أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : زوجي دون مشاعر وكلما تقربت منه زاد مني بعدا فما الحل؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

متزوجة منذ عشرين سنة, ودائمًا ما كنت أعامل زوجي بحديث الرسول: "خيركم الودود" فأتودد إليه, وأبادره بالسلام والابتسامة, وأقبِّله, وأتجمل وأتطيب له, وأقابَل دائمًا بعدم الاهتمام, واللامبالاة, والتكشير, ولطالما تمنيت أن يضمني ويقبلني, ولكنه لا يفعل ذلك إلا عند قضاء شهوته, وأنا أقول لنفسي: إنه سوف يتغير مع الزمن, ولكني لاحظت أن الموضوع يزداد تعقيدًا, وعندما أكلمه بإحساسي, وأن ذلك يتعب نفسيتي يقول: إن ذلك طبعه, وأشعر بأنه يفرح لشعوري بأنه قاسٍ عليّ, ولا يهتم بي, وقد مللت من التقرب والتحبب له, والمقابلة بالصد والبعد منه, وأشعر أنني لا أستطيع الاحتمال أكثر من ذلك, فماذا عليّ فعله؟

ولكم جزيل الشكر.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يستخدمنا جميعًا في طاعته، ونشكر لك هذا الاهتمام بزوجك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناته، ونبشرك بأن خير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، فأنت تنالين الأجر والثواب على هذا الإحسان، فلا تعاملي زوجك بالمثل، بل ليكن حرصك وسعيك على أن تكوني الأفضل والأحسن دائمًا، ولا تتركي هذه العادة من الخير التي اعتدتها من حسن التودد والتبعل والاهتمام بالزوج؛ لأن الزوج لا يهتم أو لا يتجاوب معك، فلك في هذا أجر وثواب عند الله تبارك وتعالى.

ورغم تقديرنا للمعاناة التي يمكن أن تحصل لك إلا أننا نريد أن نقول – والأسف يملأ نفوسنا – إن كثيرًا من الناس ما فهم هذا الدين العظيم، وليتنا تأسينا برسولنا - عليه صلوات الله وسلامه – الذي كان في البيت ضحّاكًا بَسَّامًا يُدخل السرور على أهله، وكان يُقبِّل وهو صائم - عليه صلوات الله وسلامه – ويهتم بأهله، ويهتم بحسن معاشرتهنَّ، ويلاعبهنَّ ويلاطفهنَّ، وربما مدَّ يده ليمسح الدمعة، وربما مدَّ يده ليُلاطف - عليه صلوات الله وسلامه – وربما أمال القدح ليضع فمه في موضع فم عائشة من مكان شُربها، وربما أدار العَظْمَ ليضع فمه في موضع فِيها - عليه صلوات الله وسلامه – بل إنه - عليه الصلاة والسلام – أعلن عن حبه وعن مشاعره تجاه عائشة أمام الرجال - عليه صلوات الله وسلامه – وكأنه يريد أن يعطي دروسًا عظيمة ومعانٍ كبيرة، وكثير من الناس – بكل أسف – لم يفهم هذه الدروس, ولم يفهم هذه المعاني العظيمة التي هي طافحة وعامرة في سيرة النبي, وفي تعامله مع أهله - عليه صلوات الله وسلامه -.

ويؤسفنا بعد هذه السنوات الطوال أن ينسى الناس هذه المعاني العظيمة، بل أصبحنا عالة على غيرنا, ندرس منهم هذه الطرائق فيما يسمى بالرومانسية، ولو عدنا لهدي رسولنا خير البرية لوجدنا في ذلك العجب العجاب ما لا نستطيع أن نقوله, وما لا نستطيع أن نطرحه إلا في الإطار الصحيح, وإلا في مواضع معينة في الاستشارات المحجوبة وغيرها.

لذلك نحن فعلاً نشكر لك هذا المسعى، وأملنا الوحيد وطلبنا الوحيد أن تستمري على ما أنت عليه من الاهتمام والحفاوة، وأجرك وثوابك عند الله تبارك وتعالى.

وأرجو أيضًا أن تلتمسي لهذا الزوج الأعذار، فإنه ما شاهد هذه المشاعر في أسرته، ولا شاهدها عند عمّاته، ولا شاهدها عند خالاته، ولا شاهدها في بيئته؛ لذلك يصعب عليه أن يتفهم مثل هذه الأشياء، فكيف إذا أضفنا إلى ذلك المكابرة لأنه لا يسمع كلام امرأة، ولكن نحن نتمنى من مشايخنا الفضلاء وعلمائنا الكرام أن يكون لهم تركيز على مثل هذه المسائل؛ حتى يعطوا الزوجة حقها، حتى يعيش الناس في السعادة بأوسع معانيها كما عاش السلف الكرام - عليهم من الله الرضوان - في بيوتهم لما فقهوا وفهموا هذه الشريعة التي شرفهم الله وشرفنا الله تبارك وتعالى بها.

كذلك أيضًا ينبغي أن نلفت النظر إلى جانب آخر، وهو أننا معشر الرجال نعبر عن مشاعرنا بطرائق مختلفة، فهذا الرجل الذي لا يبادل المشاعر, ولا يبادلك كما تحبين هو لا يقصر في الصرف والإنفاق، وربما لو قلنا له: (أنت لا تحب الزوجة) لقال: (كيف وأنا الذي جئت لها بسيارة كذا, ومن الحلي كذا وكذا، ومن الذي يبذل الطلبات) فإذن هو يعبر عن حبه بالعطاء، لكن هذا لا يكفي؛ لأن المرأة والرجل أيضًا بحاجة إلى أن يسمع كلمات الحب المباشرة، ولابد أن يسمع الطفل هذه الكلمات، ولابد أن تتكرر هذه الكلمات، والدراسات تشير إلى أن الطفل الذكر بحاجة إلى أن يسمع في اليوم على الأقل ثلاث مرات (أحبك يا صالح) والبنت أقل شيء خمس مرات (أحبك يا فاطمة).

ولكن الدراسات لما تعمقت قالوا: نضع أمام الثلاثة صفر وأمام الخمسة صفر، بل الدراسات الآن تشير إلى حاجة الزوج أن يضم الزوجة في اليوم مرارًا والزوجة تضم الرجل كذلك مرارًا، وهذه المعاني مهمة جدًّا ينبغي أن ينتبه لها الأزواج الذين ينبغي أن يستخدموا لغة اللمس، ولغة النظر، ولغة المشاعر النبيلة، وإظهار الثناء والمدح للشريك الآخر؛ لأن هذه الأشياء أساسية في الحياة، وبدون هذه العواطف وإعلان المشاعر تُصبح الحياة جافة.

وأنا أريد أن أقول: هذه المشاعر بالتأكيد موجودة بين كل زوجين، لكنها بكل أسف لا تظهر إلا عندما تموت الزوجة؛ حيث يبكي عليها طويلاً، لا تظهر إلا عندما يموت الزوج تبكي عليه طويلاً، عندما يمرض الولد تبكي عليه طويلاً، وهذه مشاعر نحن لا نستفيد منها، لكن لابد أن نعبر عن مشاعرنا وعما في نفوسنا، ونعلن هذه المشاعر, وهذا كان هديًا للرسول عليه الصلاة والسلام حتى في تعليمه وتربيته لأصحابه، فهو الذي قال لمعاذ بن جبل: (والله إني لأحبك، فلا تنسى أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك), وأنجح تعليم ما كان بعد إعلان المشاعر، وأنجح علاقة ما بين زوجين ما كان بعد إعلان المشاعر، وأنجح ممارسة مع الأبناء ما كان فيها إعلان للمشاعر، فهذه المعاني ينبغي أن تكون واضحة.

نحن نتمنى لو كان بالإمكان أن يطلع الزوج على هذه الإجابة، وتجلبي إلى البيت - إذا لم يكن في هذا حرج - بعض الكتب التي تتكلم عن هذه المسائل، خاصة تلك التي تعكس هدي النبي عليه صلوات الله وسلامه، ولطف النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله، حيث كان ضحاكًا بسّامًا - عليه صلوات الله وسلامه - ويشارك أهله الهموم والعمل، وهو الذي طبق هذا عمليًا, ثم قال للرجال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي), ولو حاولنا أن ننظر من زاوية أخرى فإننا نستطيع أن نقول: لا خير في من لا خير فيه لأهله.

نسأل الله أن يرزق الجميع السداد، وأن يقدر لكم الخير حيث كان, ثم يرضيكم به، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يصلح ذات بينكم، هو ولي ذلك, والقادر عليه.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
ما نصيحتكم لي وقد تزوجت ولا أجد الراحة؟! 2174 الأربعاء 12-08-2020 02:37 صـ
أوهمت زوجتي أني مرضت بعد الخطوبة.. والحقيقة أنها منذ البلوغ 3603 الثلاثاء 07-07-2020 06:38 صـ
زوجتي تطاولت علي بالألفاظ والأيدي، هل أطلقها؟ 48815 الاثنين 29-06-2020 04:47 مـ
زوجي يطلب مني تجهيز أشياء لم يطلبها! 2244 الثلاثاء 30-06-2020 05:16 صـ
لدي سوء فهم لطبيعة المعاملات الزوجية، أرجو التوجيه والإرشاد. 3370 الأربعاء 03-06-2020 04:02 صـ