجدت أن الحالة غير مستقرة فهنا يمكن أن ترفع الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلًا، وهذا الدواء قد لا تحتاج أن تناوله مدة طويلة، لكن يجب التوقف عنه بالتدرج.

أنا ذكرت لك أن اللسترال دواء ممتاز، والبديل بالنسبة له هو عقار (سبرالكس) - الذي يعرف علميًا باسم (إستالوبرام) - فهو دواء متميز جدًّا في علاج نوبات الهلع والهرع، وفي ذات الوقت ليس له تفاعلات سلبية كثيرة مع عقار التجراتول؛ حيث إن عملية الاستقلاب والتمثيل الأيضي للدواءين تتم بصورة مختلفة.

لا أريدك الآن أن تنتقل للسبرالكس، وأنا أؤيد - لدرجة كبيرة - استمرارك على اللسترال بالجرعة التي ذكرتها لك، وسبب ذكري موضوعَ السبرالكس هو أن أطلعك أن الخيارات الأخرى كثيرة موجودة - وهذه رحمة عظيمة يجب أن نشكر الله تعالى عليها دائمًا -.

لدي نصيحة مهمة جدًّا لك، وهي أن تعيش حياتك بصورة طبيعية، فلا توجد إعاقة، ولا يوجد تعطيل، فلا تفكر عن نفسك سلبيًا، بل عِش الحياة بكل جمالياتها، وكن فعّالاً، وكن متميزًا في دراستك، واجعل لنفسك إخوة وخلة من الصالحين من الشباب، وكن بارًا بوالديك، ومارس الرياضة، وعليك بالترفيه عن نفسك بما هو جميل وطيب.

فلا يوجد شيء يعطل حياتك أبدًا ، بل على العكس تمامًا، فانخراطك في أنشطة متعددة مختلفة, وتغيير نمط الحياة بصورة إيجابية سوف يساعدك كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1600 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3902 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
القلق المزمن ونوبات الهلع، حلقة مفرغة في حياتي، ساعدوني. 2545 الأحد 09-08-2020 03:58 صـ
أشكو من أعراض نفسية وعضوية وتحاليلي سليمة. 1273 الاثنين 10-08-2020 01:16 صـ
ما سبب شعوري بعدم الثبات وأني عائم؟ 2257 الأحد 26-07-2020 04:44 صـ