أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hossam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يبارك فيك، وأن يُثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين، وأن يوفقك لتحقيق حلمك الذي تصبو إليه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فأول شيء أنصحك به هو قول الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فاعلم أن تغييرك لوضعك الذي أنت عليه سيترتب عليه تغيير الأقدار التي قدّرها الله تبارك وتعالى لك، فأنت الآن – كما ذكرت – وصلت إلى منتصف العام الدراسي, وانتهى النصف الأول من العام الدراسي، ولم تذاكر من بداية السنة إلى الآن، وهذا لا شك فيه تقصير كبير، فاسمح لي أن أقول لك – ولدي حسام – إنك أخطأت خطأً فادحًا، فأنت رجل تريد أن تدخل كلية من كليات القمة، ورغم ذلك ما أخذت للأمر استعداده، ولا بذلت الجهد المناسب لتحقيق هذه الغاية.

لقد حصلت في العام الثاني على اثنين وتسعين بالمائة, وتحتاج الآن إلى ثمانية وتسعين، وكان من المفترض عليك من أول العام أن تضع خطة قوية محكمة للوصول إلى هذا المجموع، ولكن مع الأسف الشديد بدلاً من ذلك أضعت الفرصة الذهبية، نصف العام الدراسي قد فات، ونحن أيضًا قد دخلنا في النصف الثاني، وما زلت تبكي على ليلى، ولذلك أقول لك:

أول شيء: لا بد أن تغير واقعك بلا أي نقاش، إذا أردت فعلاً أن تصل إلى ما تريد لا بد أولاً أن تُدخل على حياتك تعديلات جذرية، وأنا سوف أساعدك الآن في بعض المهارات التي تأخذ بيدك.

الأمر الأول - بارك الله فيك -: أن تنظم وقتك بدقة، فتُحدد ساعات النوم، وتُحدد ساعات الذهاب للمدرسة، وتُحدد ساعات الترويح عن النفس، كذلك تُحدد ساعات المذاكرة، وتجعل لساعات المذاكرة النصيب الأكبر بعد الصلاة مباشرة.

إذن أول شيء لا بد أن تفعله أن تُحدد أوقاتك بدقة، وأن تضع أمامك جدولاً يُحدد الساعات، فتنام سبع ساعات، ولا تنم ثماني ساعات، وروِّح ومارس بعض الألعاب التي تمارسها في أوقات مُحددة خلال ساعة يوميًا فقط أو ساعتين - كحد أقصى -، ثم إن الصلاة لا تحتاج منك إلا إلى ساعة، ثم بعد ذلك تتفرغ نهائيًا للمدرسة وترجع من المدرسة مُسرعًا، وتأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، وتنام القيلولة - ولتكن نصف ساعة أو ساعة كحد أقصى بعد عودتك من المدرسة - ثم بعد ذلك تبدأ المذاكرة، ثم تبدأ بعد صلاة العصر مباشرة، ولا تتوقف عن الدراسة إلا مع صلاة العشاء - وهذا الوقت لا تترك فيه أبدًا الكتاب أو المذاكرة إلا للصلاة فقط - ثم بعد ذلك تناول عشاءً خفيفًا، ونم مبكرًا، واستيقظ مع الفجر، ولتبدأ أيضًا بعد صلاة الفجر مباشرة لمدة ساعة أو ساعتين في مراجعة المواد الجديدة التي سوف تدرسها في الصف.

إذن لا بد لك من تحديد الوقت بدقة، ولا تسمح لأحد أن يعتدي عليه مطلقًا، واشرح ذلك لأسرتك حتى لا يطلبوا منك شيئًا خلال هذه الفترة, فهذا أول شيء: (تنظيم الوقت).

الأمر الثاني: اجعل المذاكرة عادة، بمعنى: لا تجعلها حسب الرغبة، وإنما اجعلها عادة، واجلس على المكتب للمذاكرة؛ حتى وإن كانت ليست لك رغبة، فلا بد من ذلك إذا أردت أن تتميز.

الأمر الثالث: إذا بدأت المذاكرة, وكنت لا تشعر بالرغبة, فابدأ بالمواد السهلة؛ حتى تستطيع أن تحافظ على الوقت، ولا تحتاج منك إلى بذل مزيد من الجهد الذهني, فإذا كنت نشيطًا فابدأ بالمواد الصعبة أولاً، واجعل لك ملخصًا في دفتر خارجي أو على هامش الكتاب: لخص فيه النقاط المهمة، واكتبها بوضوح؛ حتى تستطيع أن تراجعها في ليلة الاختبار.

بعد ذلك أنصحك بضرورة مذاكرة أو الاطلاع السريع على المواد التي سيتم شرحها في اليوم الجديد، فاجعلها – مثلاً - بعد صلاة الفجر، وخذ فكرة عن المواد التي سوف تُشرح في نفس اليوم، ثم بعد ذلك عليك بالتركيز على شرح المعلِّم في الصف، ولا تلتفت لأي أحد آخر، ولا تنشغل بأي شيء سوى التركيز على المدرس، فركز على كلامه، وركز على يده وهي تشرح المسائل على السبورة إذا كان الأمر يحتاج إلى ذلك.

بعد العودة مباشرة – بارك الله فيك – من المدرسة عليك بتناول طعام الغداء، ثم النوم لمدة ساعة كحد أقصى، ثم بعد ذلك تقوم لتصلي العصر، - أو تنتظر إذا كنت قبل العصر - لتبدأ المذاكرة فورًا في غرفة خاصة بك، ولا تنشغل بأي أحد، ولا يشغلك أحد، وتبدأ المذاكرة من بعد قيامك من النوم إلى صلاة العشاء.

ومن الممكن أن تأخذ ساعة أيضًا بعد العشاء، على اعتبار أن الوقت فيه متسع بالليل؛ لأنه معروف أن ليل الشتاء أطول من النهار، فتستطيع أن تذاكر ساعة أو ساعتين، ولكن لا تُجهد نفسك وتتأخر في المذاكرة، ثم بعد ذلك تتوضأ، وتصلي ركعتين قبل النوم، وتدعو الله تعالى أن يفتح عليك وأن يوفقك، ثم تنام على السنة، وبعد ذلك تقوم لصلاة الفجر لتصلي الفجر مع المسلمين في جماعة، ثم تبدأ – كما ذكرت لك – في أخذ فكرة عن جميع المواد التي سيتم شرحها في هذا اليوم.

ما الذي ستستفيده؟ ذكر علماء التربية والتربويون أنك إذا أخذت فكرة عن المواد قبل شرحها فهذه تساوي خمسة وعشرين بالمائة، وإذا ركزت على المعلم أثناء الشرح فهذه تساوي خمسة وعشرين بالمائة أيضًا، وإذا راجعت المادة في نفس اليوم فهذه تساوي خمسة وعشرين بالمائة، فصار عندك خمسة وسبعون بالمائة، وإذا راجعت هذه المواد آخر الأسبوع صار عندك مائة بالمائة، وتستطيع أن تحصل على امتياز بسهولة.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يوفقك الله، واطلب من والديك ذلك، وأنا واثق أنك سوف تستطيع أن تتفوق، ولا تجعل هناك أوقاتًا طويلة للعب أو للهو، فقد يكون عندك يوم أو يومين - الخميس، والجمعة - إجازة، فلا تجعلهما كلهما للعب أو للهو، وإنما اجعل جزءا منهما للمذاكرة، وراجع موادك من أول الدراسة، ما دمت سوف تمتحن فيها، فراجع المواد من الأول، واجعل هذه أيام الإجازة لمراجعة المواد القديمة.

وفقك الله.