أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : عائلتي تفتخر بنسبها وقبيلتها على بقية الناس.. فكيف أغير هذا المفهوم؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم
أريد منكم أن تنصحوني ماذا أفعل تجاه عائلتي التي تقول إننا من قبيلة مرموقة، وترى باقي الأفراد من القبائل الأخرى أدنى منها، حتى وصل بقبيلتي أن ترى زواج إحدى فتيات القبيلة من أفراد القبيلة الدنيا فضيحة وعارا، كما أني أحاول أن أفهمهم أنه لا فرق بيننا وبينهم إلا بالتقوى، وإنهم ليسوا كفارا، بل مسلمين مثلنا، ولكنهم يردّون عليّ، ويقولون: إنني ليس لدّي غيرة لقبيلتي، وأنا لست راضية عمّا يفعلونه، فهل من نصيحة؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر فعلاً هذه المشاعر النبيلة، فإن الله تبارك وتعالى خلق الناس من آدم، وآدم خلق من تراب، (لينتهينَّ قوم يفتخرون بآبائهم أو ليكوننَّ أهون عند الله من الجعلان).

الناسُ مِن جِهَةِ التِمثالِ أَكفاءُ *** أَبوهُمُ آدَمُ وَالأُمُ حَوّاءُ
نَفسٌ كَنَفسٍ وَأَرواحٌ مُشاكَلَةٌ *** وَأَعظُمٍ خُلِقَت فيها وَأَعضاءُ
وَإِنَّما أُمَّهاتُ الناسِ أَوعِيَةٌ *** مُستَودِعاتٌ وَلِلأَحسابِ آباءُ
فَإِن يَكُن لَهُمُ مِن أَصلِهِم شَرَفٌ *** يُفاخِرونَ بِهِ فَالطينُ وَالماءُ
ما الفَضلُ إِلا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ *** عَلى الهُدى لِمَنِ اِستَهدى أَدِلّاءُ
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه *** وَلِلرِجالِ عَلى الأَفعالِ اسماءُ
وَضِدُّ كُلِّ اِمرِئٍ ما كانَ يَجهَلُهُ *** وَالجاهِلونَ لِأَهلِ العِلمِ أَعداءُ
وَإِن أَتَيتَ بِجودٍ مِن ذَوي نَسَبٍ *** فَإِنَّ نِسبَتَنا جودٌ وَعَلياءُ
فَفُز بِعِلمٍ وَلا تَطلُب بِهِ بَدَلاً *** فَالناسُ مَوتى وَأهُلُ العِلمِ أَحياءُ

والله تبارك وتعالى يقول: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فالله تبارك خلق الناس سواسية، والإنسان بعد ذلك يرتفع بتقواه، يرتفع بعلمه، يرتفع بإحسانه، يرتفع بطاعته لله تبارك وتعالى، ومختصر ذلك: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.

فأنت على صدق وخير، وستكون مسؤولية المتعلمين والمتعلمات من أمثالك كبيرة في نشر هذه المعاني الشرعية التي جاءت عن رسولنا عليه صوات الله وسلامه، والإنسان إذا كان شريفًا نسيبا حسيبًا، ولكنه عاصٍ لله ومقصر، فلا مكانة له عند الله، ولذلك كما قال الشاعر:
لقد رفَعَ الإسـلامُ سلـمـانَ فـارسٍ *** وقد وضَعَ الشِّـركُ الشريفَ أبا لَهَبْ
هو عم النبي صلى الله عليه وسلم من الشرف والرفعة، لكن لما كفر بالله وضعه الله تبارك وتعالى، فإذن العبرة بالتقوى، ومثل هذه المعاني صحيح موجودة، ونحن نعرف ذلك، والمسؤولية كبيرة على المتعلمين، على من نوّر الله بصائرهم، على الدعاة والعاملين في حقل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، من أجل أن يُفهموا الناس هذه الأمور، ومن أجل أن يبيّنوا لهم.

ونتمنى أن يكون في قبيلتكم علماء فضلاء أساتذة كرام هم الذين يتكلمون بهذا الكلام، ليبينوا لهم هذه المعاني التي جاء بها هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فالإسلام جاء فأعاد ترتيب هذه الأشياء، فلا رفعة لقبيلة إلا إذا كانت من أهل إيمان، إلا إذا سبقت في الجهاد ونصرة الدين، فعند ذلك ترتفع، ولكن لا عبرة للعصيان، ولا يمكن أن يرتفع عاصٍ لله، كما قال عمر: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين)، وقال: (لو كان سالمًا مولى ابن أبي حذيفة حيًّا لاستخلفته عليكم) مع أنه مولى، يقول هذا للصحابة الكرام، أعداد كبيرة منهم بُشِّروا بالجنة.

يقول عمر في آخر اللحظات: (لو كان سالمًا مولى ابن أبي حذيفة حيًّا لاستخلفته عليكم، فإن سألني ربي قلت: إن سالمًا يُحب الله ورسوله، ويُحبه الله ورسوله) وهو الذي قال لبعض وُلاته على مكة، وقد ترك مكة، ولقيه في الطريق: كيف تركت مكة وأتيتني؟ من استخلفتَ على أهل الوادي قال: استخلفتُ فلانًا يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: مولى من موالينا وعبدًا من عبيدنا، قال: استخلفت عليهم مولى؟! فقال: يا أمير المؤمنين إنه حافظ لكتاب الله عالم بالفرائض، قال: أحسنتَ فإني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين.

وهذه مسألة تحتاج إلى رفع التوعية الشرعية وغرس المفاهيم الشرعية حتى يفهم الأهل هذه العلاقة، ويفهم الأهل هذا الأمر، ويفهمون أن الناس إنما يرتفعون بطاعتهم لله تبارك وتعالى، والصحابة – عليهم من الله الرضوان – والقبائل العربية كان عندها هذه الأشياء، لكنها تلاشت في إيمانهم، ولذلك لما خرج بلال وسلمان إلى بعض بيوت العرب قالوا: كنا كفارا فهدانا الله، وكنا مملوكيْن فأعتقنا الله، فإن تزوجونا -فالحمد لله- وإن تردونا فسبحان الله، فقيل لهما: بل تُزوَّجان -والحمد لله-.

نحن بحاجة إلى غرس هذه المعاني في نفوس الناس، ونسأل الله أن يعين المتعلمين من قبيلتكم على غرس هذه المعاني، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ 3408 الخميس 23-07-2020 05:29 صـ
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ 3514 الأحد 19-07-2020 02:55 صـ
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! 1942 الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! 1583 الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ 4083 الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ