أرشيف الاستشارات

الأخ/ محمد حفظه الله،،
السلام عليكم ورحمة الله،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه، وبعد:

نرحب بك -ابننا الفاضل- ونشكر لك الحرص على اختيار حافظة القرآن، التي خرجت من أسرة والدها يحفظ كتاب الله تبارك وتعالى، وأرجو أن يوفقك الله تبارك وتعالى لما يُحبه ويرضاه.

ونعتقد أن هذه الأشهر القليلة غير كافية لفهم طبيعة هذه المرأة، فأرجو أن تتعامل معها برفق، وأرجو أن تجتهد في فهمها أولاً، فإن الإنسان بعد الزواج يحتاج إلى وقتٍ لكي يفهم الزوجة ولكي تفهمه، ونتمنى ألا تدخل في معارك مثل هذه المعارك التي نعتقد أنها صغيرة، والمسألة لا أظن تحتاج لهذا التشديد من قِبلك، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يوفقك لحُسن إدارة هذه المشاكل، واعلم أن حق الزوج مُقدم على حق الأب وعلى كل أحد، لكنا نريد أن يكون في الأسلوب هدوء، ونريد أن تتعامل مع الوضع بحكمة، ونريد أن تُقدر هذا الوضع، فنحن لا ندري لماذا طلبها الوالد!؟ وإذا كانت المسافة فعلاً خمس دقائق وقد استأذنتْ منك، فلستُ أدري لماذا هذا التعنت!؟ ولماذا محاولة منعها من الذهاب لوالدها؟ وكنا نتمنى أن نعرف الأمر الذي دعاها لأجله، وكيف أنها استأذنتْ من الوالدة واستأذنت منك، فنعتقد أن الإنسان كما قيل: (إذا أردت أن تُطاع فأمرني بالمستطاع).

وإذا ثبت أن ذهابها لوالدها يُلحق ضررًا بك، كأن يكون هناك من يُحرضها أو يُشجعها على الخروج من طاعتك، عند ذلك يكون لنا حديث آخر وتوجيه آخر، وطالما الأمور كانت في بداياتها، فكنا نتمنى أن تسمح لها بالذهاب، ثم بعد ذلك تأتي فتعاتبها بينك وبينها، والأهم من ذلك أن يضع الإنسان القواعد التي سيُدير عليها أسرته ويُدير بها أسرته، ولا أظن أن بر البنت لأبيها عيب فيها، بل هو ميزة، لكننا بحاجة إلى أن نعرّفها بأن حق الزوج أولى، وأن طاعة الزوج مقدمة على طاعة كل أحد، بل نستطيع أن نوجه والدها أيضًا بأن يُشجعها على هذا الأمر، فأولى الناس بالمرأة زوجها، كما أن أولى الناس بالرجل أمه.

فنتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يوفقك الجميع لما يحبه ويرضاه، ونتمنى أن تتاح لهذه الزوجة أن تقرأ هذه الاستشارة لتعرف أن حق الزوج مُقدم، وأنها ينبغي أن تراعي مشاعر الزوج؛ لأن الشريعة لا تبيح للمرأة أن تخرج من بيت زوجه إلا بإذنه -يعني لابد أن تستأذنه- بل لا تسمح لها الشريعة أن تصوم لله تطوعًا إلا برضا الزوج وإلا بإذن الزوج، فحق الزوج عظيم في هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ونتمنى أيضًا أن تكون أنت متفهمًا لمثل هذه الأمور التي قد تحتاج لبعض الوقت.

ولست أدري لماذا لم تعُد!؟ هل لأن هناك ما يقتضي بقاءها هناك، أم لأن المشكلة تعقدت؟ ولا ينبغي أن تأخذ كلام والد الفتاة وتسحبه عليها؛ لأن الوالد كبير في السن، وقطعًا هو يعتبرك بمنزلة الابن، ولا ننصح بالاحتكاك معه، فأنت متزوج من بنته، وعليك أن تجتهد في نصح زوجتك، وتبين لها مثل هذه الأمور، ونتمنى ألا تقف طويلاً أمام مثل هذه الأمور، خاصة وأنتم في بدايات الحياة الزوجية، وإنما المفروض هو وضع القواعد المتفق عليها، تبين لها ما تحب من أجل أن تأتيه، وتعرف أيضًا ما تكرهه من أجل أن تتجنبه، كما قال أبو الدرداء لزوجته: (إذا غضبتُ فرضّني، وإذا غضبتِ رضّيتك، وإن لم نصطحب) وكما قال ابن عباس: (والله إني لا أطالب زوجتي بكل حقوقي خشية أن تطالبني بكل حقوقها) فأنتم بحاجة إلى التعارف، ثم بعد ذلك بحاجة إلى التنازل، ليكون الملتقى في منتصف الطريق، ثم بعد ذلك بحاجة إلى التفاهم، وصولاً إلى التوافق التام الذي قد يحتاج إلى بعض الوقت.

نسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، وأن يؤلف بين القلوب، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.